بطحة على رأس السيسي

16 يونيو 2015
+ الخط -
لماذا ألغى عبد الفتاح السيسي زيارته إلى جنوب إفريقيا، بمجرد التلويح بمقاضاته أمام قضاء لا يتلقى المكالمات الهاتفية، قبل إصدار أحكامه، أو لا يمتلك خطاً مفتوحاً مع السلطة التنفيذية؟
هل تعرف لم يركض اللص بمجرد رؤيته الشرطة، ولو لم تكن آتيةً من أجله؟
قد تتساءل عن علاقة السؤالين ببعضهما، إلا أن الإجابة واضحة. إنها البطحة، يا صديقي. يُحكَي أن قريةً انتشر فيها سرقة الدجاج، وعندما صعد خطيب الجمعة إلى المنبر، تحدث عن حُرمة السرقة، وأعلن اكتشافه السارق، وأن السارق جاء إلى المسجد، وقد نسي مسح بعض الريش عن رأسه، تحسس السارق الحقيقي رأسه، في لحظتها ليمسح ريشاً، لم يكن موجوداً بالأصل، وانكشف للجميع. من هنا، جاء المثل "اللي علي راسه بطحة، بيحسس عليها". 
يعلم السيسي أن جنوب أفريقيا وقعت على نظام روما الأساسي الذي قامت بموجبه المحكمة الجنائية الدولية، والتي تُمَكِّن سلطات جنوب إفريقيا من اعتقال أي شخص متهم بالإبادة الجماعية وارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب أو جرائم عدوانية.
ما أقلق السيسي حقاً من بين تلك الأشياء هو الجانب المتعلق بالجرائم ضد الإنسانية، وهذه تعني، بالتحديد، أي فعل من الأفعال المحظورة، والمحددة في نظام روما، متى ارتكبت في إطار هجوم واسع النطاق، أو منهجي موجه ضد أي مجموعة من السكان المدنيين، وتتضمن مثل هذه الأَفعال القتل العمد، والإبادة، والإبعاد أو النقل القسري للسكان.
بالطبع، لن يتقبل قاض دولي نفي مثل تلك التهم عن السيسي وشركاء انقلابه، فالنظام نفسه وأنصاره لا ينفون تلك التهم عنهم، يحتفلون بإبادة معتصمي ميداني رابعة والنهضة بدعوى اتهامهم بالإرهاب، يفتخرون بتهجير أهالي سيناء، بدعوي تأمين الحدود.
لن يستطيعوا نفي تهم القتل الجماعي والتهجير القسري عن أنفسهم، ولن يستطيعوا إثبات تهمة الإرهاب على ضحاياهم. ببساطة، أي قاض محايد سيرسلهم إلى حبل المشنقة، بمجرد اطلاعه على أدلة تورطهم في مثل تلك الجرائم الشنيعة، والأدلة متوفرة، وتملأ الفضاء الإلكتروني و"يوتيوب" بالصوت والصورة. 
أزعم أن السيسي تحسس رأسه بمجرد تحذيره من إمكانية اعتقال أي شخص متهم بتلك الجرائم بمجرد أن تطأ قدمه أرض جوهانسبرج، سارع السيسي إلى إلغاء زيارته وإرسال رئيس الحكومة، إبراهيم محلب، بدلا منه.
أحد أسباب تخلص السيسي من حازم الببلاوي ومحمد إبراهيم هو تفادي التعرض لمثل ذلك الموقف، فشركاء جريمته في رابعة والنهضة معرضون للمصير نفسه، إن دخلوا أي دولة من الدول الموقعة على اتفاقية روما.
ستظل البطحة على رأس السيسي تؤرقه، ولا أعتقد أنه سيتخلص من قلقه، إلا عندما ينشغل بقلق أكبر منه، قلق عن كيفية الخلاص والخروج من زنزانته التي سيقضي فيها أياماً طويلة مع رفاق انقلابه، جزاءً وفاقاً لما ارتكبه، فلنأمل أن نرى هذا المشهد قريباً، الثورة وحدها ستصنع من القاهرة جوهانسبرج جديدة، فيها سلطة قضائية محترمة قادرة على تحقيق هذا المشهد.
37416B7A-F54A-4425-8822-A9A63A182E41
37416B7A-F54A-4425-8822-A9A63A182E41
محمد عادل (مصر)
محمد عادل (مصر)