بكالوريا الجزائر إلى تأجيل

14 مارس 2018
متى يتقرّر مصيرهنّ؟ (Getty)
+ الخط -

تحاول الحكومة الجزائرية مسابقة الزمن لاستدراك الكمّ الكبير من الدروس المقرّرة في المنهاج الدراسي، بعد شهر من الإضراب العام الذي نفذته نقابة المجلس الوطني المستقل، وقبل ثلاثة أشهر من نهاية السنة الدراسية وحلول موعد الامتحانات النهائية، خصوصاً بالنسبة إلى تلاميذ الصف النهائي المقبلين على شهادة البكالوريا. يُذكر أنّ إضرابات متتالية أخرى كانت قد سبقت الأخير، ساهمت بدورها في تأخير الدروس.

وتسعى وزارة التربية في الجزائر إلى استغلال الوقت المتبقي قبل امتحانات نهاية السنة الدراسية، لإنهاء المقرر الدراسي عبر دمج الدروس وتقليص مدّة كلّ حصة، ووضع جدول للساعات الإضافية لتعويض الدروس المتأخرة، خصوصاً تلك التي ترتبط بامتحانات نهاية السنة.

وفي خطّتها للاستدراك، اقترحت الحكومة تأجيل الامتحانات النهائية، خصوصاً امتحانات البكالوريا لمدة أسبوعَين، وبدلاً من السابع من يونيو/ حزيران المقبل تُحدّد خلال الفترة الممتدة ما بين 19 و24 يونيو/ حزيران. ومن شأن ذلك السماح للمدرّسين باستدراك البرنامج والوقت الضائع خلال الإضرابات الماضية ويتيح للتلاميذ استكمال الدروس والمراجعة والاستعداد النفسي والعلمي الكافي للامتحانات. وقد أبلغت وزيرة التربية الوطنية نورية بن غبريط النقابات وجمعيات أولياء التلاميذ بمقترح التأخير، موضحة أنّه "يتمّ إطلاق استشارة واسعة حول تواريخ بكالوريا 2018 وذلك بالاتفاق مع شركائها الاجتماعيين المعتمدين، حرصاً من وزارة التربية على توفير أفضل حظوظ النجاح للتلاميذ ومراعاة للقلق الذي عاشوه خلال الفترة الماضية".


ولم تبدِ النقابات وجمعيات أولياء التلاميذ اعتراضها على هذا المقترح، بل عبّرت الأخيرة عن موافقتها على هذا المقترح. لكنّ بن غبريط وفي تصريحات لها، أكّدت أنّ "الأمر يتعلق بإرادة الأساتذة والمعلّمين ومدى استجابتهم لمخطط التعويض المقترح". وبحسب رئيس جمعية أولياء التلاميذ أحمد خالد، فإنّ تمديد فترة الدراسة نسبياً وتأخير الامتحانات كانا ضروريَين، لمنع استغلال العطلة الربيعية المقبلة في استدراك الدروس ومنح فرصة راحة تربوية للتلاميذ والمدرّسين، بعد الإرهاق النفسي الذي طاولهم نتيجة إضراب نقابة المجلس الوطني. كذلك، لم تعارض نقابة المجلس الوطني المستقل لأساتذة التعليم الثانوي والتقني هذه الفكرة، خصوصاً أنّها حرصت في وقت سابق على الإبقاء على تواريخ العطلة الربيعية كفترة راحة إلزامية للمدرّسين والتلاميذ، ورفض تعويض الساعات والدروس الضائعة خارج أوقات العمل والمدّة أو خلال العطلة.

تجدر الإشارة إلى أنّ تحديد مواعيد امتحانات الباكالوريا في الفترة الممتدة بين السابع من يونيو و11 منه، كمقترح أوّل، والذي يتزامن مع نهاية شهر رمضان، يطرح مشكلات كثيرة. ولعلّ أبرزها عدم توفّر النقل في الصباح خلال هذا الشهر في الجزائر، بسبب سهر سائقي مركبات النقل وعملهم في الليل، خصوصاً أنّ الامتحانات تبدأ في الساعة الثامنة صباحاً والتلاميذ مطالبون بالوصول في وقت أبكر. وهذا الأمر كان قد تسبّب في مشكلات في المناطق الداخلية خلال السنة الدراسية الماضية، إذ منع تلاميذ متأخرون من الخضوع إلى الامتحانات على سبيل المثال. وفي السياق، قدّم عدد من الخبراء التربويين مقترحاً للحكومة يقضي بتأخير الامتحانات إلى ما بعد عيد الفطر، والعمل بمقترح الوزارة الثاني والمتعلق بتاريخ 19 يونيو/ حزيران.

في المقابل، ثمّة مشكلة تُطرَح في حال جرى تأخير الامتحانات إلى نهاية يونيو/ حزيران، وتتعلق بتلاميذ المناطق الجنوبية الصحراوية التي ترتفع فيها معدّلات درجات الحرارة لتصل أحياناً إلى 41 درجة مئوية، وهو الأمر الذي من شأنه أن يصعّب على التلاميذ الخضوع للامتحانات في ظروف مناسبة. فحالات إغماء عدّة تُسجَّل بين الممتحنين في الأقسام حيث لا تتوفر في الغالب مكيّفات، وهو ما أثارته جمعيات أولياء التلاميذ في مناطق الجنوب التي راسلت الحكومة طالبة منها أخذ الأمر في عين الاعتبار.


من جهتهم، يطالب التلاميذ المقبلون على الامتحانات النهائية والحاسمة كشهادة البكالوريا، وزارة التربية بتحديد عتبة الدروس التي سوف تشملها الامتحانات والتي يتوجب عليهم مراجعتها قبلها، وهو ما جرت عليه العادة في السنوات الدراسية الماضية. لكنّ وزارة التربية التي ما زالت تدرس الأمر، قد لا تذهب في هذا الاتجاه الذي يصفه مراقبون كثيرون بالعادة السيئة التي يحاول التلاميذ تحويلها إلى مكسب سنوي. بالنسبة إليهم، ما دام المقرّر الدراسي يستكمل كله، فإنّه من الممكن أن تكون كل الدروس محل أسئلة في الامتحانات.
دلالات