بريطانيا تحتمي من الحرب الإلكترونية

20 فبراير 2017
(سيرغي كونكوف/TASS)
+ الخط -
يشكّل نمو شبكة الإنترنت، قوّة كبيرة قد تستخدم للتواصل والتعاون بين الناس في جميع أنحاء العالم، وتساعد إيصال أصوات غير مسموعة إلى مسامع حكومات ودول، ولكنّها تلعب دوراً آخر في المقابل يحمل مخاطر كثيرة، منها الوصول إلى بيانات ونظم والكشف عنها أو إتلافها وارتكاب جرائم على جميع الصعد والميادين حتى على مواقع المواعدة حيث يبحث الكثيرون عن الحب. 
وتحسّباً لما يحمله عالم الإنترنت من مخاطر، افتتحت ملكة بريطانيا رسمياً، في العاصمة لندن، مركزاً جديداً للحماية من الهجمات الإلكترونية، الأربعاء الماضي، بعد أن تمّ تحذير أهمّ الشركات في البلاد، أنّها ليست على استعداد تام لمحاربة التهديد المتزايد من قبل المتسلّلين، وهو ما استثمر فيه 1.9 مليار جنيه استرليني.

ويعتبر مركز الأمن المعلوماتي الوطني، جزءاً من وكالة استخبارات "GCHQ" مقرّ الاتصالات الحكومية، الذي تعامل مع 188 هجوماً خلال الثلاثة أشهر الماضية، صنّفها ضمن الفئة الثانية أو الثالثة. كما تبيّن في عطلة نهاية الأسبوع، أنّ الأمن القومي في بريطانيا مهدّد من قبل عشرات الهجمات الإلكترونية شهرياً، وأنّ 65 بالمائة من الشركات الكبيرة، بلّغت عن خرق في الإنترنت أو هجوم خلال العام الماضي.

وأظهرت وكالة الاستخبارات "GCHQ"، أنّ بريطانيا تواجه حوالى 60 هجمة خطيرة شهرياً
من قبل قراصنة الكومبيوتر.

من جهته، أكّد موقع هيئة الإذاعة البريطانية أنّ بريطانيا لم تشهد هجوماً من الفئة الأولى أو على أعلى مستوى، مثال ما تعرّض له ملايين الأميركيين من سرقة تفاصيل سرية عنهم من مكتب إدارة شؤون الموظفين.
"تعرّضنا لخسائر كبيرة في البيانات الشخصية واقتحام مهم من قبل جهات حكومية معادية، لكن مهمتنا هي التأكّد من أنّنا نتعامل معها بالطريقة الأكثر فعالية". قال كياران مارتن، المدير التنفيذي للمركز، الذي أضاف أنّهم يريدون جعل بريطانيا الهدف الأصعب.
وتحدّث هاموند في الافتتاح عن ازدياد مخاطر الهجمات الإلكترونية في وتيرتها وقسوتها وعن غياب خطّة إدارية في حال وجود خرق للإنترنت في كل تسع من أصل عشر شركات. وكشف عن أنّ الحكومة لا تستطيع حماية الشركات وعامة الشعب من مخاطر الهجمات الإلكترونية وحدها.



كذلك، قال شيب شابمان، وهو جنرال سابق في مكافحة الإرهاب لأخبار الـ "ITV"، إنّ حجم الجريمة الإلكترونية، ظاهرة ضخمة وتكلّف الاقتصاد تريليونات الدولارات. وأكمل أنّه بالإضافة إلى التهديدات المتزايدة للشركات البريطانية، إن موقع خدمات الصحة الوطنية هو الأكثر ضعفاً على الإنترنت.

ويشمل عمل المركز، البحث عن العيوب في مواقع القطاع العام ومعالجة رسائل البريد
الإلكتروني المزوّرة والمضلّلة للمتلّقي، وإجبار آلاف مواقع الانترنت المخادعة التي تحاول سرقة كلمة المرور الخاصّة بحساب شخص أو غيرها من المعلومات السريّة على الإغلاق.
وتعتبر بريطانيا، واحدة من أكثر الدول التي تعتمد على الاقتصادات الرّقمية، مع قطاع رقمي يقدّر بما يزيد عن 118 مليار جنيه استرليني، ما يعني أنّ البلاد لديها الكثير لتخسره. وما يثير قلق المسؤولين الرّسميين لا يقتصر على هجوم يشل البنى التحتية بل أيضاً فقدان ثقة المستهلكين والشركات للاقتصاد الرّقمي، نتيجة استغلال مجرمين نقاط ضعف على الإنترنت.

ويرى مسؤولون أنّ هناك حاجة إلى جهد متواصل من قبل الحكومة والقطاع الخاص للعمل معاً لجعل بريطانيا أصعب هدف ممكن.
وعلّق مارتن، أنّ روسيا شكّلت محور الاهتمام في الآونة الاخيرة في أعقاب مزاعم عن استخدامها هجمات إلكترونية في الانتخابات الرئاسية الأميركية الأخيرة. وأضاف أنّه يعتقد أنّ هناك تغيّراً كبيراً في النهج الرّوسي إلى الهجمات الإلكترونية والاستعداد للقيام بها وبشكل واضح، لذلك عليهم الاستعداد للتعامل مع هذه القضية.

أيضاً حذّر مسؤولون فرنسيون وألمان من إمكانية التدخّل في انتخاباتهم المقبلة، في المقابل قال رئيس مركز الأمن المعلوماتي الوطني، إنّه لا دليل على أنّ هجوماً كبيراً قد يقع ضد العملية الديمقراطية في بريطانيا.

وكتب موقع "بي بي سي"، أنّ مركز حماية بريطانيا من الهجمات الإلكترونية، الذي يقع ضمن الـ "GCHQ" في منطقة شلتنهام، تعرّض في الماضي إلى انتقادات كبيرة من قبل الشركات وغيرها لاعتماده السرّية بشكل كبير. أمّا المركز الجديد، فسيكون أكثر مرونة وسيؤمّن الحماية لمجموعة أوسع بكثير من القطاعات التي لا تقتصر فقط على الحكومة والصناعات ذات الصلة 
بالأمن القومي، مثل الدفاع.

ومنها تلك الجرائم التي تطاول أشخاصاً بسيطين، قد لا تكتب وسائل الإعلام عن معظمهم لأنّ أصواتهم لا تصل أو لأنّهم يخشون الإفصاح عمّا واجهوه من خداع أوخوفاً من الفضيحة. بيد أن صحيفة "ذا تلغراف" خصّصت خبراً على صفحاتها عن امرأة تعرّضت للاغتصاب والذل من قبل رجل قابلته على موقع للمواعدة وهي تبحث عن الحب والرومانسية على الإنترنت. وصلت قضيتها إلى القضاء البريطاني، الذي استمع إلى ما عانته من استعباد لها من قبل أخت الشاب الذي انتقلت للعيش معه بعد لقائها به على الإنترنت، وراحت تطهو الطعام لهما وتنظّف المكان وتعاقب أحياناً بسكب الكلور في ماء حوض الاستحمام الذي تجلس فيه. كذلك تعرّضت للكم والركل بشكل متكرر من قبل الاثنين.
وتقول المرأة التي لم تذكر الصحيفة اسمها لأسباب قضائية، إنّها كانت تشعر بالوحدة وأرادت أن تكون محبوبة من جديد، بعد أن عانت من علاقة سيئة في السابق. لكنّها وجدت نفسها تعيش في حالة من الخوف والقمع والمعاملة القاسية.

وأكثر الجرائم شيوعاً على الإنترنت في بريطانيا في عام 2016، التي تمّ التبليغ عنها، هي الغش في الحسابات المصرفية، التي بلغت 2,356,000، والخداع اللا استثماري، الذي فاقت أعداده المليون، مثال أي استثمار في السلع الأساسية مثل النبيذ ليثبت لاحقاً لأنّ لا قيمة لها. وفيروس الكومبيوتر، الذي بلغ 134 ألف، وهو عبارة عن برامج غير مصرّح بها تسيطر على الجهاز الخاص بشخص ما.


المساهمون