بريكسيت... تأثير خروج بريطانيا على الطلبة العرب

09 اغسطس 2017
خروج بريطانيا سيلقي بظلاله على الطلاب العرب(Getty)
+ الخط -
في تحليل قام به ميكل سكابينكر من الفاينانشال تايم، أرجع المشكلات المرتقبة التي سوف يواجهها الطلبة الدوليين إلى رغبة تيريزا ماي، رئيسة وزراء بريطانيا بتقليل نسب المهاجرين، وهي إحدى المطالبات الواضحة للفريق المؤيد لعملية الخروج.

ويرى أن أحد السبل لمثل هذا التخفيض هو تقليل أعداد الطلبة الدوليين المسموح لهم بالدراسة داخل بريطانيا فهم يعتبرون "مهاجرين" وفق القانون البريطاني الذي يعتبر أي قادم إلى بريطانيا يمكث بها أكثر من 12 شهراً للدراسة أو العمل أو كمرافق مهاجراً. وقد ناقش البرلمان البريطاني نهاية 2016 مذكرة لمناقشة مشروع قرار بخفض الطلبة المسموح لهم بالدراسة في بريطانيا من 300 ألف سنوياً إلى 170 ألفاً من خلال تشديد إجراءات الحصول على فيزا دراسة. 

ومن ناحية أخرى، أكد عدد من النشطاء والسياسيين أن للأمر بعداً اقتصاديا كبيراً لا بد من الانتباه له فالطلبة الدوليون يساهمون في إدخال 10.7 مليارات جنيه استرليني إلى خزينة الدولة، فمثل هذا الخفض في أعداد الطلبة سوف يضيع على خزانة الدولة ما مقداره 463 مليون استرليني تدفع مصروفات دراسية سنوية، بالإضافة إلى 604 ملايين استرليني تدفع في صورة إيجارات ومستلزمات المعيشة الأساسية.

رسائل تطمينية
ترى فاليري أموس والتي تقود إحدى أكبر الجامعات في بريطانيا (SOAS) أن مثل هذه الإجراءات سوف يكون لها أثر كبير على تدفق الطلبة إلى بريطانيا ومن بينها الطلبة من الإمارات العربية المتحدة، الذين فاق عددهم في العام الماضي 3000 طالب وهو أمر لا تراه في صالح العملية التعليمية التي طالما استفادت من التنوع الثقافي والعرقي الموجود بين صفوف الطلبة.

أعربت أموس في حوار لها مع غولف نيوز أن الكلام عن مثل هذه الإجراءات أمر مربك ليس للطلبة فقط ولكن مربك للهيئة التدريسية أيضاً فإذا كانت أعداد الطلبة الوافدين من القارة الأوروبية أخذ في التقلص فما بالنا بالانخفاض المتوقع من الدول الأخرى. وأكدت اموس على أنه ليس هناك أية نية لطرد أو إنهاء التأشيرات لأي من الطلبة الدارسين حاليا في بريطانيا.

أما سالي هنت التي تشغل منصب السكرتير العام لاتحاد الجامعات والكليات فأكدت على أنه بالرغم من الجدل المثار حول تأثيرات الخروج من الاتحاد الأوروبي على الطلبة، إلا أنه من الضروري في هذه المرحلة إرسال الرسائل التطمينية على أن المملكة المتحدة سوف يبقى بابها مفتوحا للطلبة الدوليين والهيئات التدريسية الوافدة".

المبتعثون العرب

زاد عدد الطلاب العرب الدارسين في الخارج خلال العقدين الماضيين بصورة كبيرة ومتسارعة وترجع تلك الزيادة إلى عدد من الأسباب على رأسها فرص الابتعاث التي توفرها عدد من دول الخليج العربي، ويعتبر برنامج الابتعاث السعودي (منحة الملك عبد الله) هي الكبرى بين الدول العربية وهي منحة من المخطط أن تستمر إلى عام 2020.
يأتي في المراتب التالية برامج الابتعاث لدول مثل الكويت وقطر والإمارات العربية المتحدة، ولكن هذا لا يعني أن الطلبة في كل من مصر والأردن وعمان وليبيا لا توفر لهم دولهم بعض الفرص وإن ظلت محدودة للابتعاث الخارجي للدراسة الجامعية في إحدى الدول الأوروبية أو الأميركية، على أمل أن يرجع المبتعث بمهارات ومعارف تساعد على تحقيق بعض من النمو الاقتصادي المأمول.

جدير بالذكر أن كلا من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة ظلتا لعقود طويلة هما الوجهة الأولى والمفضلة للطلاب العرب، ولكن في السنوات القليلة الماضية كان هناك تحرك وتوجه جديد، حيث احتلت الإمارات العربية المتحدة وبصورة خاصة دبي مكانة متقدمة بين الوجهات المفضلة للطلبة من الدول العربية غير الخليجية كسورية ولبنان، فتقدمت بذلك على المملكة المتحدة وجاءت في المرتبة الثالثة بين الدول المفضلة للطلبة العرب بعد الولايات المتحدة وفرنسا. حيث أظهر التقرير السنوي الذي تصدره اليونسكو ارتفاع نسبة الطلبة الدارسين في الخارج المتوجهين للإمارات من 12% في 1999 إلى 26% في عام 2012.

تراجع في الأعداد
شهدت الأعوام الثلاثة الماضية تقلصاً في عدد الطلاب المبتعثين من المملكة العربية السعودية بالرغم من أن المملكة السعودية مازالت المرتبة الأولى عالميًا في عدد الطلاب المبتعثين مقارنة بعدد السكان، والمركز الثالث في المجمل بعد الصين والهند، إلا أن التغييرات التي شابت برنامج الابتعاث مؤخراً أدت إلى تراجع الأعداد، فعلى سبيل المثال حظرت المملكة عام 2014 الابتعاث إلى أكثر من عشر جامعات بريطانية بحجة تكدس الطلاب السعوديين فيها، بالإضافة إلى ذلك تم التراجع عن الموافقة بابتعاث طلاب سعوديين إلى أكثر من 28 جامعة في الولايات المتحدة بنفس هذه الحجة.

كما تم الاقتصار على الابتعاث من خلال جهات العمل المعتمدة التي تتعهد بتوظيف الطالب بعد تخرجه ورجوعه للمملكة، وأعلن المتخصصون والقائمون على برنامج الابتعاث أن الهدف الرئيسي لمثل هذه الإجراءات هو مراجعة التخصصات التي يجري ابتعاث الطلاب إليها، وربطها بحاجة الدولة، والوظائف المتوافرة في سوق العمل من أجل ترشيد الإنفاق، والمساهمة في خطط توطين الوظائف وسعودتها.

بالإضافة إلى ذلك كانت هناك شروط إضافية مثل أن يكون الطالب الذي يطلب الالتحاق بالبعثة الرسمية ملتحقًا بجامعة متميزة مصنفة من بين أفضل 50 جامعة في تخصصه حول العالم، وأحيانًا أفضل 100 جامعة حول العالم، وفقًا لقوائم تعدها وزارة التعليم. كما تم إيقاف صرف بدل العلاج للمبتعثين ومرافقيهم في جميع دول الابتعاث التي يتوفر فيها تأمين طبي.

ويبقى السؤال قائماً هل ستؤثر إجراءات خروج بريطانيا على تعداد الطلاب العرب والمبتعثين منهم بصفة خاصة، ويزيد الأمر إرباكاً عدم وضوح الرؤى السياسية الخاصة بالتعليم العالي مع تولي الحكومة الجديدة مقاليد حكم البلاد، هناك تياران متنافسان، الأول يريد تقليص الأعداد بهدف ضغط النفقات من ناحية وتقليص أعداد المهاجرين الذين يمثلون - في رؤية هذا التيار- تهديداً محتملاً على الأمن القومي، والتيار الثاني يرى الفوائد والعوائد طويلة الأمد التي تدرها طبقة متعلمة ومثقفة يمكن أن تضيف للقوة الإنتاجية في المملكة المتحدة، ويرى أصحاب هذا التيار أن التاريخ الحديث شهد للطلاب العرب بصورة خاصة القدرة على الاندماج في المجتمع البريطاني.

المساهمون