بعد يناير 2011.. اليسار المصري إلى أين؟

14 يناير 2015
اليسار في الوقت الحالي لن يحقق أي نتائج (أ.ف.ب)
+ الخط -

يمر اليسار المصري بلحظات ضعف وقوة بينها انقسام بين طرفيه، فمنهم مَن يطلق على نفسه اليسار الثوري، والجانب الآخر يطلق عليه اليسار الستاليني. بين هذا وذلك، يتبادل الطرفان الاتهامات بأن كل طرف، من الآخر، قد انحاز عن المسار الحقيقي لليسار الذي بُني على أسس واضحة تدعو إلى العدالة والمساواة بين جميع أفراد المجتمع، بالإضافة إلى التوزيع العادل للسلطة دون تركزه في يد الطبقة الحاكمة.

فمن المؤكد أن ثورة الخامس والعشرين من يناير/ كانون الثاني 2011 كانت حدثاً عظيماً لليساريين في خطوة لبناء مجتمع يقوم على أسس العدالة والكرامة، ولكن فرصتهم قد باءت بالفشل طيلة الأربع سنوات التي مضت على ثورة يناير نتيجة لتولي الإسلاميين مقاليد الحكم وعملهم على النظام الإصلاحي بدلاً من التغيير الجذري الذي يهدف له اليسار، ومروراً بعدها بالسلطة العسكرية التي تحكم حالياً بنظام قمعي شديد لا يرحم أحداً ويقوم على هدم كل ما يمسّ بقيم العدالة بشيء على حد وصفهم.

يري اليساريون الذين يعبّرون عن وجهة نظر الثورة المصرية في يناير 2011، أن الأنظمة التي حكمت مصر إبان تلك الفترة هي أنظمة قمعية حتى وقتنا الحالي، فهي أنظمة لم تحقق ما اندلعت الثورة لأجله، معتمدين في ذلك على الإجراءات القمعية نفسها التي كان يتخذها نظام حسني مبارك وما قبله، متناسين أن الثورة شارك فيها الطالب والعامل في المصنع والفلاح وكل مَن كان يسعى لتحقيق مطالب الثورة من عيش وحرية وعدالة اجتماعية وكرامة إنسانية.

وبعد أن تولى الرئيس عبد الفتاح السيسي مقاليد الحكم، العام الماضي، قام اليسار، بالتنسيق مع من بقي من التيارات الثورية على الفكر والرؤى نفسها، بتكوين تحالف سياسي ثوري يقوم بالمناداة بمطالب الثورة، وانضم الاشتراكيون الثوريون إلى "جبهة طريق الثورة" التي ما زالت تمثل الأداة الرئيسية للمعارضة المصرية في وجه النظام الحالي، والنتائج والانتصارات التي تحققها الجبهة ما زالت محدودة رغم الجهود الكبيرة التي تبذل من أعضاء الجبهة وأعضاء الكيانات المشاركة فيها بسبب توازن القوى في الفترة الحالية.

ويبدو أن اليسار في الوقت الحالي لن يحقق أي نتائج طالما اعتمدت سياسته على تلك السياسة السابقة والتي ما زال اليساريون المصريون يخطون خطاها حتى الآن، إلا إذا ولدت حقيقة أخرى يمتلكها اليساريون لرصد استراتيجية نحو تحقيق أهداف اليسار بفاعلية، بعيداً عن صراع مجموعات المتعلّمين الذين قد استهلكوا معاني الانقسام طيلة الفترات السابقة، وبالتالي يجب تأسيس حزب يلمّ شمل اليساريين في مصر حتى يمتلك جمهوراً واضحاً يدعمه خلال عملياته النيابية وعلى المستوى الميداني أيضاً. وقد ظهرت تلك المبادرة بتكوين حزب التحالف الشعبي، إلا أن التجربة باءت بفشل وانقسام مرة أخرى، حيث كان الحزب يضم مجموعة من المنشقين عن الاشتراكيين، ومَن سمّوا أنفسهم بـ"التجديد الإشتراكي"، ومجموعات اشتراكية ديمقراطية، ومجموعات لم تكن تنخرط في كيان ما، بالاضافة إلى المنشقين عن حزب التجمع، إلا أن ذلك الحزب تفكّك وأصبحت الغالبية المسيطرة عليه هي الفئة الأخيرة.

وبالنسبة لخوض معركة الانتخابات البرلمانية: يرى الاشتراكيون الثوريون في الأساس أن النظام الحالي يجب هدمه، والبرلمان، حتى بأنزه الانتخابات، لا يمثل وسيلة ديمقراطية حقيقية، والذين يصلون إلى كراسيه لا يمثلون الجماهير بشكل حقيقي، حيث إن النظام الحالي يضمن دائماً، بسبب شكل الدوائر الانتخابية وحجمها، وصول عدد أكبر من المنتمين لرجال الأعمال وأصحاب العلاقات الوثيقة مع الطبقة الحاكمة من الفوز بها من ناحية، وأيضاً في الديمقراطيات الحقيقية يجب أن يكون هناك نظام لسحب الثقة من ممثلي الجماهير في حالة خذلانهم لها، وأيضاً لأن السلطة واتخاذ القرار يظلان خارج البرلمان الذي يظل مجرد أداة لتحسين صورة النظام، ولكن تظل القاعدة هي المشاركة في الانتخابات البرلمانية لاستغلال الانتخابات كمنبر دعائي لفضح النظام البرلماني نفسه.


*مصر

المساهمون