برشلونة و"التيكي-تاكا"... التمركز يختصر المشهد "السينمائي"

31 يناير 2019
+ الخط -

وُلدت فكرة "التيكي-تاكا" مع المدرب الإسباني بيب غوارديولا خلال عهده الذهبي مع برشلونة. هي الفكرة التي تعتمد على سلسلة التمريرات السريعة والقصيرة وصولاً لإقصاء الخصم وتسجيل هدف مباغت. الفكرة لم تمت بعد رحيل غوارديولا وأمست عُرفاً في المدرسة "الكتالونية" على مر السنوات، والهدف السادس في مرمى إشبيلية أفضل مثال على ذلك.

التمركز يختصر "السينما"
عندما يُتابع المشجع هدفاً لبرشلونة يعتقد لوهلة أنه من صنع مخرج سينمائي أو صورة مع مؤثرات خاصة "غرافيكس". لكن ما وراء الصورة التي تظهر للجميع عمل جماعي من 11 لاعباً يتمركزون في المكان الصحيح ويختارون التوقيت المناسب.

"التمركز" يختصر كل شيء في عملية "التيكي-تاكا"، فبدونه من الصعب الانتقال من الدفاع إلى الهجوم بسرعة أو إسقاط خط دفاع الخصم بتمريرة أو اثنتين. أن تتحرك مع الكرة وبدونها هي البداية والنهاية عند اختيار المكان والزمان المناسبين لتسلّم الكرة من جديد.

هي أمور طبيعية بالنسبة لنجوم برشلونة وحتى أقرب إلى "الروتينية"، فتدوير الكرة والتمريرات القصيرة والتحرك مع أو بدون كرة هي أساس فلسفة النادي "الكتالوني". ويبقى أن التمركز الصحيح هو الذي يُساعد دائماً في نجاح هذه المنظومة في تطبيق "التيكي-تاكا" بأفضل طريقة.

في برشلونة هناك دائماً خيارات للتمرير حتى تحت الضغط، لأن جميع اللاعبين يتمركزون في المكان الصحيح ويتحركون مع حامل الكرة بطريقة تسمح له التسليم والتسلّم دائماً.  من الدفاع إلى الهجوم مروراً بالأجنحة، 11 لاعباً يتحركون في جسد واحد وصولاً نحو شباك الخصم.

الهدف السادس يشرح الكثير
يكشف فيديو الهدف السادس معنى التمركز والتحرك مع الكرة، فلحظة قطع آلينيا للكرة كان جيرارد بيكيه أول المنطلقين في الهجمة من الخط الخلفي، ومعه كل من سيرجي روبيرتو، جوردي ألبا والأوروغواياني لويس سواريز. مع تسلم ميسي الكرة في وسط الملعب كان على نفس الخط معه كل من آلينيا، جوردي ألبا، بيكيه ولويس سواريز (5 ضد 4).

تمريرة من ميسي نحو آخر لاعب من المنطلقين بسرعة وهو فيدال المتأخر، فمنه إلى سواريز وهنا تبدأ حكاية "التيكي-تاكا" السريعة. سواريز وجد بيكيه في مكان جيد لتسلّم الكرة، وبعد التمرير تمركز مباشرةً في المساحة الفارغة ليجد التمريرة المُعادة من بيكيه بسرعة. ثم تمريرة من سواريز نحو جوردي ألبا الذي تصرف وكأنه يعرف جيداً من يقف وراءه دون النظر.

عند تسلّم جوردي ألبا الكرة، ثلاثة لاعبين من برشلونة كانوا في المكان المناسب لتسجيل الهدف، وتحديداً في المكان المناسب لتسلّم الكرة لأن الثلاثة تمركزوا بطريقة مثالية. وطبعاً ذكاء جوردي ألبا دفعه لترك الكرة عبر الكعب خلف ظهره، ليُساعد تمركز ميسي الصحيح في خطف الكرة وإرباك الدفاع الذي كان يتوقع أن يتسلّم بيكيه الكرة، فينفرد ميسي ويُسدد الكرة في الشباك.

هي تفاصيل صغيرة تؤكد تفوّق برشلونة حتى اليوم في صناعة لوحة "التيكي-تاكا"، وهي المشاهد التي تتكرر في كل موسم، وكأن اللاعبين اعتادوا تطبيق هذه الفلسفة مهما كان اسم المدرب، والأهم أنهم يتمركزون في الملعب وهم على دراية كاملة بأن ظهرهم محمي من الزميل دائماً...