بسمة إمليل المسروقة

27 ديسمبر 2018
+ الخط -

إمليل اسم البلدة الأطلسية التي تم على ترابها قتل سائحتين اسكندنافيتين بشكل وحشي. هزّ هذا الخبر الكل، داخل المغرب وخارجه، انتشر اسم هذه البلدة في جميع المنابر الإعلامية الوطنية والدولية.

إمليل، منطقة جبلية قريبة من مدينة مراكش السياحية المشهورة، هذه المنطقة الناطقة بالأمازيغية، تعدّ الممر الرئيسي لتسلق جبل توبقال أعلى قمة في شمال أفريقيا. وهي الممر أيضاً للوصول إلى أحد أشهر المزارات في المغرب يسمى "سيدي شمهروش"، تمتاز كذلك هذه المنطقة بمناظر طبيعية أخاذة، إذ يخترقها وادي ينبع من أعلى جبل توبقال، هذه الخصائص جعلت من هذه البلدة وجهة سياحية وطنية وعالمية، إذ تشهد توافد آلاف السيّاح الأجانب كل سنة لتسلق الجبال، كما تعرف نشاطاً سياحياً وطنياً كل صيف، حينما تشتد درجة الحرارة بالمدن المغربية المختلفة. 

هي إذن منطقة معروفة، لأن النشاط الاقتصادي الرئيسي فيها هو السياحة، بلدة ألفت الأجانب منذ أمد بعيد، منفتحة يزورها السيّاح من كل بقاع العالم، لذلك فأبناؤها يتحدثون لغات متنوعة بطلاقة كبيرة، نتيجة تفاعلهم الدائم مع السيّاح، بل إن مشاهد التعايش وقبول الآخر في هذه البلدة التي تلبس الأبيض كل شتاء، حينما يحلّ فيها الثلج، تتجسد في كون عشرات من شبابها تزوجوا بسائحات أجنبيات دون أن يشكل ذلك مشكلة لثقافة مجتمعهم المنفتح.

حينما وقع ما وقع، وهو في الحقيقة مفجع ويستنكره كل ضمير إنساني حيّ، صدم الجميع، ولكن صدمة أهل بلدة إمليل تبقى صدمة خاصة، صدمة جوانية لا يعرف شدّتها إلا هم. فهم يعرفون قريتهم كما يعرفون أبناءهم، كل شبر فيها هم عالمون به، رغم وعورة التضاريس وصعوبة المسالك. صدمتهم أقسى وأمرّ، لأنهم لا يعرفون إلا الهدوء والسكينة وسماع صوت الماء المنساب عبر الوادي. 

قد يكون جمال الطبيعة هو الرأسمال المادّي الذي تتميز به هذه البلدة، ولكن ما تفتخر به حقاً هو سلمها وتضامنها وقبولها كل ألوان الاختلاف والتعدد، هذا ما يشهد به تاريخها الذي لم يسجل يوماً حادثاً مثل هذا.  

جفون أهل إمليل هجرها النوم، ما أصاب بلدتهم لم يصدقوه بعد، شيء من الحيرة يتملكهم حينما يشاهدون أنفسهم في نشرات الأخبار، لم يعهدوا هذه الأشياء، طائرات تحلق فوق رؤوسهم تستنطق الجبال والأودية، صنوف من الأمن والدرك حلّت بينهم، مشدوهون هم. 

6A591B94-817F-4A6F-9BB8-5FD043426A26
6A591B94-817F-4A6F-9BB8-5FD043426A26
حسن إدحم

أستاذ في مادة الفلسفة ومهتم بالأدب

حسن إدحم

مدونات أخرى