01 يونيو 2017
بشر بلا لسان
فرضت الدولة الحديثة التي تقوم بتعريف البشر نسبة إليها: مواطن ومهاجر ولاجئ ومقيم ومقيم غير شرعي ..إلخ، نموذجاً حديثاً نسبياً في التعامل مع البشر. فلم تعد تستطيع أن تسكن في أي مكان تريد، متى ما حققت شروط هذه السكنى. بل أصبح لون جواز السفر، والعلاقات السياسية بين الدول، عاملاً أساسيا لتحديد وضعك القانوني، ومن ثم الاجتماعي، في هذه الدولة أو تلك.
في الخليج العربي، تبدو الأوضاع أكثر تعقيداً، بسبب الطفرة المالية السريعة نسبياً (أقل من أربعة عقود بالنسبة للسعودية، وقرابة العقدين للإمارات وقطر) ما أدى إلى تدفق العمالة بصورة مكثفة، وشبه عشوائية، بما أدى إلى صياغة وضع اجتماعي وثقافي شاذ، بالنسبة لهؤلاء الوافدين، وتعامل المواطنين الخليجيين معهم.
وهنا، أتحدث تحديداً عن الوافدين غير العرب، وغير الأوروبيين والأميركيين، إذ إن سياقات هؤلاء مختلفة، فهناك ما يجعل العرب يتقاسمون شيئاً ما مع مواطني البلدان الخليجية، أما الأوروبيون والأميركيون، وبسبب علاقات القوة السياسية مع بلدانهم، وطبيعة الأعمال التي ينخرطون فيها، والرواتب العالية التي يتقاضونها، فيحظون بظروفٍ تفوق، من ناحية جودتها، أحياناً كثيرة، ظروف المواطنين الخليجيين.
الوافدون غير العرب، القادمون من آسيا وإفريقيا تحديداً، والذين يزاولون وظائف ذات طابع يدوي، وبدخل منخفض، يعيشون أوضاعاً استثنائية، فهم لا يتحدثون لغة أهل البلد، ويمثلون طبقةً اجتماعيةً مسحوقة اقتصاديا. لذا، لا يمكن أن يندمجوا مع المواطنين، خصوصاً مع ظروف إقامتهم المعلقة، والمرتبطة بـ "الكفيل" ويمكن أن تنتهي في أي لحظة.
طبيعة العمل المؤقتة في البلدان الخليجية، والطبيعة القانونية الصارمة التي لا تحفل بالحريات، وتتخوف من أي تجمع حقوقي أو اجتماعي، منعتا الوافدين من تأسيس أجهزةٍ تعبر عنهم، أمام مستضيفيهم. كما أن طبيعة العمل المؤقتة، وكون أغلب هؤلاء الوافدين من غير المتعلمين، أو ذوي تعليم متدنٍّ، جعلت اهتمامهم بالتعبير عن أنفسهم في حده الأدنى.
لا تكاد تجد صحيفة خليجية تتناول حياة هؤلاء الوافدين، وتتحدّث بلسانهم، ولو بشكل عابر، فضلا عن تأسيس الوافدين أنفسهم صحفاً أو مواقع إلكترونية. ودائما ما يتم وصم هؤلاء الوافدين، سلبياً، مع كل أزمة أمنية أو قضية جنائية. حدث هذا في الكويت، مع العمالة البنغالية، وبعد عدة جرائم جنائية، شنت الصحف الكويتية حملةً شرسةً لتنميط هذه العمالة، والدعوة إلى طردها، حتى تم منعهم فعلاً من دخول البلاد، مدة تقارب السبع سنوات، من 2007 حتى 2014.
حدث الأمر نفسه في السعودية، في العام 2013، عند أعمال الشغب التي ارتكبها عمالٌ إثيوبيون، ممن دخلوا إلى البلاد بطريق غير شرعية، عن طريق الحدود السعودية – اليمنية. قام هؤلاء بأعمال شغب، في الرياض، واجهتها السلطات الأمنية، وهذا طبيعي. أما غير الطبيعي الذي كشفته تلك الأحداث، فهو أن كتّاب الرأي والصحافيين، شوّهوا، وبصورة متعمدة، كل ما يمت إلى إثيوبيا بصلة، وطالبوا بطرد كل الإثيوبيين، حتى من دخل إلى البلاد بالطرق القانونية. وجاءت تلك الدعوات ممن يفترض أنهم ليبراليون، يؤمنون بقيم الحرية والعدالة ..إلخ، لكن الشوفينية الوطنية كانت طاغيةً، ويصعب مواجهتها، فكل شيء يتحوّل حينها إلى خيانة.
الوعي بعلاقات القوة القانونية والمالية، وبأن بعض هذه الدول، الفقيرة التي تأتي منها العمالة، ترى في فرص العمل في الخليج حلاً لأزماتها الاقتصادية، وبعض دول الخليج، تعرف هذا، وتفرض شروطاً قاسية، تصل أحياناً إلى الابتزاز، من أجل ضمان تدفق العمالة الرخيصة، كل هذه الظروف، أدت إلى حياةٍ لا إنسانية، يعيشها بعض الوافدين في الخليج، وما دامت حكوماتهم تخلّت عنهم، ولا يوجد من يتحدّث بلسانهم، فالمهمة هنا تقع على الصحف، والمؤسسات الحقوقية الخليجية، لتبني قضاياها، وإتاحة المجال لهم للتعبير عن أنفسهم، بصورة مباشرة، حتى لا يتم ابتزازهم من كفلائهم، أو دولهم، ولا يتم التلاعب بحقوقهم، لأنهم، ببساطة، بشرٌ بلا لسان.
في الخليج العربي، تبدو الأوضاع أكثر تعقيداً، بسبب الطفرة المالية السريعة نسبياً (أقل من أربعة عقود بالنسبة للسعودية، وقرابة العقدين للإمارات وقطر) ما أدى إلى تدفق العمالة بصورة مكثفة، وشبه عشوائية، بما أدى إلى صياغة وضع اجتماعي وثقافي شاذ، بالنسبة لهؤلاء الوافدين، وتعامل المواطنين الخليجيين معهم.
وهنا، أتحدث تحديداً عن الوافدين غير العرب، وغير الأوروبيين والأميركيين، إذ إن سياقات هؤلاء مختلفة، فهناك ما يجعل العرب يتقاسمون شيئاً ما مع مواطني البلدان الخليجية، أما الأوروبيون والأميركيون، وبسبب علاقات القوة السياسية مع بلدانهم، وطبيعة الأعمال التي ينخرطون فيها، والرواتب العالية التي يتقاضونها، فيحظون بظروفٍ تفوق، من ناحية جودتها، أحياناً كثيرة، ظروف المواطنين الخليجيين.
الوافدون غير العرب، القادمون من آسيا وإفريقيا تحديداً، والذين يزاولون وظائف ذات طابع يدوي، وبدخل منخفض، يعيشون أوضاعاً استثنائية، فهم لا يتحدثون لغة أهل البلد، ويمثلون طبقةً اجتماعيةً مسحوقة اقتصاديا. لذا، لا يمكن أن يندمجوا مع المواطنين، خصوصاً مع ظروف إقامتهم المعلقة، والمرتبطة بـ "الكفيل" ويمكن أن تنتهي في أي لحظة.
طبيعة العمل المؤقتة في البلدان الخليجية، والطبيعة القانونية الصارمة التي لا تحفل بالحريات، وتتخوف من أي تجمع حقوقي أو اجتماعي، منعتا الوافدين من تأسيس أجهزةٍ تعبر عنهم، أمام مستضيفيهم. كما أن طبيعة العمل المؤقتة، وكون أغلب هؤلاء الوافدين من غير المتعلمين، أو ذوي تعليم متدنٍّ، جعلت اهتمامهم بالتعبير عن أنفسهم في حده الأدنى.
لا تكاد تجد صحيفة خليجية تتناول حياة هؤلاء الوافدين، وتتحدّث بلسانهم، ولو بشكل عابر، فضلا عن تأسيس الوافدين أنفسهم صحفاً أو مواقع إلكترونية. ودائما ما يتم وصم هؤلاء الوافدين، سلبياً، مع كل أزمة أمنية أو قضية جنائية. حدث هذا في الكويت، مع العمالة البنغالية، وبعد عدة جرائم جنائية، شنت الصحف الكويتية حملةً شرسةً لتنميط هذه العمالة، والدعوة إلى طردها، حتى تم منعهم فعلاً من دخول البلاد، مدة تقارب السبع سنوات، من 2007 حتى 2014.
حدث الأمر نفسه في السعودية، في العام 2013، عند أعمال الشغب التي ارتكبها عمالٌ إثيوبيون، ممن دخلوا إلى البلاد بطريق غير شرعية، عن طريق الحدود السعودية – اليمنية. قام هؤلاء بأعمال شغب، في الرياض، واجهتها السلطات الأمنية، وهذا طبيعي. أما غير الطبيعي الذي كشفته تلك الأحداث، فهو أن كتّاب الرأي والصحافيين، شوّهوا، وبصورة متعمدة، كل ما يمت إلى إثيوبيا بصلة، وطالبوا بطرد كل الإثيوبيين، حتى من دخل إلى البلاد بالطرق القانونية. وجاءت تلك الدعوات ممن يفترض أنهم ليبراليون، يؤمنون بقيم الحرية والعدالة ..إلخ، لكن الشوفينية الوطنية كانت طاغيةً، ويصعب مواجهتها، فكل شيء يتحوّل حينها إلى خيانة.
الوعي بعلاقات القوة القانونية والمالية، وبأن بعض هذه الدول، الفقيرة التي تأتي منها العمالة، ترى في فرص العمل في الخليج حلاً لأزماتها الاقتصادية، وبعض دول الخليج، تعرف هذا، وتفرض شروطاً قاسية، تصل أحياناً إلى الابتزاز، من أجل ضمان تدفق العمالة الرخيصة، كل هذه الظروف، أدت إلى حياةٍ لا إنسانية، يعيشها بعض الوافدين في الخليج، وما دامت حكوماتهم تخلّت عنهم، ولا يوجد من يتحدّث بلسانهم، فالمهمة هنا تقع على الصحف، والمؤسسات الحقوقية الخليجية، لتبني قضاياها، وإتاحة المجال لهم للتعبير عن أنفسهم، بصورة مباشرة، حتى لا يتم ابتزازهم من كفلائهم، أو دولهم، ولا يتم التلاعب بحقوقهم، لأنهم، ببساطة، بشرٌ بلا لسان.