وبعد حركة "النهضة" التي حصلت على نسبة 29,68 في المائة من الأصوات، و"نداء تونس" الذي حلّ ثانياً بنسبة 22,17 في المائة، حصلت "الجبهة الشعبية اليسارية" التي تضم عدداً من الأحزاب على نسبة 3,6 في المائة، أي بعيداً عن "النداء" بنحو 19 نقطة، ما يؤكد الهوة الشاسعة التي تبعدها عن منافسيها.
وتمكن "حزب التيار الديمقراطي"، الذي يعتبر مفاجأة هذه الانتخابات، من القفز إلى المرتبة الرابعة، بنسبة 2.85 في المائة، متقدماً على حزب "مشروع تونس" الذي يتزعمه محسن مرزوق، والذي لم يحصل إلا على نسبة 1,72 في المائة من الأصوات. وكان مرزوق، المنشق عن "نداء تونس"، قد قاد حملة شرسة على "النهضة" لأشهر، مقدماً نفسه بديلاً عن "النداء" في منافسة هذا الحزب.
إلى ذلك، حصلت "حركة الشعب" على 1,39 في المائة، و"آفاق تونس"، الذي غادر الحكومة ووثيقة قرطاج على 29 ,1 في المائة فقط، علماً أنه الحزب الرابع في البرلمان بحسب ما أفرزت انتخابات 2014.
وجاءت بقية النتائج مؤكدة غياب أحزاب عن المشهد العام، إذ حصل "الحزب الدستوري الحر" على نسبة 1,06 في المائة، و"الاتحاد المدني" الذي يضم 11 حزباً على بنسبة 0,92 في المائة، و"حزب المبادرة" على 0,32 في المائة، وحزب "بني وطني" المنشق عن "نداء تونس" على 21 ,0 في المائة، و"الاشتراكي" على 0,18 في المائة، و"الاتحاد الشعبي الجمهوري" على 0,1 في المائة، وحزب "تنظيم الأجيال" على 0,08 في المائة. وحصل حزب "حركة تونس أولاً"، المنشق عن "نداء تونس"، على مقعدٍ وحيد بعد حصوله على نسبة 0,01 في المائة، و"حزب المستقبل" على مقعد، بنسبة مماثلة.
وإذا كان مفهوماً أن تحصل أحزاب صغيرة على بعض المقاعد فقط في بعض الدوائر القليلة التي ترشحت فيها، بحكم إمكاناتها المادية المحدودة، فإن اللافت هو تراجع أحزاب تقودها شخصيات سياسية معروفة الى مراتب متأخرة جداً، على الرغم من أنها كان قد أحدثت حولها ضجيجاً إعلامياً وانتخابياً كبيراً، ودخلت في خلافات كبيرة مع "أحزابها الأم"، خصوصاً "نداء تونس"، الذي تشظى إلى أحزابٍ وكانتونات صغيرة عدة.
ويفسر الأمين العام للحزب الاشتراكي، محمد الكيلاني، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن حزبه حصل على 13 مقعداً بنسبة 0,18 في المائة من الأصوات، وهي نتيجة مرضية، لأن مشاركة الحزب كانت رمزية، وتم اختيار مناطق في الشمال الغربي التونسي، قدموا فيها وجهة نظرهم ورؤيتهم للانتخابات المحلية، معتبراً أن العملية كانت صعبة، خاصة في ظل ضعف الإمكانات المادية، إذ إنهم اكتفوا بمعلقات صغيرة وبيانات وانتقلوا إلى المناطق بوسائلهم الخاصة، وأحياناً "سيراً على الأقدام"، على حد قوله.
ولفت الكيلاني إلى أنه في ظلّ ارتفاع التكلفة مقارنة بالأعوام السابقة، فإن الحزب راضٍ عما تحقق، خصوصاً أنهم دعموا أيضاً قوائم مستقلة وأخرى ائتلافية، وبالتالي فإن العدد الحقيقي يصل إلى 21 مقعداً، مؤكداً أن العدد والنسبة يبقيان ضعيفين مقارنةً بالأحزاب الكبرى، ولكن الأهم بالنسبة هو "إقناع الناخبين رغم ضعف الإمكانات".
وقال الكيلاني إن "نسبة 0 فاصل" لا تزعج الحزب أبداً، مؤكداً مشاركة "الاشتراكي" في الانتخابات التشريعية المقبلة، على أن ينطلق هذا الحزب في التحضير لها مبكراً، معوّلاً على موارده الذاتية وطاقاته بالتعبئة لهذه الانتخابات منذ اليوم.
وللإشارة، فقد برزت عبارة "أحزاب الصفر فاصل" في مواقع التواصل بعد انتخابات 2014 وأطلقت على بعض أحزاب المعارضة التي كانت تقود المشهد التونسي إعلامياً، ولكنها لم تتمكن من تحقيق نتائج مهمة في تلك الانتخابات.
من جهتها، اعتبرت المسؤولة الإعلامية في الاتحاد الشعبي الجمهوري، بسمة الحداد، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن أسباب حصول الحزب على سبعة مقاعد و0,1 في المائة فقط، تعود إلى "العزوف وفقدان ثقة التونسيين بالأحزاب"، معتبرة أنه "لم يكن بإمكان الأحزاب الصغيرة الحصول على نتائج أفضل"، وأنهم قدموا 11 قائمة فقط "بسبب الشروط التي فرضها القانون الانتخابي".
من جهته، اعتبر القيادي في "حركة تونس أولاً"، رضا بالحاج، الذي كان مديراً لـ"نداء تونس" ولديوان الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي قبل الانشقاق والاستقالة، أن الحركة لم تكن تخطط للمشاركة في الانتخابات البلدية، ولكن بعد تأجيل الموعد، قررت المشاركة ضمن الاتحاد المدني، واصفاً التجربة بـ"الواعدة".
ورأى بالحاج في تصريح لـ"العربي الجديد" أن النتيجة لا يجب أن تقرأ بحسب "النسبة"، لأن حزبه دخل في 37 دائرة بلدية فقط، وبالتالي فإن وزن المقاعد التي حصلوا عليها مهم.