ويعد التقرير تقييماً حكومياً بريطانياً للقوانين التي قد يسنّها الاتحاد الأوروبي في العامين التاليين لموعد "بريكست"، نهاية مارس/ آذار 2019، التي يتم نقاشها حالياً في بروكسل.
وتشمل القوانين المتوقعة، التي يجب على بريطانيا القبول بها، عدداً من السياسيات الأوروبية الاقتصادية والبيئية، إذ يتوقع أن يتم التوافق أوروبياً على سياسة موحدة للتعامل مع النفايات، التي سيتم تطبيقها غالباً خلال الفترة الانتقالية، وستتطلب هذه السياسة الأوروبية رفع معدلات إعادة التدوير من 44 في المائة إلى نحو 70 في المائة.
وترى الحكومة البريطانية هذا الهدف أمراً غير قابل للتحقيق، إذ إنه لرفع المعدل إلى 55 في المائة يجب على المنازل فصل فضلات المطبخ العضوية وفضلات الحدائق، والفضلات الأخرى التي تمكن إعادة تدويرها، وهو ما يعني أن يفرض على كل منزل وجود أربع حاويات للقمامة مخصصة لأنواع مختلفة من الفضلات.
كما أنه يجرى نقاش قانون أوروبي حالياً، سيفرض على "مكاتب تصفية اليورو" أن تنتقل من لندن إلى القارة الأوروبية، وتعمل كوسيط بين طرفي الصفقات التجارية لضمان سلاسة العملية، وتساهم في تأمين صناديق الاستثمار لحماية المستثمرين.
وتتم تصفية ثلاثة أرباع الأعمال التي يتم التعامل باليورو فيها في مكاتب في لندن، وهو ما يزوّد مدينة الأعمال في لندن بنحو 83 ألف وظيفة، و80 مليار جنيه سنوياً.
وتتوقع الحكومة البريطانية أن يتم تشريع قانون مراقبة تنظيم البنية التحتية للسوق الأوروبية وفرضه في الفترة الانتقالية، وهو ما يهدّد الأسواق المالية البريطانية.
كذلك شملت القوانين الأخرى إلزام المواطنين بالحصول على تأمين للجرارات الزراعية، والعربات الرباعية ودراجات السكوتر، كما قد يتم تشريع قوانين تحد من كمية الفوسفات في الأسمدة الزراعية، وهو ما قد يقود إلى ارتفاع الأسعار.
ويصنف التقرير السياسات الأوروبية بين "إمكانية تشريع عالية" وتحمل "خطورة عالية"، وتتدرج في إمكانية تشريعها ودرجة خطورتها. ويضع التقرير خمسة في خانة "إمكانية التشريع المرتفعة" وذات "الخطورة المرتفعة"، وتسعة في خانة "إمكانية التشريع المرتفعة" وذات "الخطورة المتوسطة".
وتكمن المعضلة الرئيسية في هذه التشريعات في عدم قدرة بريطانيا على تعديلها أو الاعتراض عليها خلال الفترة الانتقالية، التي يتوقع أن تمتد لعامين بعد الخروج الرسمي من الاتحاد الأوروبي.
ويفترض أن تستمر العلاقة بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي على ما هي عليه حالياً خلال الفترة الانتقالية، إذ تلتزم بريطانيا بالقوانين الأوروبية، ولكن من دون أن تحق لها المساهمة في سن هذه القوانين.
ويمكن لهذه المعادلة أن تتسبب في شرخ في صفوف الحكومة البريطانية، حيث علت أصوات المؤيدين للبريسكت المشدد، الذي يطالب بانفصال تام عن الاتحاد الأوروبي، معترضة على تطبيق أية قوانين أوروبية جديدة خلال الفترة الانتقالية.
وفي السياق، قال وزير الخارجية الحالي وأحد متزعمي تيار البريكست المشدد، بوريس جونسون، إن تطبيق أية قوانين أوروبية جديدة خلال الفترة الانتقالية يجب أن يكون خطاً أحمر للحكومة. وكان قد صرح سابقاً حول هذه المسألة بقوله: "سمعتم رئيسة الوزراء تقول بكل وضوح في فلورنسا إنها ترى المرحلة الانتقالية تحكمها التوافقات الحالية؛ هذه هي العبارة التي استخدمتها "القوانين الحالية"".
وتهدف الفترة الانتقالية إلى تجنّب التغيير المفاجئ في القوانين والتشريعات البريطانية، حيث يتم تطبيق التفاهمات الجديدة تدريجياً، إذ توفر الأمان والثقة للأفراد والأعمال، كما تجنب أيضاً التغيير المتكرر للتشريعات البريطانية.
ولكن المشككين في النوايا الأوروبية يخشون من أن يستغل الاتحاد الأوروبي هذه الفترة الانتقالية في فرض قوانين ذات تأثير على المدى البعيد، التي قد تضر بالاقتصاد البريطاني، في حركة انتقامية من لندن لمغادرتها الاتحاد، وهي نغمة يعزفها العديدون من مؤيدي البريكست المشدد، ومنهم جاكوب ريس موغ، النائب عن حزب المحافظين في ويستمنستر وزعيم كتلة برلمانية من 60 نائباً برلمانياً محافظاً من المعارضين للاتحاد الأوروبي.
ويأتي هذا التقرير أثناء زيارة رئيس الوفد الأوروبي المفاوض، ميشيل بارنييه، إلى لندن، حيث يتم نقاش الخطوات التالية في مفاوضات بريكست.
وكان الطرفان قد أتمّا مفاوضات المرحلة الأولى مع نهاية العام الماضي، ولينتقل الحديث إلى شروط الفترة الانتقالية، قبل أن ينتقل إلى شكل العلاقة التجارية بين الطرفين مستقبلاً.