بليند وستروتمان.. سيارة اليونايتد تحتاج إلى المحرك قبل الطلاء

22 نوفمبر 2014
ستروتمان قد يكون الحل الأخير لأزمة مان يونايتد
+ الخط -


"إصابته ليست سهلة لكنه لن يغيب لفترات طويلة". تحدث لويس فان جال عن لاعبه بليند بهذا الشكل خلال آخر مؤتمراته الصحافية، فوصل كلام الهولندي إلى بعض وسائل الإعلام بطريقة مغايرة، ليعتقد أغلب الأنصار أن لاعب الارتكاز أصيب بشكل بالغ في الركبة، قبل أن يتم النفي الرسمي من جانب إدارة اليونايتد والتأكيد أن غياب بليند لن يصل بأي حال من الأحوال إلى ستة أشهر.

ويأتي هذا اللغط الكبير ليؤكد أهمية النجم الشاب في تشكيلة مانشستر، ومكانته الخاصة عند مختلف جماهير الفريق، لذلك يستحق غيابه دراسة خاصة عن قدراته ومزاياه الفنية، مع التطرق إلى أعظم مشكلة تواجه شياطين الأولد ترافورد، سواء في وجود بليند أو غيابه، ألا وهي منطقة الوسط، المعضلة التي تؤرق الخال على طول الخط.

اللاعب الشامل
فرانك دي بوير أحد أفضل المدربين في السنوات الأخيرة، لأنه قام بصناعة فريق مثالي وفاز بالدوري الهولندي للعام الرابع على التوالي بأقل التكاليف الممكنة، كما ساهم في عودة أياكس مرة أخرى إلى الباب الأوروبي من خلال مواجهات "التشامبيونز"، وتقديم شبان النادي الهولندي مستوى جيداً جداً مقارنة بالقدرات المالية المحدودة التي يدير بها النادي ملف الفريق الأول لكرة القدم.

راهن المدرب الشاب على تكتيك الـ 3-7، بمعنى 3 مدافعين و7 لاعبين مع حارس المرمى، وهذه الفكرة تعتبر قريبة من الكرة الشاملة التي انتشرت في هولندا وأوروبا منذ فترة السبعينيات بالقرن الماضي. وضع الرجل فريقه أياكس على الطريق الصحيح من جديد، ويدين دي بوير بالكثير من تطبيق أفكاره داخل الملعب إلى النجم الشاب دالي بليند.

بليند لعب لفترات طويلة كلاعب ظهير على اليسار، يدافع على الخط وينطلق إلى الأمام شاغلاً دور الجناح المهاجم، وكان يقوم بدور الارتكاز في أياكس، الدنماركي بولسن. لكن خلال الموسم الأخير له في الأرينا أمستردام، أصبح بليند هو قائد المركز 4 بالملعب، أي المنطقة بين خط الدفاع ودائرة المنتصف، وبمعنى أكثر وضوحاً، يعتبر الهولندي كارتكاز دفاعي صريح.

مركز داخل الملعب قريب إلى حد ما بمركز الـ Center-Half أي اللاعب الذي يبدأ المباراة كلاعب وسط عند الاستحواذ، وفي حالة فقدان الكرة يتحول إلى مدافع ثالث، لكن لعب بليند الدور بذكاء أكبر وبمهارة تناسب الكرة الحديثة في الألفية الجديدة، لذلك تحكم في الفراغات ببراعة، وعاد كثيراً بين قلبي الدفاع من أجل تحول الظهيرين إلى الأمام، والتحول من 4-3-3 إلى 3-4-3 الهجومية.

دالي هو الظهير الذي يتحول لكي يصبح لاعب ارتكاز دفاعي، ومن ثم المشاركة في المونديال مع الطواحين الهولندية، ليتألق الشاب ويدخل ضمن قائمة نجوم كأس العالم، لأنه لعب تحت قيادة فان جال في أكثر من مركز، كمدافع صريح وظهير أيسر ولاعب وسط، وأحياناً مهاجم ليستحق عن جدارة لقب اللاعب الأكثر شمولاً في التشكيلة البرتقالية.

منقذ اليونايتد
حاز بليند على ثقة وحب جماهير اليونايتد منذ اليوم الأول له داخل قلعة الأولد ترافورد، وبعيداً عن أدائه المميز وأسلوبه الكروي الرفيع المقام، فإنه ذلك الشخص الذي جعل لويس فان جال يستغني عن بعض أفكاره ويترك طريقة اللعب 3-5-2 التي تسببت في بداية كارثية للفريق الأحمر بالدوري الإنجليزي الممتاز، وذلك بسبب المساحات الشاسعة خلف الظهيرين والنسق السريع للبريمير، فظهر دفاع مانشستر وخط وسطه في هيئة يُرثى لها.

قام ناشئ أياكس السابق بدور همزة الوصل في الخروج من عباءة 3-5-2 والدخول إلى عالم الجوهرة مع خطة 4-4-2 Diamond ثم 4-3-3 بالتركيز على مهاجم واحد وخلفه ثنائي من صناع اللعب. وفي كل هذه الاختيارات، ظل بليند الرقم 1 في الوسط كلاعب ارتكاز أمام الدفاع يُعطي الحرية الكاملة للأسماء القادرة على صناعة شيء جديد بالثلث الهجومي الأخير كأنخل دي ماريا وخوان ماتا وواين روني.

وعلى صعيد الاحصائيات، دالي لعب 303 تمريرات من الخلف إلى الأمام، بمعدل أكبر من كل لاعبي الوسط بالبطولة المحلية الإنجليزية، مما يدل على رؤيته المميزة هجومياً وقدرته على الصعود بالكرة من الدفاع إلى الثلث الهجومي. ويعتبر أيضاً اللاعب الأفضل دفاعياً في فريق مانشستر، بقدرته على قطع الكرات والقيام بالفرملة المشروعة برقم مشترك يصل إلى 44، أي يتفوق على كل لاعبي فريقه بمسافات بعيدة.

وإذا أراد فان جال تعويض غياب بليند، فإن الأمر لن يتعدى مرحلة "الترقيع" فقط، لأن قائمة مانشستر الحالية لا تضم لاعباً آخر قادراً على القيام بمهام الهولندي الصغير، خصوصاً مع الإصابات المتكررة لمايكل كاريك، اللاعب الوحيد الذي يستطيع شغل مركز الارتكاز منفرداً، لذلك من الطبيعي والمنطقي أن يلعب المدرب بعدة تركيبات تكتيكية خلال الفترة القادمة لحين عودة دالي مرة أخرى، من 4-2-3-1 إلى 3-5-2 وربما مُسميّات أخرى.

على المدى البعيد

عودة بليند وحدها لا تعني حل جميع مشكلات مانشستر يونايتد، وذلك لأن الفريق الحالي لفان جال يفتقد إلى أبسط درجات التكامل في الشكل الأخير، هجوم كاسح يضم أسماء كبيرة، وبدلاً من صانع لعب واحد يوجد اثنان، مع دفاع منقوص وخط وسط غير مثالي، لذلك من الممكن أن يتحسن أداء الفريق مستقبلاً، لكن لن يصل بعيداً في بطولة الدوري ولن يستطيع الوقوف على أقدامه أمام تشيلسي في المنافسة على قمة الدوري الإنجليزي.

ومن بين الأسماء المتاحة، هناك أرتورو فيدال نجم يوفنتوس وكيفن ستروتمان لاعب روما، ويراقب مسؤولو اليونايتد ثنائي الدوري الإيطالي منذ فترة ليست بالقليلة، وإذا تم الاختيار فالأرجح سيكون الذهاب إلى العاصمة الإيطالية حيث يعود الهولندي إلى التألق من جديد مع كتيبة المدرب رودي جارسيا، لأن ستروتمان هو العنصر الذي سيضيف التناغم والانسجام إلى مجموعة مانشستر البعيدة كل البعد عن مصطلح الفريق الجماعي.

فيدال لاعب غير عادي، يدافع ويهاجم، يقطع الكرات ويسجل الأهداف، هو نموذج مثالي لمفهوم "البوكس تو بوكس" في التكتيك الجديد، لكن فريق اليونايتد يملك أوراق الباسكي هيريرا، القادر على القيام بنفس أدوار فيدال، بكل تأكيد اللاتيني يمتاز بخبرات أكبر لكن مع الوقت سيصل أندي إلى مستوى مضاعف تحت قيادة الخال الهولندي.

أما ستروتمان فهو لاعب أقرب إلى ضابط الإيقاع والمايسترو الذي يضيف التوازن إلى توليفة الوسط، بسبب قدرته على التمرير وصناعة الأهداف مع دوره الدفاعي المميز، لذلك يستحق لقب "الديب لاينج" أو لاعب الدائرة الذي ينظم اللعب بين ارتكاز مثل بليند وصانع لعب متحرك بقيمة دي ماريا، من أجل الوصول إلى أفضل صيغة مناسبة تناسب أحلام فان جال ومثلثاته الهجومية في منطقة مناورات اليونايتد.

لذلك إذا اعتبرنا وسط مانشستر بمثابة السيارة الرياضية ذات المقومات المميزة، فإن بليند سيكون الطلاء الذي يعطيها اللون الجذاب، أما ستروتمان فهو المحرك الذي لا غنى عنه في أي سباق.

المساهمون