قالت مصادر مطلعة في مجلس النواب المصري إن "المجلس يدرس تمرير الموازنة الجديدة للدولة من دون مناقشات مستفيضة في لجانه النوعية، في سابقة لم تشهدها المجالس النيابية المصرية، على خلفية تداعيات فيروس كورونا الجديد، والخوف من انتقال العدوى بين أعضاء البرلمان في حال اجتماعهم، في ضوء الإجراءات الاحترازية التي تتخذها الدولة في مواجهة الوباء".
وأضافت المصادر لـ"العربي الجديد"، أن "رئيس البرلمان، علي عبد العال، أصدر تعليمات بتعليق اجتماعات جميع اللجان المخصصة لمناقشة مشروع الموازنة العامة للدولة للعام المالي 2020-2021، ومنها لجنة الخطة والموازنة التي حددت سلفاً أيام الاثنين والثلاثاء والأربعاء والخميس من الأسبوع الجاري، لعقد 8 اجتماعات داخل قاعة مجلس الشورى السابق لاستعراض بنود الموازنة".
وأشارت المصادر إلى تلقي رئيس لجنة الخطة والموازنة في البرلمان، حسين عيسى، اتصالاً هاتفياً من عبد العال، أمس (الأحد)، لإخطاره بعدم دعوة أعضاء اللجنة لأي اجتماعات في الفترة الحالية بناءً على "تعليمات عليا"، مشيراً في هذا الصدد إلى اعتزام مجلس النواب إرجاء جلساته العامة المقررة أيام 12 و13 و14 إبريل/ نيسان الجاري لمدة أسبوعين آخرين (للمرة الثانية على التوالي).
وزعم عيسى في رسالة وجهها لأعضاء اللجنة عبر تطبيق "واتسآب"، أن تأجيل الاجتماعات يستهدف الحفاظ على صحة المشاركين فيها من نواب البرلمان، وممثلي الحكومة، والمحررين البرلمانيين، مشيراً إلى أن الدستور منح مجلس النواب 90 يوماً كاملة لمناقشة الموازنة العامة، وبالتالي هناك فرصة لمناقشة بنودها لاحقاً، والتصويت عليها قبل انتهاء يونيو/ حزيران المقبل.
وحسب المصادر نفسها، فإن عبد العال يدرس دعوة اللجنة العامة للاجتماع مطلع مايو/ أيار المقبل، وهي تضم جميع رؤساء اللجان، وممثلي الهيئات البرلمانية للأحزاب، للتباحث حول مسألة عدم مناقشة بنود الموازنة داخل اللجان النوعية بسبب أزمة فيروس كورونا، ومن ثم طرحها أمام النواب في الجلسات العامة للمناقشة والتصويت، بناءً على تقارير اللجان المختصة في هذا الصدد.
واشترطت لائحة البرلمان حضور وزيري المالية والتخطيط، لإلقاء البيان المالي ومشروع الخطة للموازنة أمام البرلمان، وكذلك مشاركة الوزراء المختصين في مناقشات لجانه حول بنود الموازنة، وفقاً للمادة 124 من الدستور، والتي نصت على أن "تشمل الموازنة العامة للدولة كافة إيراداتها، ومصروفاتها، وعدم نفاذها إلا بموافقة مجلس النواب، من خلال التصويت على مشروع الموازنة باباً باباً".
من جهته، قال عضو اللجنة التشريعية في البرلمان، مصطفى بكري، إن المادة 54 من اللائحة الداخلية لمجلس النواب، تنص على أنه "لكل لجنة عند بحث موضوع معروض عليها أن تحيله، كله أو بعضه، إلى عضو أو أكثر من أعضائها، أو أن تشكل لجنة فرعية من بينهم لدراسته، وتقديم تقرير لها عنه"، لافتاً إلى أن المقصود بالموضوع هنا هو "مشروع قانون أو قرار بقانون أو اتفاقية".
وأشار بكري إلى إمكانية بدء اللجنة المختصة في مناقشة مشروع الموازنة من خلال تشكيل لجنة فرعية، إلى حين تحسن أوضاع أزمة كورونا، مدعياً أن هناك تقاليد برلمانية ترسخت، ومنها ما أوردته مضابط الجلسة الثانية لمجلس النواب في 13 إبريل/ نيسان 1938 (ص 19)، والتي تجيز توزيع بيان وزير المالية عن الميزانية العامة للدولة على الأعضاء بدلاً من تلاوته "كسباً للوقت".
وتابع بكري: "هناك كذلك تقرير اللجنة عن مشروع الميزانية العامة للدولة عن السنة المالية (1940-1941)، والذي تقرر عدم تلاوته أمام مجلس النواب، والاكتفاء بإثباته في مضبطة الجلسة"، لافتاً إلى أن ذلك كله "مثبت في مضبطة مجلس النواب (دور الانعقاد الثالث/ مضبطة الجلسة رقم 66 بتاريخ 3 يونيو/ حزيران 1940/ ص 2398".
وختم قائلاً: "من التقاليد عدم إلزام مجلس النواب بما يرد من آراء في تقارير لجنة الشؤون المالية عن ميزانية الدولة، وعدم وجوب عرضها على المجلس لأخذ الرأي، وقد حدث أثناء مناقشة تقارير لجنة المالية في شأن ميزانية العام المالي (1948-1949)، إذ قال رئيس المجلس إن ورود بعض الآراء في التقارير المذكورة تعتبر مجرد توجيهات، ورغبات، لا يؤخذ عليها رأي المجلس".
وسجلت الموازنة الجديدة في مصر عجزاً كلياً يُقدر بتريليون و975 مليار جنيه، جراء ارتفاع صافي الاقتراض إلى 432.09 مليار جنيه، والاقتراض وإصدار الأوراق المالية إلى 987.66 مليار جنيه، وسداد القروض المحلية والأجنبية إلى 555.56 مليار جنيه. في حين استحوذت فوائد الدين على جانب كبير من بند المصروفات بواقع 566 مليار جنيه، من أصل تريليون و713 مليار جنيه مخصصة للمصروفات، مقابل تريليون و288 مليار جنيه متوقعة للإيرادات.
بدوره، وجه وكيل لجنة الخطة والموازانة في البرلمان، مصطفى سالم، خطاباً إلى رئيس مجلس الوزراء لعلاج الآثار السلبية لوباء كورونا على الموازنة المصرية، مقترحاً فيه إعداد خطة متكاملة للتحرك لدى كافة الهيئات الدولية، والصناديق الإقليمية المُقرضة لمصر، للتفاوض حول توقيعها ملاحق لعقود اتفاقيات القروض الجاري سداد أقساطها وفوائدها، بهدف تجميد سريان تلك الاستحقاقات لمدة 6 أشهر.
ودعا سالم إلى تحويل أرباح كافة البنوك، والشركات السيادية المملوكة للدولة بشكل كامل، أو أرباح حصص ملكية الدولة في الكيانات المشتركة، إلى صندوق "تحيا مصر" (غير خاضع لأي نوع من الرقابة) لمدة عام واحد، لعلاج آثار "كارثة كورونا" على الأوضاع الاقتصادية للبلاد، أو إنشاء صندوق اقتصادي مخصص لهذا الغرض، على حد قوله.
وأصدر مجلس النواب بياناً، اليوم الاثنين، قال فيه إن عدداً من رؤساء اللجان النوعية تقدم بتوصياتها بشأن بعض الإجراءات الاحترازية والوقائية الواجب اتباعها في مواجهة فيروس كورونا، وفي مقدمتها لجنة الصحة التي أوصت بتقديم الدعم للقطاع الطبي لمساعدته على أداء دوره الوطني والحيوي، والتعاقد مع الأطباء المحالين للتقاعد في مختلف التخصصات.
كما انتهت لجنة الاتصالات في البرلمان إلى توصيات، منها زيادة خطوط الخط الساخن لوزارة الصحة للرد على استفسارات المواطنين، وتيسير إجراءات تسليم (SIM Card) لطلاب المدارس، وتعديل مواعيد عمل مكاتب البريد، وتوفير عدد أكبر من ماكينات الصراف الآلي، فيما أوصت اللجنة الدينية بتشديد الرقابة على غلق المساجد والزوايا والمصليات، والتحذير من استغلال الأزمات لاحتكار السلع.
وتقدمت لجنة التضامن الاجتماعي بتقرير للعرض على رئيس البرلمان، تؤكد فيه متابعتها لإجراءات وزارة التضامن الاجتماعي، ومنها تطهير وتعقيم دور الرعاية بكافة أشكالها (سجون - أحداث - مسنين - أيتام)، بالإضافة إلى تسهيل صرف المعاشات. وأوصت اللجنة بضرورة نشر الوعي، وتنشيط المبادرات الداعمة للأسر المصرية، وزيادة الدعم النفسي والمجتمعي للمتعافين، وفق بيان البرلمان.
بدورها، تواصلت لجنة الشؤون العربية مع سفراء الدول العربية للاطمئنان إلى أحوال الجاليات المصرية في البلدان العربية، ومعرفة حجم الإصابات بفيروس كورونا بين أفرادها، وما تم اتخاذه من تدابير واجراءات وقائية للحد من انتشار العدوى، علاوة على التواصل مع وزارة الخارجية للنظر في مسألة الطلاب العالقين بالسعودية (نحو 100 طالب)، والإجراءات المتخذة إزاء عودتهم إلى أرض الوطن.
وتواصلت اللجنة كذلك مع وزارة الخارجية في ما يتعلق بالمصريين العالقين في السودان، والبالغ عددهم حوالي 3 آلاف مصري (طلبة وغير طلبة)، إذ أكد السفير تواصله الدائم مع الطلبة والاطمئنان إلى سلامتهم. بينما تقدمت لجنة النقل بتوصيات بشأن الحد من أزمة التكدس في وسائل النقل الجماعي، والتعقيم المستمر للبضائع المستوردة والأرصفة والموانئ ومعدات الشحن.