06 نوفمبر 2024
بماذا تعنينا انتخابات أوكرانيا؟
فوز الممثل الكوميدي فلاديمير زيلينسكي بانتخابات الرئاسة الأوكرانية الأسبوع الحالي ليس تفصيلا صغيرا يمكن تجاهله، على الرغم من انشغال العالم بأحداث أخرى مهمة (من ارتفاع منسوب التوتر بين واشنطن وطهران إلى تفجيرات سريلانكا)، فضلا عن تنامي حالة عدم اليقين إزاء سلسلة من التفاعلات السياسية والاقتصادية العالمية، وارتداداتها المرتقبة (مشكلة الديون، الحروب التجارية، الذكاء الصناعي، الإسلاموفوبيا، أزمة الديمقراطية وغيرها). فوصول زيلينسكي إلى السلطة في أوكرانيا يُعد الأخير في سلسلةٍ مستمرة من صعود الشعبوية التي لم تعد حالة خاصة بثقافةٍ، أو إقليم جغرافي، أو نظام سياسي - اقتصادي معين، فمن مركز العالم (الولايات المتحدة وأوروبا) إلى دائرته نصف الطرفية (البرازيل والهند وإندونيسيا وتركيا) إلى أطرافه (بوليفيا وفنزويلا ومصر وغيرها) تزحف الشعبوية بطريقةٍ باتت تهدّد معالم النظام الدولي، ومرتكزاته الاقتصادية والسياسية والأمنية، مستعينة بوسائل التواصل الاجتماعي، التي باتت أبرز أدوات صعودها.
هذا على مستوى الظاهرة، أما سياسيا، فسوف يحكم زيلينسكي الذي تقتصر خبرته على الكوميديا ثاني أكبر دولة في أوروبا بعد فرنسا من حيث المساحة (603 آلاف كيلو متر مربع)، وسادسها من حيث السكان (45 مليون نسمة تقريبا). فوق ذلك، تعد أوكرانيا، على الرغم من أنها تصنف بين الدول النامية، ثاني أكبر قوة عسكرية في أوروبا. وتتمتع بموقع جغرافي فريد، يجعلها في قلب الصراع الدائر بين روسيا ودول الغرب الأورو- الأميركي، فهي بالنسبة لروسيا عقدة جيوسياسية وأمنية، وكانت، حتى ما قبل ضم القرم، تتحكّم بمنافذها على البحر الأسود، ومنه إلى المتوسط، وكانت خسارتها في العام 2014 أكبر ضربة يتلقاها الرئيس بوتين منذ اعتلائه سدة الحكم في روسيا عام 2000، وقد حاول مستشار الأمن القومي الأميركي الأسبق، زبغنيو بريجنسكي، أن يختصر أهمية أوكرانيا بالنسبة إلى روسيا بقوله: "روسيا بدون أوكرانيا تصبح مجرد دولة آسيوية". أما بالنسبة للغرب، فتعد أوكرانيا عماد سياسة احتواء روسيا وتقليم طموحاتها الإقليمية والدولية، خسارتها روسيا تضع الأخيرة في قلب أوروبا، لا يفصلها عن ألمانيا إلا بولندا.
وفيما يبدو أن الغرب ما زال يحاول فهم معنى وصول زيلينسكي إلى السلطة، لا يبدو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حتى الآن مرتاحا كثيرا لنتيجة الانتخابات الأوكرانية، على الرغم من أنها أدت إلى اطاحه أشرس خصومه الأوكرانيين (الرئيس المنصرف بترو بوروشينكو)، إذ يسود اعتقاد في دوائر النخبة الروسية أن زيلينسكي لن يكون أكثر من دمية بيد الملياردير الأوكراني اليهودي، إيغور كولومويسكي، الذي يدعمه، ويعتقد أنه كان وراء فكرة إطلاق المسلسل التلفزيوني "خادم الشعب"، والذي أدى فيه زيلينسكي دور مواطن عادي يصبح رئيساً لأوكرانيا، واشتهر من خلاله. وقد جرى بث المسلسل العام الماضي، على قناة "1+1" الأوكرانية، المملوكة لكولومويسكي الذي يعيش حالياً في إسرائيل، ويُعرف عنه أنه على عداء شديد مع روسيا، تعود أسبابه إلى نزاع مالي وقع بينه وبين الملياردير الروسي، رومان أبراموفيتش، ساند فيه الرئيس بوتين هذا الأخير. لكن آخرين يعتقدون أن العلاقة القوية التي تربط كولومويسكي مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، والذي يرتبط بدوره بعلاقةٍ شخصيةٍ وطيدةٍ مع الرئيس الروسي قد تجعل من إسرائيل لاعبا مهما في المسألة الأوكرانية، وقد تؤدّي إلى تأسيس مسار جديد في العلاقة بين روسيا وأوكرانيا.
ويأمل بوتين أيضًا أن يسهم نتنياهو، الذي تنافس والرئيس الأميركي، دونالد ترامب، في مساعدته على الفوز في الانتخابات البرلمانية أخيرا في إسرائيل، في التقريب بين موسكو وواشنطن، بخصوص النزاع في أوكرانيا. وبدا مثيرا لاهتمام وسائل الإعلام أخيرا، الدور الذي لعبه نتنياهو في إقناع الرئيس ترامب برفع العقوبات الأميركية عن رجل الأعمال المقرّب من بوتين، أولاغ ديرباسكا، على الرغم من تأكيد وزارة الخارجية الأميركية على أهمية بقائها حتى تسحب روسيا قواتها من شرق أوكرانيا. إذا تطورت الأمور بهذا الاتجاه، نصبح أمام مسرح آخر من مسارح التعاون الروسي – الإسرائيلي، الممتد من سورية حتى أوكرانيا، ومن المحتمل أن ينضم إليه ترامب، إذا تمكّن من التغلب على اعتراضات مؤسسة الحكم في واشنطن.
هذا على مستوى الظاهرة، أما سياسيا، فسوف يحكم زيلينسكي الذي تقتصر خبرته على الكوميديا ثاني أكبر دولة في أوروبا بعد فرنسا من حيث المساحة (603 آلاف كيلو متر مربع)، وسادسها من حيث السكان (45 مليون نسمة تقريبا). فوق ذلك، تعد أوكرانيا، على الرغم من أنها تصنف بين الدول النامية، ثاني أكبر قوة عسكرية في أوروبا. وتتمتع بموقع جغرافي فريد، يجعلها في قلب الصراع الدائر بين روسيا ودول الغرب الأورو- الأميركي، فهي بالنسبة لروسيا عقدة جيوسياسية وأمنية، وكانت، حتى ما قبل ضم القرم، تتحكّم بمنافذها على البحر الأسود، ومنه إلى المتوسط، وكانت خسارتها في العام 2014 أكبر ضربة يتلقاها الرئيس بوتين منذ اعتلائه سدة الحكم في روسيا عام 2000، وقد حاول مستشار الأمن القومي الأميركي الأسبق، زبغنيو بريجنسكي، أن يختصر أهمية أوكرانيا بالنسبة إلى روسيا بقوله: "روسيا بدون أوكرانيا تصبح مجرد دولة آسيوية". أما بالنسبة للغرب، فتعد أوكرانيا عماد سياسة احتواء روسيا وتقليم طموحاتها الإقليمية والدولية، خسارتها روسيا تضع الأخيرة في قلب أوروبا، لا يفصلها عن ألمانيا إلا بولندا.
وفيما يبدو أن الغرب ما زال يحاول فهم معنى وصول زيلينسكي إلى السلطة، لا يبدو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حتى الآن مرتاحا كثيرا لنتيجة الانتخابات الأوكرانية، على الرغم من أنها أدت إلى اطاحه أشرس خصومه الأوكرانيين (الرئيس المنصرف بترو بوروشينكو)، إذ يسود اعتقاد في دوائر النخبة الروسية أن زيلينسكي لن يكون أكثر من دمية بيد الملياردير الأوكراني اليهودي، إيغور كولومويسكي، الذي يدعمه، ويعتقد أنه كان وراء فكرة إطلاق المسلسل التلفزيوني "خادم الشعب"، والذي أدى فيه زيلينسكي دور مواطن عادي يصبح رئيساً لأوكرانيا، واشتهر من خلاله. وقد جرى بث المسلسل العام الماضي، على قناة "1+1" الأوكرانية، المملوكة لكولومويسكي الذي يعيش حالياً في إسرائيل، ويُعرف عنه أنه على عداء شديد مع روسيا، تعود أسبابه إلى نزاع مالي وقع بينه وبين الملياردير الروسي، رومان أبراموفيتش، ساند فيه الرئيس بوتين هذا الأخير. لكن آخرين يعتقدون أن العلاقة القوية التي تربط كولومويسكي مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، والذي يرتبط بدوره بعلاقةٍ شخصيةٍ وطيدةٍ مع الرئيس الروسي قد تجعل من إسرائيل لاعبا مهما في المسألة الأوكرانية، وقد تؤدّي إلى تأسيس مسار جديد في العلاقة بين روسيا وأوكرانيا.
ويأمل بوتين أيضًا أن يسهم نتنياهو، الذي تنافس والرئيس الأميركي، دونالد ترامب، في مساعدته على الفوز في الانتخابات البرلمانية أخيرا في إسرائيل، في التقريب بين موسكو وواشنطن، بخصوص النزاع في أوكرانيا. وبدا مثيرا لاهتمام وسائل الإعلام أخيرا، الدور الذي لعبه نتنياهو في إقناع الرئيس ترامب برفع العقوبات الأميركية عن رجل الأعمال المقرّب من بوتين، أولاغ ديرباسكا، على الرغم من تأكيد وزارة الخارجية الأميركية على أهمية بقائها حتى تسحب روسيا قواتها من شرق أوكرانيا. إذا تطورت الأمور بهذا الاتجاه، نصبح أمام مسرح آخر من مسارح التعاون الروسي – الإسرائيلي، الممتد من سورية حتى أوكرانيا، ومن المحتمل أن ينضم إليه ترامب، إذا تمكّن من التغلب على اعتراضات مؤسسة الحكم في واشنطن.