برنامجٌ ساخر يُثير الجدل بين السويد والصين

25 سبتمبر 2018
(يوتيوب)
+ الخط -
أثار برنامج "أخبار السويديين" (Svenska Nyheter) الساخر، ويقدمه الصحافي ياسبر غروندال، مساء الجمعة، على التلفزيون الرسمي السويدي SVT، بسخريته وانتقاده تصرف شرطة بلده مع السائحين الصينيين، واتهام السويديين من بكين بأنهم "عنصريون" ضد مواطنيها، غضباً صينياً جديداً على استوكهولم، بعد نحو أسبوعين من حادثة طرد 3 سائحين صينيين من نزل في العاصمة السويدية.


لم يرق للسفارة الصينية استخدام حادثة النزل في استوكهولم، وطرد الشرطة للسائحين، في البرنامج الساخر، ما أشعل صفحات التواصل الصينية في حملة ضخمة ضد السويد، كمثل على "الأفكار السويدية المسبقة" حول الصينيين والآسيويين عموماً. ولتسوء الحالة أكثر، قام معدو البرنامج الساخر باستخدام فيديو عن السياحة في السويد حوّله الصينيون إلى ساخر من السويديين على موقع "يوكو" الصيني البديل ليوتيوب، لأجل "تجنب صدام ثقافي مستقبلي"، من خلال نصائح تقدم للسائحين الصينيين الراغبين في زيارة السويد بأن "يتجنبوا التبرز في الأماكن العامة".

مدير البرامج المسؤول، توماس هال، دافع بداية عن البرنامج، موضحاً أن القصد منه عكس ما فهمته السفارة الصينية، فهو، بحسب هال "لم يهدف إلى الحط من الصين والصينيين".
من جانبها، اعتبرت سفارة بكين في استوكهولم، في بيان نشرته على موقعها، أن "التلفزيون السويدي (وهو القناة الرسمية) يدعو إلى العنصرية"، وطالب البيان بـ"تقديم اعتذار رسمي من القناة".. وبالرغم من أن هال دافع عن برنامج "أخبار السويديين" الساخر، الذي يبث أسبوعيا، إلا أنه عاد الإثنين ليقول إنه "من الخطأ استخدام شريط الفيديو الصيني من موقع YouKu نظراً إلى أنه لا يمكننا رؤية السياق الذي ظهر فيه". وقام التلفزيون السويدي بنشر "أخبار السويديين" على يوتيوب مرة أخرى مترجما بالإنكليزية ليتضح المقصود منه. في البرنامج يظهر مقدم الحلقة وهو يطلب من جمهور الاستديو ترديد عبارة "أنا لست عنصرياً... ولكنني كذلك"... من باب التهكم على اتهام الصينيين للسويد بأنه بلد عنصري.


لكن في رد السفارة الصينية يبدو أن الأمر أبعد من مجرد هفوة أو احتجاج على معاملة السائحين، فاحتجاج بكين يحمل طابعاً سياسياً غاضباً من استوكهولم، لأنها تتهم بكين باختطاف معارض يقيم على أراضيها أثناء رحلة له إلى تايلاند منذ أعوام، وتنتقد السجل الحقوقي لبكين على الدوام، وفي هذه المرة احتج البيان الرسمي الصيني على "ظهور تايوان وأجزاء من أراضي الصين كالتبت مقتطعة من الخارطة (الصينية التي عرضها البرنامج)". ويحتج بيان سفارة بكين على ما سماه "نشر العنصرية والخوف من الغرباء في البرنامج، وهو يستفز ويحرض على الكراهية باستهداف الصينيين والجماعات العرقية الأخرى".



ومضى البيان ليحذر من أن "البرنامج ينتهك القواعد الأخلاقية الأساسية ويتحدى الضمير الإنساني وينتهك بشكل خطير أخلاقيات مهنية لدى وسائل الإعلام". واستغرب السفير الصيني "أن يحدث ذلك في السويد البلد الذي ينشر ويدافع عن المساواة العرقية". وختم البيان: "مطالبة القائمين على برنامج التلفزيون السويدي تقديم اعتذار فوري، مع حقنا باتخاذ إجراءات أخرى".

يُذكر أن البرامج السياسية الساخرة منتشرة في الدول الإسكندنافية بطريقة قد تجعل البعض يشعر بصدمة لجرأة تناولها قضايا اجتماعية وسياسية وثقافية، من دون أن تترك أحدا بعيدا عن متناولها، بمن فيهم قيادات وملوك وأمراء دولها.

وقد تسببت روح السخرية والتهكم الاسكندنافية، على صعد عديدة، فنيا وثقافيا أيضا، بالكثير من المتاعب للعاملين في الصحافة ووسائل الإعلام، مع دول وثقافات أخرى فهمت البرامج الساخرة بطريقة مشابهة لما استنتجته السفارة الصينية.

بكل الأحوال ذهبت الخارجية السويدية، الإثنين، إلى إصدار موقف من مطالب الاعتذار الصينية، والاحتجاج الرسمي؛ فقد ذكرت صحيفة "أفتون بلاديت" أن الخارجية تلقت نهاية الأسبوع الاحتجاج "لكنها أكدت لهم (للصينيين) أنه في السويد هناك حرية تعبير"، بحسب ما تنقل الصحيفة عن موظف كبير في الخارجية باستوكهولم، بوستر ميروف اميستلوف. وذكرت افتون بلاديت أن كل الاحتجاجات على برنامج تلفزيوني، ومعاملة السائحين في بداية الشهر الحالي، "ليست جديدة، فالخارجية والتلفزيون السويدي يتلقيان الكثير من الشكاوى والانتقادات بسبب ما ينشر على وسائل التواصل والإعلام في السويد، وغالبية الاحتجاجات تكون من حسابات مفبركة من الخارج".

المساهمون