تتفاوت الآراء في بريطانيا حول حجم تدخل قوات التحالف الدولي في العراق وسورية للقضاء على تنظيم "الدولة الإٍسلامية" (داعش). كما ارتفعت في الآونة الأخيرة الأصوات الداعية لنشر قوات برية، بالتزامن مع ورود تقارير تفيد بعدم فعالية الغارات الجوية.
وكانت تصريحات رئيس الأركان في الجيش البريطاني السابق، الجنرال السير ديفيد ريتشاردز، اليوم الأحد، بمثابة آخر الدعوات المُطالبة بنشر قوات برية غربية في العراق وسورية للقضاء على "داعش".
وفي مقابلة مع قناة "بي بي سي 1" التابعة لهيئة الإذاعة البريطانية، دعا الجنرال البريطاني إلى نشر قوات برية للتحالف الدولي في سورية والعراق، لتعزيز دورها وزيادة فعالية حملتها العسكرية.
وذكر ريتشاردز، أن القصف الجوي ضد أهداف "داعش" في العراق وسورية غير فعّال، وأن "التحالف يواجه عدواً نظامياً يمتلك دبابات ومدرّعات ومدافع". ولفت إلى أن "التنظيم عالي التجهيز، وعازم على الاستمرار في القتال، ولهذا السبب يجب أن ننظر إليه على أساس أنه جيش نظامي".
ويرى الجنرال البريطاني، أنه لا يمكن القضاء على "داعش" إلا عبر حملة برية، تؤدي قوات التحالف الغربية، على الأقلّ، دوراً مسانداً فيها.
وخاطب الجنرال البريطاني قوات التحالف الغربية قائلاً: "عليكم إما نشر قوات برية في مرحلة ما، أو أن تشرفوا على تدريب مكثف للقوات الحليفة لنا والتي تحارب بالنيابة عنا".
ويرى ريتشاردز أن الاستراتيجية المثلى للقضاء على "داعش" تكمن في احتوائه عبر تكثيف الهجوم عليه للحيلولة دون تضاعف قوته. واعترف ريتشاردز بأن هذه الاستراتيجية تحتاج إلى "الكثير من التخطيط والعمليات اللوجستية".
ولم يتفق نائب رئيس الوزراء البريطاني، نيك كليغ، مع الجنرال ريتشاردز بأن قوات التحالف الدولي تواجه في العراق وسورية جيشا نظاميا.
وقال كليغ، خلال مقابلة مع نفس القناة، معلقاً على تصريحات الجنرال البريطاني، إن "لكل دولة في التحالف دوراً محدداً في الحملة العسكرية ضد قوات متحركة لا تعود إلى دولة محددة".
ورفض كليغ توسيع الحملة الجوية البريطانية في سورية في الوقت الحاضر، قائلاً: "على الرغم من أن رئيس الوزراء (ديفيد كاميرون) يرغب في توسيعها، لكنه لن يستطيع القيام بذلك من دون حصول على موافقة حزب الأحرار الديمقراطيين وحزب العمال".
وجاءت تصريحات رئيس الأركان البريطاني السابق، مع ورود تقارير تفيد بأن مسلحي "داعش" تمكنوا من إحراز تقدم في العراق وسورية.
وذكرت تقارير ميدانية من داخل سورية أن "داعش" تمكن من التقدم باتجاه مركز بلدة عين العرب، على الرغم من تكثيف قوات التحالف القصف الجوي ضده.
ونقلت صحيفة "ذا جارديان" البريطانية، اليوم الأحد، عن المسؤول الحزبي في عين العرب، إدريس ناسان، قوله إن "الطلعات الجوية للتحالف ضد داعش ليست فعالة".
وكشف المسؤول الكردي، أن "القتال العنيف لا يزال مستمراً بين مسلحي داعش والمسلحين الأكراد في المنطقة الجنوبية الشرقية من المدينة، وأن التنظيم يتمركز في منطقة لا تبعد سوى كيلومترين عن مركز المدينة".
وقال ناسان، إن "طائرات التحالف غير قادرة على دحر مسلحي داعش"، مؤكداً أن "داعش يحاصر المدينة من ثلاثة محاور، وأن طائرات التحالف غير قادرة على ضرب كل مقاتل"، عازياً تقدم التنظيم إلى "تغيير تكتيكاته التي تستند إلى التخفي والانسحاب من المناطق المفتوحة".
ودعا المسؤول الكردي قادة دول التحالف إلى إرسال قوات برية لمحاربة التنظيم، وتزويد الأكراد بالأسلحة الثقيلة.
عراقياً، لا يزال "داعش" يسيطر على مناطق كان قد احتلها منذ يونيو/حزيران الماضي، مثل نينوى وصلاح الدين والأنبار، فيما استطاع استرجاع بعض المناطق التي خسرها، مع ورود تقارير ميدانية تفيد بسيطرته على مناطق قريبة من العاصمة، بغداد.
وأثبت التنظيم مقدرة عالية في مواجهة القوات العراقية المدعومة من المليشيات، خصوصاً أنه يستخدم الأسلحة الأميركية المتطورة التي تركها الجيش العراقي في المناطق التي انسحب منها في يونيو/حزيران الماضي.
وكانت صحيفة "ويلد تربيون" الأميركية قد ذكرت في عددها الصادر في 12 سبتمبر/أيلول الماضي، أن مسلحي التنظيم تمكنوا من إسقاط طائرة عراقية باستخدام بطاريات مضادة للطائرات أميركية الصنع، كانت الولايات المتحدة قد زودت الجيش العراقي بها.
كما يعتمد التنظيم في العراق على تكتيكات تتناسب مع الحملة الجوية التي تشنها قوات التحالف ضده، ومنها التخفي واستخدام المدرعات العراقية للتمويه، بالإضافة إلى استخدامه المكثف للعمليات الانتحارية في الكثير من عملياته العسكرية ضد القوات العراقية المدعومة بالمليشيات.