هذا ليس الإصدار الأول لعليوي الذي يتناول مسرح الشارع، ففي 2015 أصدر دراسته "مسرح الشارع - حفريات المفهوم والوظيفة والنتاج" (دار الرضوان). عن ذلك يقول، في حديث إلى "العربي الجديد"، إن هذا الكتاب كان "الأول عربياً الذي يلتفت إلى هذا الشكل المسرحي، وفيه توضيح لماهية مسرح الشارع على مستوى عربي وعالمي، وقد لقي صدى بين المسرحيين والكتاب والطلبة الذين يرومون دراسة هذا المسرح".
كشف هذا الصدى الحاجة إلى مراجع مسرحية في هذا الخصوص، ليكون ذلك أحد أسباب العمل على الكتاب الثاني. يضيف المسرحي العراقي: "بعد مشاركتي في عدة تظاهرات مسرحية عربية، عزمت على إصدار كتاب ثان بسبب النقص الواضح في المكتبة المسرحية العريية لناحية عدم وجود مصادر تهتم بمسرح الشارع، إضافة إلى الاهتمام المحدود به بل والتعالي عليه،، والنظر إليه بدونية من قبل المسرحيين والأكاديميين".
ولكن هل المشكلة في النظرة الدونية للمسرح من قبل المسرحيين أم أن المشكلة في ما يقدمه مسرح الشارع العربي؟ نسأل عليوي الذي يجيب: "الخلل عند المسرحيين والأكاديميين أولاً، إذ ليس هناك تحديث حول أنماط العمل المسرحي الجديدة، بل ثمة قوالب أكاديمية يُعاد تدريسها وإنتاجها"
ويضيف "لقد تم تسييج الأكاديميات المسرحية العربية بهذه القوالب، فتجدها تدرّس المسرح الغربي وتدرّس بنزر قليل المسرح الشرقي. وبسبب هذه القوالب المسرحية الجاهزة، لا يجري التطرّق إلى مسرح الشارع، إذ ليس ثمة أي مقرر لدراسته في الأكاديميات إلا في حال الدراسات العليا".
من جهة أخرى، يعتبر المتحدث أن "مسرح الشارع ببساطة يعني أن تذهب بالمسرح إلى الناس حيث يتواجدون، وهذا يقتضي اختيار موضوع وقضية آنية تهم من تذهب بالمسرح إليهم. لذلك عندما لا تقدم قضايا تثير اهتمامهم فلن يحقق المسرح رسالته ولن يتفاعل الناس مع العرض".
وفي ما يخص المشتركات التي تجمع الدراسات التي ضمتها الأنطولوجيا، يوضح الكاتب لـ"العربي الجديد" أنه استكتتب عدداً من المتخصصين في هذا النوع من المسرح، سواء كانوا مشتغلين فيه أو دارسين له، بغية "إعطاء صورة عن هذه التجارب العربية المختلفة، وتوفير مرجع للباحثين فيه".
يضمّ الكتاب عدة دراسات من المغرب الذي يقف في الصدارة في تقديم ودعم هذا النوع من المسرح، وفقاً لعليوي، حيث يجد إقبالاً من الفرق الشابة ومخصصات لدعمه من وزارة الثقافة.
من الباحثين المغاربة الذين الذين ساهموا في الإصدار: طارق الربح في "مسرح الشارع وأماكن العرض في المغرب"، وعبد الجبار خمران في "المسرح المغربي بين سؤال الفضاء وأصالة الفرجة"، وفاطمة الزهراء ديوان في "علاقة مسرح الشارع في المغرب بالدولة"، ونبيل البوستاوي في "مسرح الشارع وجديد الخطاب".
كما نقرأ في الأنطولوجيا دراستين لعليوي هما "مسرح الشارع وظيفته ومفهومه" و"مسرح الشارع: نماذج عربية". وتحضر من العراق أيضاً دراسات لكل من الأكاديمي عامر صباح المرزوك الذي تناول "المغايرة في مسرح الشارع"، ونجاد نجم الذي تطرّق إلى "اختيار المكان في مسرح الشارع".
أما وسام عبد العظيم، فكتب عن "هيمنة المتفرج في العرض المسرحي التفاعلي"، وقدمت الأكاديمية سافرة ناجي دراسة عن "دور مسرح الشارع في تنشيط الفضاء العمومي للمدينة". أما من مصر، فشارك المسرحي محمد الجنايني بورقة عن "مسرح الشارع في مصر/ السويس أنموذجاً".
يضم الكتاب ملحقاً بأسماء أبرز مهرجانات مسرح الشارع، كما يوفر قاعدة بيانات أكاديمية وملخصات أبحاث ورسائل الماجستير والدكتوراه عن مسرح الشارع في الجامعات العربية.