09 ديسمبر 2019
بطاقة آبل الائتمانية: نقلة جديدة... أم تقليد لقديم؟
1- لم يكن إعلان شركة آبل طرح منتجها الجديد Apple Credit Card or ACC أمراً مفاجئاً. فقد ظلّ المراقبون يتحدثون منذ فترة عن سعي عملاق التكنولوجيا (شركة آبل) إلى استخدام رصيده الجماهيري للولوج إلى قطاع الخدمات المالية. فالشركة تستند إلى قاعدة مالية صلبة تتيح لها المنافسة في هذا القطاع الحيوي. أعلنت آبل بعض الميزات - التي لا أرى فيها اختلافاً جوهرياً - كي تميّز نفسها عن باقي الشركات التي تقدم خدمات البطاقة الائتمانية.
2- بحسب ما أُعلن حتى الآن، فقد ألغت آبل الرسوم الآتية في بطاقتها الوليدة:
أ. رسوم إصدار البطاقة Issuance Fee
ب. الرسوم السنوية Annual Fee
ج. رسوم استخدام البطاقة خارج الولايات المتحدة Foreign Transaction Fee
د. غرامة التأخر في سداد الفاتورة الشهرية Late payment fee
ووعدت آبل بأن نسبة الفائده السنوية على بطاقاتها ستكون أكثر تنافسية مقارنةً ببطاقات الائتمان الأخرى.
3- من المميزات التي حاولت آبل الانفراد بها، أن مستخدمي البطاقة سيتمكنون من متابعة مشترياتهم ودفعاتهم عبر تطبيق خاص، هذا التطبيق يمكّن صاحب البطاقة من التحكم في سلوكه الاستهلاكي ومراقبة مصروفاته اليومية، الأسبوعية، الشهرية، بل والسنوية في شكل رسوم بيانية ملونة. هذه الرسوم ستسهّل على الشخص معرفة حجم إنفاقه الشخصي وتوزيعه، على السلع والخدمات المختلفة.
ثم إن صاحب البطاقة سيتمكن من تحديد نسب ومقدار الفائدة التي ستفرض عليه (بصورة أدقّ) إذا ما قرر دفع جزء من قيمة فاتورته الشهرية. مع العلم أنه ليست هناك فائدة محتسبة إذا ما دُفعَت قيمة مشتريات البطاقة كاملة خلال فترة أقصاها 45 يوماً (ما يعرف بالـ billing cycle)، وهذا أمر مطبق في كل بطاقات الائتمان، وليس محصوراً ببطاقة آبل فقط.
وأعلنت آبل برنامجها الخاص بمكافأة العملاء (cash back program) الذي سيمكنهم من الحصول على مكافآت مشترياتهم بصورة فورية (مقآبل كل دولار يتم إنفاقه باستخدام البطاقة)، وليس في نهاية دورة الفاتورة، كما هو الحال في البطاقات الأخرى.
4- أما الفارق الجوهري الذي أعلنته آبل، فهو أن بطاقتها لن يكون لها رقم سري، ولن تحمل تاريخاً لانتهاء الصلاحية. وبدلاً من ذلك، ستخصص الشركة رقماً خاصاً لكل بطاقة، هذا الرقم سيُخفى ويُحفَظ في ملف سري داخل جهاز الآيفون الذي يستخدمه صاحب البطاقة.
وبدلاً من امتلاك بطاقة بلاستيكية للدفع، سيكون بوسع صاحب البطاقة إتمام مشترياته عبر جهاز الآيفون الخاص به أو ساعة آبل. أما إذا رغب في امتلاك بطاقة، فإن آبل ستمنحه بطاقة أنيقة من التانتينيوم، منقوشاً عليها شعار آبل. هذه البطاقة الأنيقة التي صُمِّمَت بشكل متسق مع باقي منتجات آبل، ربما أدت دوراً أساسياً في إقناع جماهير آبل (وبخاصة جيل الألفية) بالإسراع في التسجيل للحصول على البطاقة الائتمانية.
5- وفقاً لما جاء في إعلان الشركة، ستطرح آبل بطاقتها بالتعاون مع عملاق الاستثمار "غولدمان ساكس"، أحد أكبر البنوك الاستثمارية في الولايات المتحدة. وعلى الرغم من أن نشاطات غولدمان ساكس تتركز بصورة أساسية في تقديم خدمات التمويل للمؤسسات والشركات (Corporate Finance)، إلا أن قراره التعاون مع آبل يعني ضمنياً دخوله عالم تمويل الأفراد (Personal Finance). أمام ماستركارد، فهي التي ستُصدر البطاقة.
السؤال الذي نحاول الإجابة عنه هو: ما الذي دفع آبل إلى ولوج عالم الائتمان رغم مخاطره المعروفة، والمنافسة الحادة من قبل البنوك وشركات التمويل الأخرى؟
6- بحسب إفادات محلّلي الأسواق، يبدو أن الدافع وراء هذه الخطوة، رغبة آبل في إيجاد موطئ قدم في قطاع الدفع وتحويل الأموال عبر الموبايل (Mobile Payment and Money Transfer). فقد أطلقت آبل قبل فترة خدمة الـ Apple Pay، لكنها فشلت في ترويجها، حتى وسط مستخدمي الآيفون - الذين يمثلون الشريحة الأكثر ولاءً لمنتجات آبل وخدماتها - فمستخدمو الـ Apple Pay تجاوز عددهم الـ30 مليوناً بقليل، بينما اقترب مستخدمو الـ PayPal من حاجز الـ270 مليوناً. إذاً، ربما كان الدافع وراء إطلاق الـ Apple CC إعطاء زخم أكبر لخدمة الـ Apple Pay، ولا سيما أن بطاقات آبل ستكون مربوطة معها مباشرةً.
وأشارت صحيفة وول ستريت جورنال، إلى أن استخدام خدمة الـ Apple Pay يتيح لآبل تقاضي رسوم من قيمة المعاملة المالية (تدفعها لها شركات الكريديت كارد). فإذا ما تمكنت آبل من زيادة عدد مستخدمي الـ Apple Pay بنسبة 10%، مع توسع بسيط في عدد عملاء Apple CC، فإنها يمكن أن تحقق عوائد سنوية في حدود ملياري دولار. وهذا ما يعني للشركة تنويعاً لمصادر إيراداتها، ولا سيما أن إيرادات "بقرتها الحلوب" الآيفون شهدت تراجعاً ملحوظاً بسبب إحجام الصينيين عن شراء الإصدارات الأخيرة من الآيفون.
7- جاء أول التحفظات على بطاقة آبل على خلفية علاقتها بـ "غولدمان ساكس". فعملاق الاستثمار المثير للجدل ينظر إليه قطاع كبير بنوع من الريبة، فقد ارتبط اسمه بالأزمة المالية التي عصفت بالبلاد في عام 2008، وقد أثبتت التحقيقات تورط عدد من قياداته في عمليات غير مشروعة أضرت بمئات الآلاف من الأسر المتوسطة الدخل، بل كادت أن تؤدي إلى انهياره، لولا إنقاذ الحكومة الأميركية له (بأموال دافعي الضرائب).
ورغم أن البنك قد تمكن من تجاوز أزماته، إلا أن الكثيرين ما زالوا يشككون في نزاهته والتزامه ضوابط العمل التجاري وأخلاقياته "Business Ethics". وهذا ما دفع المحللين إلى ترجيح إمكانية استغلال البنك لبيانات مستخدمي البطاقة، وسلوكهم الاستهلاكي، وذلك عبر تحليلها وبيع نتائجها لشركات التسويق، أو استغلال البيانات لتصميم منتجات تمويل للشرائح المختلفة من العملاء (حسب اهتماماتها ووضعها المالي). وعلى الرغم من أن آبل شددت على التزامها سرية معلومات العملاء، إلا أن السمعة غيرالحميدة لـ"غولدمان ساكس" يصعب تجاوزها.
8- في الختام، يجب التنبيه إلى أنه على الرغم من أن بطاقة آبل لم تأتِ حتى الآن بميزة فريدة، إلا أنّ من المتوقع أن تجد قبولاً لدى عشاق آبل. فهؤلاء يراهنون دوماً على آبل، ويبررون رهانهم بأن آبل تأتي متأخرة، لكنها في كل مرة تستوعب طبيعة القطاع وجمهوره وخدماته، ثم تقدم حلولاً ومنتجات أبدع وأشمل.
هذا ما فعلته آبل مع قطاع الهاتف الجوال مثلاً. فهي لم تكن من أوائل منتجيه، وقد سبقتها إلى ذلك أسماء لامعة. لكنها نجحت في تغيير ملامح المنتج، وذلك من خلال الإضافات الفريدة التي أدخلتها على الآيفون. الخطة نفسها طبقتها آبل مع منتجي الآيباد وساعة آبل.
فهل تفعلها آبل مرة أخرى مع الـ Apple Credit Card وتحدث نقلة نوعية في الخدمة، أم أنها ستدفع ثمناً باهظاً لتعاونها مع "غولدمان ساكس"؟
2- بحسب ما أُعلن حتى الآن، فقد ألغت آبل الرسوم الآتية في بطاقتها الوليدة:
أ. رسوم إصدار البطاقة Issuance Fee
ب. الرسوم السنوية Annual Fee
ج. رسوم استخدام البطاقة خارج الولايات المتحدة Foreign Transaction Fee
د. غرامة التأخر في سداد الفاتورة الشهرية Late payment fee
ووعدت آبل بأن نسبة الفائده السنوية على بطاقاتها ستكون أكثر تنافسية مقارنةً ببطاقات الائتمان الأخرى.
3- من المميزات التي حاولت آبل الانفراد بها، أن مستخدمي البطاقة سيتمكنون من متابعة مشترياتهم ودفعاتهم عبر تطبيق خاص، هذا التطبيق يمكّن صاحب البطاقة من التحكم في سلوكه الاستهلاكي ومراقبة مصروفاته اليومية، الأسبوعية، الشهرية، بل والسنوية في شكل رسوم بيانية ملونة. هذه الرسوم ستسهّل على الشخص معرفة حجم إنفاقه الشخصي وتوزيعه، على السلع والخدمات المختلفة.
ثم إن صاحب البطاقة سيتمكن من تحديد نسب ومقدار الفائدة التي ستفرض عليه (بصورة أدقّ) إذا ما قرر دفع جزء من قيمة فاتورته الشهرية. مع العلم أنه ليست هناك فائدة محتسبة إذا ما دُفعَت قيمة مشتريات البطاقة كاملة خلال فترة أقصاها 45 يوماً (ما يعرف بالـ billing cycle)، وهذا أمر مطبق في كل بطاقات الائتمان، وليس محصوراً ببطاقة آبل فقط.
وأعلنت آبل برنامجها الخاص بمكافأة العملاء (cash back program) الذي سيمكنهم من الحصول على مكافآت مشترياتهم بصورة فورية (مقآبل كل دولار يتم إنفاقه باستخدام البطاقة)، وليس في نهاية دورة الفاتورة، كما هو الحال في البطاقات الأخرى.
4- أما الفارق الجوهري الذي أعلنته آبل، فهو أن بطاقتها لن يكون لها رقم سري، ولن تحمل تاريخاً لانتهاء الصلاحية. وبدلاً من ذلك، ستخصص الشركة رقماً خاصاً لكل بطاقة، هذا الرقم سيُخفى ويُحفَظ في ملف سري داخل جهاز الآيفون الذي يستخدمه صاحب البطاقة.
وبدلاً من امتلاك بطاقة بلاستيكية للدفع، سيكون بوسع صاحب البطاقة إتمام مشترياته عبر جهاز الآيفون الخاص به أو ساعة آبل. أما إذا رغب في امتلاك بطاقة، فإن آبل ستمنحه بطاقة أنيقة من التانتينيوم، منقوشاً عليها شعار آبل. هذه البطاقة الأنيقة التي صُمِّمَت بشكل متسق مع باقي منتجات آبل، ربما أدت دوراً أساسياً في إقناع جماهير آبل (وبخاصة جيل الألفية) بالإسراع في التسجيل للحصول على البطاقة الائتمانية.
5- وفقاً لما جاء في إعلان الشركة، ستطرح آبل بطاقتها بالتعاون مع عملاق الاستثمار "غولدمان ساكس"، أحد أكبر البنوك الاستثمارية في الولايات المتحدة. وعلى الرغم من أن نشاطات غولدمان ساكس تتركز بصورة أساسية في تقديم خدمات التمويل للمؤسسات والشركات (Corporate Finance)، إلا أن قراره التعاون مع آبل يعني ضمنياً دخوله عالم تمويل الأفراد (Personal Finance). أمام ماستركارد، فهي التي ستُصدر البطاقة.
السؤال الذي نحاول الإجابة عنه هو: ما الذي دفع آبل إلى ولوج عالم الائتمان رغم مخاطره المعروفة، والمنافسة الحادة من قبل البنوك وشركات التمويل الأخرى؟
6- بحسب إفادات محلّلي الأسواق، يبدو أن الدافع وراء هذه الخطوة، رغبة آبل في إيجاد موطئ قدم في قطاع الدفع وتحويل الأموال عبر الموبايل (Mobile Payment and Money Transfer). فقد أطلقت آبل قبل فترة خدمة الـ Apple Pay، لكنها فشلت في ترويجها، حتى وسط مستخدمي الآيفون - الذين يمثلون الشريحة الأكثر ولاءً لمنتجات آبل وخدماتها - فمستخدمو الـ Apple Pay تجاوز عددهم الـ30 مليوناً بقليل، بينما اقترب مستخدمو الـ PayPal من حاجز الـ270 مليوناً. إذاً، ربما كان الدافع وراء إطلاق الـ Apple CC إعطاء زخم أكبر لخدمة الـ Apple Pay، ولا سيما أن بطاقات آبل ستكون مربوطة معها مباشرةً.
وأشارت صحيفة وول ستريت جورنال، إلى أن استخدام خدمة الـ Apple Pay يتيح لآبل تقاضي رسوم من قيمة المعاملة المالية (تدفعها لها شركات الكريديت كارد). فإذا ما تمكنت آبل من زيادة عدد مستخدمي الـ Apple Pay بنسبة 10%، مع توسع بسيط في عدد عملاء Apple CC، فإنها يمكن أن تحقق عوائد سنوية في حدود ملياري دولار. وهذا ما يعني للشركة تنويعاً لمصادر إيراداتها، ولا سيما أن إيرادات "بقرتها الحلوب" الآيفون شهدت تراجعاً ملحوظاً بسبب إحجام الصينيين عن شراء الإصدارات الأخيرة من الآيفون.
7- جاء أول التحفظات على بطاقة آبل على خلفية علاقتها بـ "غولدمان ساكس". فعملاق الاستثمار المثير للجدل ينظر إليه قطاع كبير بنوع من الريبة، فقد ارتبط اسمه بالأزمة المالية التي عصفت بالبلاد في عام 2008، وقد أثبتت التحقيقات تورط عدد من قياداته في عمليات غير مشروعة أضرت بمئات الآلاف من الأسر المتوسطة الدخل، بل كادت أن تؤدي إلى انهياره، لولا إنقاذ الحكومة الأميركية له (بأموال دافعي الضرائب).
ورغم أن البنك قد تمكن من تجاوز أزماته، إلا أن الكثيرين ما زالوا يشككون في نزاهته والتزامه ضوابط العمل التجاري وأخلاقياته "Business Ethics". وهذا ما دفع المحللين إلى ترجيح إمكانية استغلال البنك لبيانات مستخدمي البطاقة، وسلوكهم الاستهلاكي، وذلك عبر تحليلها وبيع نتائجها لشركات التسويق، أو استغلال البيانات لتصميم منتجات تمويل للشرائح المختلفة من العملاء (حسب اهتماماتها ووضعها المالي). وعلى الرغم من أن آبل شددت على التزامها سرية معلومات العملاء، إلا أن السمعة غيرالحميدة لـ"غولدمان ساكس" يصعب تجاوزها.
8- في الختام، يجب التنبيه إلى أنه على الرغم من أن بطاقة آبل لم تأتِ حتى الآن بميزة فريدة، إلا أنّ من المتوقع أن تجد قبولاً لدى عشاق آبل. فهؤلاء يراهنون دوماً على آبل، ويبررون رهانهم بأن آبل تأتي متأخرة، لكنها في كل مرة تستوعب طبيعة القطاع وجمهوره وخدماته، ثم تقدم حلولاً ومنتجات أبدع وأشمل.
هذا ما فعلته آبل مع قطاع الهاتف الجوال مثلاً. فهي لم تكن من أوائل منتجيه، وقد سبقتها إلى ذلك أسماء لامعة. لكنها نجحت في تغيير ملامح المنتج، وذلك من خلال الإضافات الفريدة التي أدخلتها على الآيفون. الخطة نفسها طبقتها آبل مع منتجي الآيباد وساعة آبل.
فهل تفعلها آبل مرة أخرى مع الـ Apple Credit Card وتحدث نقلة نوعية في الخدمة، أم أنها ستدفع ثمناً باهظاً لتعاونها مع "غولدمان ساكس"؟