برلمان الشيشان يقترح معاقبة أهالي المقاتلين

15 يناير 2015
آثار اشتباكات بين الشرطة والمتمردين بالشيشان (إلينا فوتكيلينا/فرانس برس)
+ الخط -
رفع برلمان الشيشان إلى مجلس "الدوما" الروسي، مشروع قانون يسمح بمعاقبة أهالي المقاتلين، الذين يقومون بعمليات تهدّد سلامة المجتمع وأمنه، في خطوة رفضها مناصرو حقوق الإنسان واعتبروها عودة للقرون الوسطى.
ويأتي هذا الاقتراح بعد عملية نفذها مقاتلون شيشانيون في غروزني في الرابع من ديسمبر/كانون الأول 2014، وحاولوا خلالها الاستيلاء على مبنى وزارة الإعلام، وأوقعوا خسائر كبيرة في صفوف رجال الشرطة.
وأفادت وكالة "إنترفاكس" يوم الثاني عشر من يناير/كانون الثاني الجاري، أن برلمان جمهورية الشيشان رفع إلى مجلس الدوما الحكومية الروسية مشروع قانون حول "إجراء تعديلات لبعض المواد القانونية في روسيا الفيدرالية بخصوص تشديد المسؤولية عن الجرائم المرتكبة بحق سلامة المجتمع وأمنه"، وأن هذا المشروع تم تسجيله لعرضه على المناقشة في البرلمان الروسي.
وفي مشروع قرارهم، ينطلق المشرعون الشيشانيون من ضرورة تشديد المسؤولية عن الجرائم المرتكبة بحق المجتمع، والتي يعاقب عليها القانون المعمول به حالياً بالسجن مدة تتراوح بين 15 و25 عاماً. لكن المشكلة لا تكمن في مدد الأحكام التي تعتبر أقل بكثير وأخف قسوة من نظيرتها في كثير من بلدان العالم، خاصة جرائم الإرهاب، إنما في تعميم المسؤولية، والدعوة إلى قبول مبدأ العقاب الجماعي المعروف بوجهه النازي، والذي تستخدمه إسرائيل ضدّ الفلسطينيين فتهدم منازلهم وترحّلهم من أرضهم، وتمتنع عن تسليم جثث ضحاياها. علماً بأن الامتناع عن تسليم جثث المقاتلين ممارسة يعترض عليها أهاليهم في القوقاز، ويرون فيها وسيلة ضغط عليهم، مع غياب الأدلة الكافية على تورط أبنائهم في الإرهاب.
 
ويطالب أهالي المتضررين من العمليات الإرهابية في عموم روسيا الفيدرالية بإعادة عقوبة الإعدام إلى القانون الروسي، وكان قد أوقف العمل بها في 16 أبريل/نيسان 1997. علماً بأن رئيس الاتحاد السوفييتي سابقاً جوزيف ستالين، كان قد ألغى عقوبة الإعدام في 26 مايو/أيار 1947، وأعادها في بداية الخمسينيات. ويؤيد 54 في المائة من الروس إنزال عقوبة الإعدام بحق "الإرهابيين"، وفق استبيان أجراه مركز "دراسة الرأي العام" من حوالي عامين.

وكان المكتب الصحافي في برلمان جمهورية الشيشان قد أعلن قبل رفع مشروع القرار إلى مجلس "الدوما" الروسي أن التعديلات المقترحة تنص على "إدخال الحكم بالسجن المؤبد والحكم بالإعدام وكذلك مصادرة الأملاك والحسابات المصرفية وتحويلها إلى ملكية حكومية".
غير أن المدافعين عن حقوق الإنسان يتوقعون أن يرفض "الدوما" اعتماد التعديلات التي يطلب إدخالها البرلمان الشيشاني، ويرون فيها ممارسة قروسطية غير مقبولة. وتقول الناشطة المخضرمة في مجال حقوق الإنسان، ورئيسة لجنة "المساعدة المدنية"، سفيتلانا غانوشكينا: "يعرضون علينا العودة إلى العصور الوسطى. أملي كبير في ألا تقبل الدوما مشروع القانون القاضي بتعميم المسؤولية عن الجرائم التي يرتكبها الأقارب. فحتى في العهد الستاليني كانوا يقولون عندنا إن الولد ليس مسؤولاً عن أفعال أبيه والعكس بالعكس". وأضافت "هذه المسؤولية الجماعية، والذنب الجماعي، والعقاب الجماعي، أمور مشينة".
لكنْ للرئيس الشيشاني، رمضان قاديروف، رأي آخر؛ فبعد عملية غروزني، كتب قاديروف على صفحته في موقع "إنستاغرام": "إذا قام مقاتل في الشيشان بقتل رجل شرطة أو أي شخص آخر، فسوف يتم ترحيل عائلته من الشيشان حالاً دون الحق بالعودة، وسوف يتم هدم منزله من أساسه. وأنا أعلن رسمياً أن الزمن الذي كان يقال فيه إن الأهل غير مسؤولين عما يقوم به أبناؤهم وبناتهم مضى. ففي الشيشان سوف يُسألون عن ذلك! فإذا ما رأى الأب أن ابنه يسير في طريق الإرهاب والوهابية فليسلمه إلى السلطات أو يوقفه بطرائق أخرى".
النتيجة، ووفقا لإذاعة "صدى موسكو"، تم حرق تسعة منازل لأهالي المقاتلين الذين شاركوا في عملية غروزني الأخيرة في داغستان، وغير مناطق من القوقاز، لكن شباباً داغستانيين نفوا لـ"العربي الجديد"، أنّ تكون المنازل التي تم تدميرها للأهالي، قائلين إنها فقط التي تطلق منها النيران والتي يختبئ فيها المقاتلون.
 وكان من شأن الحشود الغاضبة من أنصار قاديروف والرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن تفعل أكثر من ذلك لو لم تتم تهدئتها، أو الإيعاز لها بالتوقف.
ومع إبدائه تفهم حالة قاديروف وسياق تصريحاته، أعلن بوتين أن الجميع في روسيا ملزمون بالتقيد بالقوانين الفيدرالية، وتوقف عند الطبيعة العاطفية الانفعالية لتصريحات الرئيس الشيشاني، وقال في مؤتمره الصحافي السنوي في ديسمبر/كانون الأول الماضي "سمح رئيس الشيشان لنفسه بتصريحات انفعالية، ويمكن فهمه، فقد قتلوا 14 من عناصر حفظ النظام. وكما تعلمون، احتشد بعدها آلاف الناس. وفي هذه الظروف، أدلى رئيس الجمهورية بتصريحات عاطفية بالفعل". وأضاف "وأما ما قاله قاديروف بخصوص أقارب الإرهابيين ومنازلهم وطردهم من الجمهورية، فليس لدي ولا يمكن أن يكون سوى موقف واحد: على الجميع في روسيا الالتزام بالقوانين المعمول بها في بلادنا. فكل متهم بريء حتى تقر المحكمة إدانته". وطالب الأجهزة الأمنية بالتحقق من اتهامات حرق منازل أهالي المقاتلين الشيشان.
المساهمون