وتناقض أحكام القضاء الإداري ومحكمة الأمور المستعجلة، في قضية "تيران وصنافير"، كان سبباً في استصدار رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي، قراراً من رئيس المحكمة الدستورية لوقف تنفيذها جميعاً بصفة مؤقتة، الصيف الماضي، وإعطاء الحكومة الفرصة لإصدار الاتفاقية رسمياً ونشرها في الجريدة الرسمية، وتطبيقها عملياً بتسليم الجزيرتين للسعودية، واقتسام المهام الأمنية والعسكرية في مضيق تيران مع السعودية.
ويأتي نشر حكم "الدستورية"، لحيازته الحجية القانونية على كافة الأحكام الأخرى، إذ لا يجوز لأي محكمة أو جهة تنفيذية مخالفته، وفقاً للدستور المصري.
وكان الحكم قد صدر، قبل ساعات من الزيارة الرسمية الأولى لولي العهد السعودي محمد بن سلمان، إلى القاهرة.
وأدى هذا الحكم إلى استمرار تطبيق الاتفاقية، وإلغاء جميع الأحكام السابق صدورها ببطلان الإجراءات التمهيدية لها، حيث استندت المحكمة الدستورية في إلغائها جميع الأحكام المتناقضة سواء من القضاء الإداري أو الأمور المستعجلة، إلى أنّ كلا المحكمتين خالفتا الدستور والقانون؛ الأولى بتصديها لاتفاقية دولية من أعمال السيادة دون أن يكون لها الحق في ذلك، والثانية بوقفها أحكام هيئة قضائية أخرى.
وذكرت المحكمة الدستورية، في الحيثيات، أنّ "اتفاقية ترسيم الحدود تُعتبر من الأعمال السياسية التي تترابط فيها صلاحيات السلطتين التنفيذية والتشريعية، فلا يجوز للسلطة القضائية التدخل بينهما، ولا يجوز لها الافتئات على اختصاص مجلس النواب في الرقابة على مدى التزام الحكومة بالمادة 151 من الدستور التي تحظر التنازل عن أي جزء من أراضي الدولة".
وأكدت المحكمة، أنّ الاتفاقية بعدما تم إصدارها ونشرها، ودخولها حيز التنفيذ رسمياً، أصبحت الرقابة عليها اختصاصاً حصرياً محجوزاً للمحكمة الدستورية العليا وحدها، ولا يجوز للقضاء العادي أو مجلس الدولة نظر مدى مشروعيتها.
وحجبت المحكمة أعمال السياسة بشكل عام عن رقابة القضاء؛ مما أثار الجدل حول عدة موضوعات أبرزها مدى صلاحية المحكمة لإلغاء جميع الأحكام المتناقضة في قضية ما دون الاعتداد بأحدها على الآخر، لما في ذلك من شبهة مخالفة النص الدستوري المنظم لاختصاصاتها.
وينص كل من الدستور وقانون المحكمة الدستورية العليا، على اختصاصها بفض التناقض والتنازع بين الأحكام المتعارضة الصادرة من جهات قضائية مختلفة، بمعنى توضيح الصحيح والخاطئ منها، ولم يسبق للمحكمة أن قضت بإلغاء جميع الأحكام المعروضة أمامها كما حدث في هذا الحكم.