قبل عام فقط، كنت ستقرأ خبراً عن الشاعر السوري بشير العاني وهو يحاضر حول تاريخ الأدب في مدينته دير الزور. وقبل ساعات، ستكون قرأت خبراً مفجعاً بعد أن أعلن "داعش" عن إعدام الشاعر وابنه إياس الذي لم يبلغ العشرين بعد بتهمة "الردّة"، بعد أن اقتيد الاثنان إلى "الأسر" مطلع هذا العام.
لم يترك العاني دير الزور، فيها ولد سنة 1960 وفيها عاش وتزوج وفقد زوجته المريضة، وفيها قُتل مع ابنه في 2016.
كان مصرّاً على مواصلة الفعل الثقافي رغم ما يحيط به من تطرّف وقتل، في مدينة صغيرة تعيش عشرات الإعدامات بتهمة الردّة، يقيم أمسيات ثقافية ويشارك بأخرى شعرية.
أصدر العاني ثلاث مجموعات شعرية: "رماد السيرة" و"حوذي الجهات" و"وردة الفضيحة"، من قصائده:
منذ الخراب..
منذ نهر من دم وبكاء ..
والمدى ينساب في ضلوع القرى..
تغتال غيمة في صدر عاشقة..
وتذبح القصيدة ..
من الوريد إلى الوريد .
***
منذه..
منذ كرباج يلعلع فوق أجساد الصحاب..
تنثقب الروح ..
تداهم القلب دوريات الحزن
ويندس الشعراء في الكتب الصفراء..
يندسون:
شاعراً إثر شاعر.
وفي قصيدة أخرى، كتب العاني:
نطأطئ الرؤوسَ.. ونمضي..
لا ندري أين نُسقِطُ آخر الدّمع
وأين تدمعُ فينا عناقيدُ الختام..
نخالُ الحرابَ نجوماً.. نقول "هنا يستريح الغريب"..
فلا نستدلُّ إلا على جثث الرفاق
نقول هنا.. بعد طعنة في الظهر..
أو طعنتين..
هنا.. بعد أن نمشي وراء جنازة هذي الأرض أو تلك..
هذا الشعب أو ذاك..
هنا يستريح الغريب
هنا.. بعد أن تكلّ عصا الطاغية.
اقرأ أيضاً: خالد الأسعد.. دماء على أعمدة تدمر