توصلت بريطانيا إلى اتفاق مع الاتحاد الأوروبي حول الفترة الانتقالية التي ستتبع خروجها من الاتحاد رسمياً بعد عام تقريباً، وهو التفاهم الذي غطى نحو 75 في المائة من النقاط العالقة بين الطرفين.
وأعلن الفريقان المفاوضان، أمس، التوصل إلى اتفاق يحدد طبيعة العلاقة بين الطرفين حتى نهاية عام 2020، ويمنح بريطانيا الوقت الكافي للتأقلم مع الوضع الجديد خارج الاتحاد الأوروبي.
ويحدد التفاهم طبيعة العلاقة مع الاتحاد الأوروبي حتى نهاية الميزانية الحالية للاتحاد في 31 ديسمبر/ كانون الأول 2020، وهو "ما يوفر الثقة التي تحتاجها الأعمال التي تتخذ من بريطانيا مقراً لها ويحسّن من أدائها".
وشملت الاتفاقية، أيضاً، تنازلات من جانب حكومة تيريزا ماي عن العديد من الخطوط الحمراء التي كانت قد رفعتها سابقاً. ففيما يتعلق بإيرلندا الشمالية، وافقت بريطانيا على التزام إيرلندا الشمالية، على خلاف بقية المملكة المتحدة، بمعايير الاتحاد الأوروبي وقواعده، ولتبقى بذلك على توافق مع القواعد المتبعة في الجمهورية الإيرلندية.
ويؤدي ذلك إلى تجنب الحدود الصلبة ونقاط التفتيش على الجزيرة الإيرلندية، وبالتالي يحفظ "اتفاق الجمعة العظيمة" الذي تحل ذكراه العشرون في نهاية هذا الشهر، والذي أنهى الحرب الأهلية في شمال الجزيرة الإيرلندية.
وتعتبر موافقة ماي على هذا المقترح تنازلاً كبيراً من جانبها، حيث كانت حكومتها قد رفضت رفضاً قاطعاً هذا الحل الذي تقدم به الاتحاد الأوروبي سابقاً، إلا أنها أبقت على فقرة تلمح إلى الحل الذي كانت ترغب به بريطانيا بداية، حيث "سيعمل الطرفان على تطوير تقنيات إلكترونية متقدمة للسيطرة على الحدود من دون الحاجة إلى نصب الحدود الصلبة في الجزيرة، وهو أمر قد يستهلك وقتاً طويلاً كي يتبلور".
أما فيما يتعلق بحقوق الصيد في المياه البريطانية، فقدمت الحكومة البريطانية تنازلاً آخر جلب لها المزيد من الانتقادات، وخاصة من جانب مؤيدي البريكست المشدد، إذ تخلت عن المطالب الأولى باستعادة السيطرة الفورية على حقوق الصيد في المياه البريطانية فور خروجها من الاتحاد الأوروبي، وقبلت بالالتزام بالسياسة الأوروبية الحالية وحصصها.
ودفع هذا التنازل بجاكوب ريس موغ، رئيس الكتلة البرلمانية المحافظة المعادية للاتحاد الأوروبي والمؤيدة للبريكست المشدد، إلى تنظيم احتجاج بدعم عدد من البرلمانيين بأن يلقوا السمك من على متن قارب في نهر التايمز أمام البرلمان غداً الأربعاء، في تعبير عن رفضهم عن التنازل البريطاني عن حقوق الصيد البحري.
كما شمل الاتفاق تنازلاً آخر فيما يتعلق بحقوق المواطنين الأوروبيين القادمين إلى بريطانيا خلال الفترة الانتقالية. ففيما كانت ماي قد أعلنت سابقاً رفض حكومتها لمنح مواطني الاتحاد الواصلين بعد مارس/ آذار 2019 ذات الحقوق والمعاملة التي ينالها المواطنون الأوروبيون حالياً، أعلن الفريقان عن قبول بريطانيا بالشروط الأوروبية، غير أن تفاصيل هذا الاتفاق لا تزال غير واضحة فيما يتعلق بالبريطانيين المقيمين في الاتحاد الأوروبي، رغم حذف الاتحاد الأوروبي لفقرة تمنعهم من الانتقال إلى دولة أوروبية ثالثة.
كما تشمل الاتفاقية التزام بريطانيا بدفع فاتورة الطلاق البالغة 40 مليار جنيه إسترليني حتى عام 2064، كما قبلت بالالتزام بالقوانين الأوروبية، وخاصة حرية التنقل، خلال الفترة الانتقالية.
وكان مكسب بريطانيا الوحيد هو قدرتها على التفاوض على اتفاقيات تجارية مع أطراف ثالثة ليتم تطبيقها حال خروجها من الاتحاد.
وفي معرض تعليقه على هذا الاتفاق، قال زعيم حزب المحافظين السابق، إيان دنكان سميث، لـ"بي بي سي": "هناك مخاوف حقيقية.. يبدو ألا شيء سيتغير خلال الفترة الانتقالية، ويعد ذلك باعتقادي أحد المخاوف التي ستضطر الحكومة إلى التعامل معها، لأن العديد من النواب البرلمانيين لا يشعرون بالراحة حيال هذا الترتيب".
أما زعيمة حزب المحافظين الاسكتلنديين، روث دافيسون، فقالت: "علينا الآن الانتظار حتى 2020 لنستعيد السيطرة الكاملة، وهو أمر محبط بلا شك. لقد تحدثت لقيادات الصيادين اليوم، وهم محبطون جداً من هذه النتيجة".