بديهيات غير بديهية

19 فبراير 2016
يقاتل حزب الله بهدف إبقاء الأسد ونظامه(أحمد محمد علي/الأناضول)
+ الخط -
كثيرون يحسدون الأمين العام لحزب الله، حسن نصرالله، على قدراته في مجالات عدة، لعلّ أبرزها صلابته في تقديم سردية أسطورية عن الحدث السوري. ليّ عنق الواقع سمة ملازمة لخطابات الرجل الذي صار تفنيد كلامه نقدياً، من بين المحرّمات الأكثر خطورة في لبنان، بما أن "الغضب العفوي للأهالي" قادر أن يفعل ما لا تُحمد عقباه بحق من "يتجرأ" أن يتعاطى مع نصرالله كمسؤول سياسي لأي تنظيم حزبي آخر.
عندما يبقى نصرالله إلى اليوم يقول إن نظام بشار الأسد يتعرّض لمؤامرة عالمية ترأسها الولايات المتحدة، هل يكون إلى هذا الحدّ مستهتراً بعقولنا ومستخفاً بذكاء الناس، وفي مقدمتهم مريديه؟ هل يعقل ألا يكون أحد في المعمورة بعد متيقناً من موافقة واشنطن على الحرب الروسية ــ الإيرانية (بالتالي الحزب اللّهيّة) في سورية من أجل إبقاء الأسد ونظامه؟ روسيا ــ بوتين، وهي أفضل صديق لإسرائيل اليوم، تنسّق مع تل أبيب استراتيجياً في كل خطوة سورية، باعتراف حكام موسكو وتل أبيب، لكن نصرالله لا يزال يخبرنا، بلا ملل، أنّ حرب حزبه في سورية استمرار لقتال إسرائيل!
مقاتلو الفصائل السورية المعارضة مقطوعون عن أي ذخيرة عسكرية في جبهات اللاذقية وحلب، ولم يعودوا يملكون ثمن مأكلهم ومشربهم، لكن لا شيء يمنع نصر الله من تكرار لازمة أنّ العالم كلّه يسلّح هؤلاء في سياق فصول المؤامرة طبعاً. تقاتل قوات حزب الله جنباً إلى جنب مع مولود يجمع العالم أنه يشكل تقاطعاً أميركياً ــ روسياً ــ إيرانياً (والله أعلم مَن أيضاً) اسمه قوات "سورية الديمقراطية" و"جيش الثوار" لمصلحة نظام الأسد، لكن أيضاً وأيضاً، نصرالله لا يتعب من ترداد أن قواته وجيش الأسد يواجهان العالم بأسره لهزيمة أميركا.
يخرج حكام إسرائيل عن حيادهم الكاذب إزاء الثورة السورية، ويقولون إن خيارهم المفضّل يظلّ بقاء بشار الأسد مقلَّم الأظافر، وإلا فالتقسيم، من دون أن تتغيّر رواية نصرالله قيد أنملة عن أن تل أبيب تكاد تكون فصيلاً مجنداً لخدمة فصائل المعارضة السورية.
أسئلة لا تعني نصرالله بطبيعة الحال، بما أنّ في قاموسه لا مكان للنقاش إلا داخل أطر حزبه وبحدود أيضاً ربما، وإلا لماذا لا يظهر الرجل يوماً ما، في حوار تلفزيوني أو صحافي مع إعلامي غير منتسب تنظيمياً أو "فكرياً" إلى مدرسة حزب الله؟
المساهمون