ونقلت بلومبيرغ، عن مصادر مطلعة قولها، إن سبب رفض المركزي البريطاني التحويل، جاء نتيجة ضغوط مارسها وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، ومستشار الأمن القومي في الإدارة الأميركية جون بولتون، على المسؤولين البريطانيين، من أجل حجب الأصول الفنزويلية عن نظام الرئيس نيكولاس مادورو.
وسارع الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالاعتراف برئيس البرلمان في فنزويلا، خوان غوايدو، الذي عين نفسه "رئيسا انتقاليا" لبلاده يوم الأربعاء الماضي.
وتبعت الولايات المتحدة في الاعتراف بغوايدو، كندا، بريطانيا، كولومبيا، بيرو، الإكوادور، باراغواي، البرازيل، شيلي، بنما، الأرجنتين، كوستاريكا، وغواتيمالا. وفي المقابل، أيدت كل من روسيا وتركيا والمكسيك وبوليفيا شرعية مادورو، الذي أدى قبل أيام اليمين الدستورية رئيسًا لفترة جديدة من 6 سنوات.
ومؤخرا، توعدت واشنطن مراراً بالعمل ضد مادورو، فيما اتهمها الأخير بمحاولة اغتياله أو إدخال البلاد في اضطرابات، كما اتهم معارضين بالتآمر ضده مع الولايات المتحدة ودول إقليمية.
وتحاول فنزويلا منذ أشهر الوصول إلى احتياطيها من الذهب لدى البنك المركزي البريطاني. وكان رئيس المركزي الفنزويلي كاليكستو أورتيغا، قد زار لندن في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، لإجراء اتفاق حول تحويل احتياطي بلاده من الذهب، لكنه لم يتوصل إلى نتيجة، وفق تقرير بلومبيرغ.
وامتنع بنك إنكلترا عن التعليق على ما كشفت عنه المصادر حول رفضه إعادة الذهب إلى فنزويلا، قائلاً إنه "يقدم الخدمات المصرفية، بما في ذلك خدمات حفظ الذهب إلى عدد كبير من العملاء ولا يعلق على أي من هذه العلاقات".
وعندما سُئل وزير الخارجية الأميركي عن مصير الأصول الفنزويلية في الخارج يوم الجمعة الماضي، رفض التعليق. بينما أصدرت وزارة الخزانة الأميركية بيانا قالت فيه إن الولايات المتحدة "ستستخدم أدواتها الاقتصادية والدبلوماسية لضمان أن تكون المعاملات التجارية لفنزويلا وكذلك المؤسسات المملوكة للدولة والأصول الدولية، متسقة مع اعترافها بغوايدو باعتباره الرئيس المؤقت لفنزويلا".
وشكل الذهب جزءاً حاسماً من الاحتياطيات الأجنبية لفنزويلا لسنوات. وقام هوغو تشافيز، الرئيس الفنزويلي الراحل والزعيم الاشتراكي، بتحويل الكثير من عائدات الدولة الغنية بالنفط إلى ذهب بسبب ازدرائه للدولار الأميركي.
وفي عام 2011، أمر تشافيز بإعادة ما قيمته 11 مليار دولار من الذهب من بنك إنكلترا والمؤسسات الأجنبية الأخرى. ومع تعمق الأزمة الاقتصادية في فنزويلا بعد ذلك بسنوات، بدأ نظام مادورو في بيعها لجمع الأموال التي تحتاجها البلاد بشدة لتمويل الواردات ومحاولة تفادي التخلف عن سداد ديونها الخارجية.
ويوم الخميس الماضي، ذكرت نشرة "ستاندرد أند بوورز ـ بلاتس" النفطية الأميركية، أن إدارة ترامب تدرس تشديد الحظر النفطي على حكومة مادورو، وذلك أملاً بزيادة الضغوط المالية عليه أكثر وإجباره على التنازل عن السلطة.
ولم تستبعد النشرة أن تتخذ أميركا هذا القرار في أي لحظة. ولكنْ هنالك مصاف أميركية مصممة على استهلاك نوعية الخامات الفنزويلية، ربما تقف أمام مثل قرار كهذا لأنها ستكون متضررة من الحظر.
وربما تكون فنزويلا الغنية بالنفط وقعت ضحية احتياطاتها النفطية الهائلة، التي ترغب أميركا بتوظيفها ضمن استراتيجية أمن الطاقة الأميركية.
وشهدت فنزويلا تراجعا في إنتاجها النفطي خلال ثلاثين عاماً لكنها تملك أكبر احتياطي عالمي لدرجة أن وقع الإضطرابات السياسية التي تشهدها البلاد، وإمكانية تغيير النظام فيها قد يؤثران على العالم أجمع.
وتملك فنزويلا 17.9% من احتياطي النفط المؤكد في العالم، تليها السعودية بنسبة 15.7% وكندا 10% وإيران 9.3% بحسب أرقام مجموعة "بي بي" النفطية البريطانية.
وقالت الوكالة الدولية للطاقة في تقرير حديث لها إن "فنزويلا التي يقدر بأنها تملك 303.2 مليارات برميل من الاحتياطي تتخطى السعودية، لكن قسماً كبيراً من نفطها ثقيل جداً ما يجعل عملية استخراجه باهظة".
وتراجع إنتاج فنزويلا النفطي ليصل إلى أدنى مستوى منذ ثلاثين عاماً، وفي حين كانت البلاد تضخ أكثر من ثلاثة ملايين برميل يومياً لم تنتج العام الماضي سوى 1.339 مليون برميل يومياً بحسب أرقام منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) وهي عضو فيها.
وهذا يمثل تراجعاً كبيراً مقارنة بـ 1.911 مليون برميل يومياً أنتجت في 2017 بحسب منظمة أوبك. وعانى القطاع النفطي من قلة استثمار مزمن من قبل شركة "بيتروليوس دي فنزويلا" الوطنية. وفي نهاية سبتمبر/ أيلول 2018 لم تكن سوى 25 من الآبار ناشطة مقابل 70 مطلع 2016 بحسب وكالة الطاقة الأميركية.