وشرع البرلمان التونسي، اليوم، في مناقشات القانون المتعلق بتجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني بسماع الجبهة الشعبية بوصفها صاحبة المقترح، فيما قررت لجنة الحقوق والحريات والعلاقات الخارجية الاستماع إلى رأي الرئيس التونسي، باجي قائد السبسي، ووزير الشؤون الخارجية، خميس الجهيناوي، ووزير العدل، غازي الجريبي، باعتبارهم الأطراف المعنية بتطبيق هذا القانون والسهر على نفاذه واحترام سريانه.
وأكد رئيس لجنة الحقوق والحريات، نوفل الجمالي، الالتزام بتقديم القانون إلى الجلسة العامة في موعد 20 فبراير/ شباط القادم، بعد أن تستمع اللجنة إلى عدة جهات من بينها رئاسة الجمهورية ووزارتا الخارجية والعدل وممثلون عن المجتمع المدني.
وأعرب نواب الجبهة الشعبية خلال عرض القانون عن استعدادهم قبول التعديلات والمقترحات على نص قانون تجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني الغاصب، وانفتاحهم على جميع الكتل البرلمانية شرط عدم المس بجوهره، معتبرين أنه حان الوقت لوضع حد لتغول الكيان المحتل عبر رسالة قوية من تونس بلد الثورة والحرية والكرامة. وستمكن هذه المبادرة أيضا من الانتصار لمعركة إنسانية ضد هذا الكيان المتآمر والخطير والذي يعمل على اختراق الدول.
وبين نواب الجبهة أيضا أن تأخر المصادقة على هذا القانون الذي اقترح منذ العام 2015، وبعد امتناع المجلس الوطني التأسيسي عن دسترة تجريم التطبيع عام 2014، يعود إلى ضغوطات دولية مورست على تونس.
وبالرغم من ذلك يعد خبراء القانون الدستوري أن دستور تونس من بين الدساتير القليلة في العالم، الذي نص صراحة على مناصرة القضية الفلسطينية ووجوب مساندتها حيث نص في توطئته على ضرورة "الانتصار للمظلومين في كل مكان ولحق الشعوب في تقرير مصيرها ولحركات التحرر العادلة وفي مقدمتها حركة التحرر الفلسطيني ومناهضة لكل أشكال الاحتلال والعنصرية."
وقال النائب عن حزب النهضة، الصحبي عتيق، والذي كان رئيساً لكتلة حزب النهضة في المجلس التأسيسي بعد الثورة، خلال مداخلته، إنّ القضية الفلسطينية هي القضية التي جمعت الشعب التونسي دون اختلاف على مناصرتها، لافتاً إلى فترة وضع دستور 2014 أن مجرد تلويح النواب المؤسسين بتجريم التطبيع في المسودة الأولى من الدستور خلق نوعاً من الضغوطات الدولية الكبيرة على تونس.
ولفت إلى أن تجريم التطبيع لم يكن أبداً محل خلاف وأن عدم دسترته كان نتيجة لضغوطات تمت ممارستها ونتيجة لعدم وجود أي بند في أي دستور عربي يجرّم التطبيع، الشيء الذي جعل من تخصيصه في قانون ضرورة، معتبراً أنه لا حجة اليوم لعدم تمرير هذا القانون.
ويرى مراقبون أن قانون تجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني فتح أبواب ضغوط اقتصادية ودبلوماسية غير مسبوقة على تونس بعد الثورة حيث بلغ سيل الضغط، من قوى اقتصادية ومالية غربية، حد التهديد بحجب المساعدات في وقت تعيش فيه البلاد ظرفا ماليا واقتصاديا صعبا، حتى إن دولا عربية مارست ضغوطا دبلوماسية لإثنائه عن المضي في خيار تجريم التطبيع لما في ذلك من إحراج لها مع شعوبها ومواطنيها.
وقال رئيس الكتلة الديمقراطية بالبرلمان التونسي، سالم الأبيض، إنّ موضوع تجريم التطبيع معقد وصعب ويدخل في ظل المحرمات السياسية في تونس، مشيرا إلى أن الموافقة على مناقشة القانون لا تعدو أن تكون أداة لامتصاص غضب الشعب التونسي إبان إعلان الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، الاعتراف بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني.
ولفت الأبيض إلى أن تمرير هذا القانون سيكون انتصاراً للقضية الفلسطينية وانتصاراً للشعب التونسي بعد العمليات التي نفذها الكيان الصهيوني في تونس، بعد عملية اغتيال خليل الوزير أبو جهاد عام 1988 واغتيال المهندس محمد الزواري عام 2016 والاعتداء السافر على مدينة حمّام الشط التونسية عام 1985، معربا عن أمله في أن يكون مشروع القانون جاهزا قبل 20 فبراير/ شباط القادم لتمريره إلى الجلسة العامة.