بالوثائق.. هكذا روّج السيسي نظامه في "كي ستريت"

14 مايو 2015
كيري يتحدث مع دروكر خلال جلسة بالخارجية الأميركية (Getty)
+ الخط -

في منتصف عام 2013، خلال المرحلة التي أعقبت الانقلاب على الرئيس محمد مرسي من قبل المؤسسة العسكرية المصرية، لوحت عدد من الدول الغربية والولايات المتحدة الأميركية، بعقوبات اقتصادية، تم فرض جانب منها، من قبل حكومات الاتحاد الأوروبي والإدارة الأميركية على الحكومة المصرية، خاصة بعد مذبحتي فض رابعة والنهضة في 14 أغسطس/ آب 2013، التي راح ضحيتها عدد كبير من المدنيين السلميين، بالإضافة إلى صدور عدة قرارات قضائية بحق المعارضين، نددت بها المنظمات الحقوقية الدولية مثل هيومان رايتس ووتش وغيرها من الجهات ذات الثقل الحقوقي، والتي وصفت القضاء المصري بـ"المسيس".

شكلت الوقائع السابقة عامل ضغط، دفع النظام الجديد في مصر، للسعي إلى تلميع صورته، وتفادي تراجع شعبيته لدى الإدارة الأميركية، ومواجهة الضغوط الغربية عليه، عبر لجوء النظام إلى ما يعرف في أميركا بـ (k street)، حيث مقر شركات التسويق السياسي، واللوبيات، والمراكز البحثية، وجماعة الضغط، ما أدى إلى تعاقد الحكومة المصرية، مع شركة العلاقات العامة والتسويق السياسي "جلوفر بارك جروب" في نهاية شهر أكتوبر/تشرين أول من عام 2013، وهو التعاقد الذي وصفته الهيئة العامة للاستعلامات المصرية (هيئة حكومية تتبع رئاسة الجمهورية وتضطلع بدورها كجهاز الإعلام الرسمي والعلاقات العامة للدولة) وقتها بأنه " لا يكلف الحكومة أية أعباء مالية".

مع بداية شهر أكتوبر/تشرين أول من ذلك العام، عرضت عدد من وسائل الإعلام، صورة للعقد المُبرم بين الحكومة المصرية وشركة "جلوفر بارك"، بموجب العقد تدفع الحكومة المصرية 250 ألف دولار أميركي شهرياً للشركة (قرابة مليوني جنيه مصري)، على أن تضاف إليها تكاليف الحملات الترويجية للإعلان وأي خدمات أخرى تنفذها الشركة، وهو الأمر الذي وضع الحكومة المصرية في مأزق شديد بعد التحفظ والسرية التي تعاملت بها مع هذا الموضوع حيال الرأي العام، لتجد نفسها مضطرة إلي إصدار بيان من وزارة الخارجية تعترف فيها بأنها تعاقدت بالفعل مع هذه الشركة المعنية بالعلاقات العامة وتقديم الاستشارات السياسية، وممثلة شؤون الدبلوماسية العامة، وكُل ما يتعلق بالاتصالات الاستراتيجية مع السياسيين الأميركيين حول خارطة الطريق وصولاً إلي الانتخابات الرئاسية والبرلمانية.

تتبعت "العربي الجديد" التعاقد السابق، ونجحت في الوصول إلى الوثيقة التي تقدمت بها شركة "جلوفر بارك" إلى وزارة العدل الأميركية بشأن تفاصيل ما قامت به من أنشطة. شملت الوثائق التي حصلت عليها الجريدة كافة المراسلات الإلكترونية والمكالمات الهاتفية بين الشركة وعدد من الجهات السياسية والإعلامية بالولايات المتحدة، وذلك منذ تاريخ توقيع عقد الصفقة بصفتها ممثل الحكومة المصرية.

ويكشف التحقيق عن دور ما يسمى بـ"المبادرة المصرية الأميركية للحوار" التي عملت على تجميل صورة مصر لدى الغرب، والوسائل التي اعتمدتها هذه الجهات لتسويق أحداث 30 يونيو وكأنها "ثورة شعبية.
 

السيسي يجلس بين هنري كيسنجر ومادلين أولبرايت خلال زيارته أميركا (الأناضول)


البداية

تلزم القوانين الأميركية شركات العلاقات العامة بتسجيل صورة تعاقدها، وتفاصيل ما تقوم به لخدمة أي حكومات أجنبية مع وزارة العدل الأميركية كل 6 أشهر، على أن تعرض في هذه الوثيقة، ما قامت به من أنشطة، من ضمنها المراسلات الالكترونية والمكالمات الهاتفية.

عبر مصادرها في الولايات المتحدة الأميركية، حصلت "العربي الجديد" على الوثيقة التي تقدمت بها شركة "جلوفر بارك" إلى وزارة العدل الأميركية بشأن تفاصيل ما قامت به من أنشطة، لصالح الحكومة الأميركية، شملت كافة المراسلات الالكترونية والمكالمات الهاتفية بين الشركة وعدد من الجهات السياسية والإعلامية في الولايات المتحدة، وذلك منذ تاريخ توقيع العقد مع الحكومة المصرية و"جلوفر بارك" في أغسطس/آب من عام 2013، حتى يناير/كانون ثاني 2014 في حين تم تسليم نسخة التعاقد بين الحكومة المصرية والشركة إلى وزارة العدل الأميركية في أكتوبر/تشرين أول من عام 2013، كما يظهر في الوثيقة التي حصلت عليها الجريدة.

تتضمن الوثيقة الأولى تفاصيل المراسلات الإلكترونية والأنشطة التي قامت بها الشركة مع عدد من عملائها وعلى رأسهم هيئة أبوظبي للاستثمار، والسفارة النيجرية، ومنظمة Salome Zourabichvili Initiative Group، التابعة لوزيرة الخارجية الجورجية.
 
عدد من المسؤولين الأميركيين المستهدفين بدعاية جلوفر بارك للترويج للحكومة المصرية(العربي الجديد)


دور Joy Drucker

خلال شهر أكتوبر/تشرين أول من عام 2013، تضمنت المخاطبات أكثر من جهة ومسؤول أبرزهم Joy Drucker نائب مساعد وزير الخارجية لشؤون مجلس النواب، إذ جاء اسمه في 3 مخاطبات على مدار 3 أيام متتالية 22 – 23 – 24 من ذلك الشهر، كما يرد اسمه في مخاطبات بينه وبين الشركة في الأشهر المقبلة، إذ خاطبت "جلوفر بارك" Joy Drucker إلكترونياً بشأن جلسة الكونغرس المُخصصة لـ مصر، وفي 23 من الشهر ذاته، خاطبته الشركة هاتفيّاً ثم تكرر التواصل بين الجانبين في اليوم التالي، تكرر التواصل بشأن تأكيد الجلسة المخصصة لمصر في الكونغرس.

تتبعت "العربي الجديد" المسيرة الوظيفية لـ Joy Drucker، تخرج دروكر في جامعة لندن للاقتصاد والعلوم السياسية، وحصل على بكالوريوس العلوم فيها، توصلت الجريدة إلى أن Joy شغل عدة مناصب، منها المدير العام لشركة جلوفر بارك، وهو ما يثير التساؤلات والشكوك حول كونه هو عرّاب المصالح المصرية الدعائية بحكم منصبه السابق في جلوفر بارك والحالي في الإدارة الأميركية، بما يمكنه من استخدام منصبه في الترويج لخدمات الشركة والتسويق السياسي للحكومة المصرية.

تُظهر الوثيقة، أيضاً، أنه في 29 أكتوبر/تشرين أول 2013 حضرت الشركة كممثل لمصر في جلسة الشؤون الخارجية المنعقدة في الكونغرس، وكانت في 26 أكتوبر/تشرين الثاني خاطبت جلوفر بارك، Brian Katulis، زميلاً أول في مركز American Progress center للأبحاث بشأن تنظيم ندوة لمناقشة الشؤون المصرية، ويركز Katulis عمله على سياسة الأمن القومي الأميركي في الشرق الأوسط وجنوب آسيا. ويكتب كثيراً عن مصر، ويعد من أصدقاء الحكومة المصرية وعمل مستشاراً للعديد من الوكالات الأميركية الحكومية والشركات الخاصة، والمنظمات غير الحكومية على مشاريع في أكثر من 20 بلداً، بما في ذلك العراق وباكستان وأفغانستان واليمن ومصر وكولومبيا في الفترة من 1995 ولغاية 1998، كما عمل في الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة ومصر من خلال المعهد الديمقراطي الوطني للشؤون الدولية. ويتحدث العربية بطلاقة.

في يوم 30 أكتوبر/تشرين الأول 2013 التقى ممثل للشركة مع Edward Burrier من لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الأميركي، لبحث التطورات الأخيرة في مصر، وفي اليوم التالي تم مخاطبة عمدة مدينة ميامي Thomas Rijalado بطلب مقابلة المسؤولين المصريين بالسفارة المصرية بواشنطن، وفي اليوم نفسه، أيضاً، تم مخاطبة وسيلة الإعلام الأميركية Miami Herald تليفونياً لزيارة مجلس التحرير الخاص بها، السفارة المصرية بواشنطن.

الإعلام الأميركي

في شهر نوفمبر/تشرين ثاني 2013 خاطبت جلوفر بارك، أكثر من جهة حكومية وإعلامية ومراكز أبحاث أميركية بشأن الأوضاع في مصر، وعمدت إلى تنظيم عدد من اللقاءات بين أعضاء في السفارة المصرية وبينهم، ففي 7 نوفمبر/تشرين ثاني تم مخاطبة وكالة Associated Press إلكترونياً لمناقشة تطورات الأحداث بمصر، جرى الاتصال تليفونياً بـ Dana Stroul من لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ، لاستطلاع رأيها في الأوضاع المصرية الحالية، وفي اليوم نفسه تم التواصل مع Jeremy Sharp بمركز أبحاث الكونغرس لمناقشة العلاقات العسكرية بين مصر والولايات المتحدة، وفي 11 نوفمبر/تشرين الثاني تم مقابلة أحد أعضاء فريق هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" لبحث آخر تطورات الأحداث في مصر.

وفي نفس اليوم تمت مخاطبة مكتب عضو مجلس الشيوخ John Barrasso لتحديد لقاء مع شخص يُدعى "معتز منصور" ، وفي 13 نوفمبر/تشرين الثاني جرى تناول الغداء مع أحد أعضاء مكتب عضو مجلس الشيوخ Lindsey Graham ، عضو جمهوري باللجنة الفرعية لمخصصات المساعدات الدولية ومخصصات وزارة الخارجية بمجلس الشيوخ، وتم مناقشة العلاقات المصرية الأميركية، مع السيناتور الذي سبق أن قال لصحيفة المونيتور الأميركية "إننا في حاجة إلى إرسال رسالة لمصر مفادها أننا سنظل نتواصل مع الحكومة وسنظل نقدم لها التمويل، لكننا نخفض فى الأموال المخصصة لها لأننا نريد أن تفهم الحكومة المصرية أن الديمقراطية مهمة، وأننا ننظر ونراقب كيف تمضي فيها الأمور".

في 22 نوفمبر/تشرين الثاني خاطبت الشركة عدداً من وسائل الإعلام الأمريكية NBC/Morning Joe, CNN, PBS, Fox News, ABC News, MSNBC, NPR وعدداً من الصحف الأميركية منها المونيتور، وول ستريت جورنال و USA TODAY لمطالبتهم بالاهتمام بالظهور الإعلامي للمسؤولين المصريين الذين يشاركون في زيارة رسمية لأميركا.
 
مخاطبات جلوفر بارك لوسائل الاعلام ومنها الجزيرة الإنجليزية (العربي الجديد)


الجزيرة الإنجليزية والأميركية

رغم تبني الحكومة المصرية سياسة اتهام دائمة لقناة الجزيرة، بأنها أحد الوسائل التي تحاول نشر أخبار كاذبة عن مصر، وما ترتب على ذلك من إغلاق مكتبها في القاهرة، وحبس عدد من الصحافيين التابعين لها، إلا أن الوثيقة أظهرت مدى أهمية قنوات الجزيرة للحكومة المصرية، إذ خاطبت شركة "جلوفر بارك" قناة الجزيرة الإنجليزية بتاريخ 26 نوفمبر/تشرين الثاني 2013 بضرورة الاهتمام الإعلامي بزيارة الوفد المصري لأميركا، وهي المسألة التي تكررت أكثر من مرة مع الجزيرة الإنجليزية والجزيرة أميركا في 16 ديسمبر/كانون الأول 2013.

في ذلك الوقت، عاد اسم Joy Drucker للظهور في المُخاطبات مرة أخرى، إذ أنه في يوم 2 ديسمبر/ كانون أول 2013 خاطبته الشركة لمعرفة الردود بشأن جلسة مصر في الكونغرس، وفي 4 من نفس الشهر تم إجراء مقابلة مع Steve Lutes بغرفة التجارة الأميركية لمناقشة العلاقات المصرية الأميركية التجارية، وفي 16 ديسمبر/كانون الأول تمت مخاطبة Andrew King يعمل بمكتب السيناتور Lindsey Graham لبحث ترتيب لقاء مع السفير المصري في واشنطن محمد توفيق، مع السيناتور الأميركي.

وخلال هذا الشهر تمت مخاطبة معظم وسائل الإعلام الأميركية للمرة الثانية بضرورة الاهتمام بالظهور الإعلامي لعدد من المسؤولين المصريين خلال زيارتهم إلى أميركا، ومناقشة عدد منهم في الأوضاع السياسية داخل مصر.

وخلال شهر يناير/كانون ثاني تضمنت المُخاطبات الإلكترونية عدداً من المسؤولين الأميركيين وعدداً من وسائل الإعلام كذلك، إذ أنه في يوم 28 يناير/2014 تمت مخاطبة Anne Marie Chotvac عضو لجنة المُخصصات المالية، لمناقشة تحديد موعد لقاء مع عدد من المسؤوليين المصريين في السفارة، في ظل الإجراءات الحكومية الأميركية المتصاعدة التي وصلت إلى حد قطع جانب من المساعدات الأميركية العسكرية، التي لم يفرج عنها إلا في 31 مارس/آذار 2015.

التمويل

يرى الباحث المُتخصص في الشؤون الأميركية محمد المنشاوي أن عدداً من السفارات العربية منذ 3 يوليو بدأت في دفع مبالغ مالية للعديد من شركات العلاقات العامة، وتأسيس عدد من المنظمات لإحداث تغيير في وجهة النظر الأميركية بشأن الأحداث في مصر.

من ناحية أخرى تظهر الوثيقة أن صندوق أبوظبي للاستثمار -ثاني أكبر صندوق سيادي في العالم- يعد أحد أكبر عملاء شركة "جلوفر بارك" إذ أن الشركة مسؤولة عن عملية التسويق للصندوق، وتوثيق علاقته مع واشنطن، وهي المسألة التي دفعت المنشاوي للقول إن البعض يرى دوراً للصندوق في توقيع اتفاقية بين الشركة والحكومة المصرية، في ظل تأكيد بيان وزارة الخارجية المصرية الصادر أن التعاقد "لا يكلف الحكومة أية أعباء مالية".
 
قيمة وتفاصيل النفقات الاضافية التي دفعها ممول التعاقد المصري مع جلوفر بارك (العربي الجديد) 


96 ألف دولار

تُظهر الوثيقة أنه خلال الفترة الممتدة ما بين أغسطس/آب و أكتوبر/تشرين الأول 2013، تكلفت الخدمات الإضافية ما يوازي مبلغ  95.082.94، (قرابة 96 ألف دولار أميركي، ما يعادل 700 ألف جنيه مصري) خلافاً لقيمة التعاقد الأصلي بين الشركة والحكومة المصرية (250 ألف دولار شهرياً) وتوزعت هذه المبالغ على خدمات نفقات السفر، والاتصالات التليفونية، وأجور عدد من الخبراء الاستشاريين، ومصاريف الاستفسارات القانونية.

وتبرز الوثيقة اسم "الواشنطن تايمز" كإحدى المنصات الإعلامية التي عُوّل عليها في الترويج لزيارات الوفود المصرية من خلال مخاطبتها أكثر من مرة، وهي الصحيفة التي اختارها الرئيس عبدالفتاح السيسي لتنشر له مقاله الأول على صفحات الإعلام الأميركي، خلال زيارته لنيويورك أثناء حضوره اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، كما نشر فيها وزير الخارجية الأسبق نبيل فهمي مقالاً على صفحاتها يوم 22 يوليو/تموز 2013، تحدث فيه عن "فرصة مصر الثانية لتأسيس ديمقراطية حقيقية".

يعلق محمد المنشاوي الباحث المُتخصص في الشؤون الأميركية على تلك المسألة قائلاً "هناك مجموعة من وسائل الإعلام الأميركية التي لها علاقة بإسرائيل مثل واشنطن تايمز وfox news ، وتحمل أجندتهم عداءً واضحاً للإسلاميين في أي مكان، ولا تهمها الديمقراطية من عدمها".
 
محمد عبدالله ممول المبادرة المصرية - الأميركية للحوار (العربي الجديد)


المبادرة المصرية - الأميركية للحوار

يكشف محمد المنشاوي -المقيم في واشنطن- أن الترويج لمصر لا يتم فقط عن طريق جلوفر بارك، إذ تقوم جهة تسمى "المبادرة المصرية الأميركية للحوار"، إحدى المنظمات الجديدة التي تأسست في واشنطن في فبراير/شباط عام 2014للترويج للنظام في الولايات المتحدة الأمريكية.

ويشرح المنشاوي لـ"العربي الجديد" دور المنظمات المشابهة، قائلاً "طبيعة أدوار هذه المنظات التي تأسست في أغلبها بعد 30 يونيو ليس فاعلاً أو مؤثراً داخل الولايات المتحدة الأميركية على مستوى دوائر صنع القرار أو مراكز الأبحاث، تأثيرها منحصر داخل مصر وعلى وسائل الإعلام المصرية" واصفاً ما تقوم به بـ"الفرقعة"، بينما تأثر وسائل الإعلام الأميركية بهذه الأخبار منعدم".

وفقاً للمنشور على الموقع الإلكتروني للمنظمة فإن أهداف المنظمة هي السعي لتعزيز التعاون بين الولايات المتحدة الأميركية ومصر، من خلال الاستفادة من زخم ثورة 25 يناير، ومحاولة التغلب على المفاهيم الخاطئة حول وجهات النظر والمواقف السياسية بين حكومتي واشنطن والقاهرة بتنظيم الندوات للمسؤولين المصريين، وترتيب لقاءات ثنائية بين الجانبين.

أحد العاملين داخل المنظمة كشف لـ "العربي الجديد" أن "المبادرة" تأسست في أعقاب عزل الرئيس محمد مرسي، بدعم وتمويل عدد من رجال الأعمال المصريين المقربين من نظام المخلوع حسني مبارك، وعدد من الدول الخليجية التي دعمت سلطة 30 يونيو، وحاولت التحايل على ذلك الأمر بإعلانها تمويلها أمام الجهات الحكومية الأميركية من خلال كل من "مركز المستقبل للأبحاث والدراسات" والذي تأسس بدوره عام 2013، ومؤسسة " MMA Foundation " والتي يملكها أحد رجال الأعمال المصريين بواشنطن ويدعى "محمود عبدالله" وهو المقرب من أعضاء السفارة المصرية في واشنطن، وعمل متعاوناً معهم في مجال الاستشارات المالية.

"العربي الجديد" وثقت غالبية الأنشطة التي قامت بها "المبادرة المصرية الأميركية للحوار"، في مرحلة من بعد 30 يونيو لدعم السلطات الحكومية، والترويج لما حدث كأنه "ثورة شعبية" من خلال تنظيم مؤتمرات للعديد من الوفود السياسية والإعلامية بواشنطن.

ففي شهر أبريل/نيسان من العام الماضي، نظمت المبادرة زيارة للدكتور مصطفى حجازي، خلال فترة توليه المستشار السياسي لرئيس الجمهورية عدلي منصور إلى الولايات المتحدة، ونظمت له لقاءات متنوعة مع عدد من مراكز البحث الأميركية، وندوة بجامعة جورج تاون، وكان حديثه يتركز على ضرورة تدعيم سبل التعاون المشترك بين الولايات المتحدة ومصر، وأهمية 30 يونيو في الحفاظ على الدولة المصرية.
كما أنه في مايو/أيار من العام الماضي، نظمت زيارة لعمرو موسى، الذي تولى رئاسة لجنة الخمسين لصياغة الدستور، تقابل خلالها مع عدد من المسؤولين الأميركيين في نيويورك، وعدداً من القائمين على مراكز الأبحاث، وتحدث فيها موسى عن أهمية الدستور المصري في مرحلة مابعد الإخوان، وأنه يؤسس لدولة مدنية ديمقراطية حديثة، كما تطرق إلى أهمية إعادة تعزيز التعاون المصري الأميركي بعد 30 يونيو.

وفي شهر مايو/أيار من العام الماضي، نظمت ندوة لماجد عثمان رئيس المركز المصري لبحوث الرأي العام "بصيرة" ، ومستشار رئيس الوزراء السابق أحمد نظيف، وأحد الأعضاء البارزين للحزب الوطني المُنحل، وذلك بالتعاون مع جمعية المصريين بنيويورك والتي يرأسها أمير عبدالله، ابن رجل الأعمال محمود عبدالله الممول لأنشطة المبادرة، وتطرق فيها ماجد إلى ارتفاع شعبية الرئيس الحالي عبدالفتاح السيسي.

وفي 30 يونيو من العام الماضي، نظمت المبادرة ندوة بنيويورك لسفير أميركا السابق بمصر فرانك ويزنر، والسيناتور الأميركي شيرز كونز عضو لجنة العلاقات الخارجية بالكونغرس، عن سبل تعزيز العلاقات المصرية الأميركية، وتحدث فيها ويزنر عن ضرورة مد مصر بالمساعدة العسكرية، وضرورة دعم مصر لمكافحة الإرهاب.

وفي أكتوبر/ تشرين الأول من العام الماضي، نظمت لقاء موسعاً لعدد من الصحافيين المصريين في واشطن عن دور الإعلام المصري، وأدوات تطويره وإصلاح الخطاب الإعلامي، وكان من أبرزهم عبداللطيف المناوي، رئيس قطاع الأخبار السابق خلال الرئيس المخلوع حسني مبارك، وعبدالمنعم السعيد رئيس مجلس إدارة جريدة المصري اليوم، وزياد بهاء الدين نائب رئيس الوزراء الأسبق، وجمال الشاعر الإعلامي في التلفزيون الحكومي، والمسؤول الإعلامي في السفارة الأميركية في القاهرة مفيد الديك.

وفي يناير/كانون الثاني من العام الحالي، نظمت لقاء للسفير الأميركي السابق في مصر فرانك ويزنر في القاهرة مع عدد من رجال الأعمال والمستثمريين المصريين، وعدد من منظمات المجتمع المدني، وتناولت تلك اللقاءات العديد من سبل تدعيم العلاقات المصرية الأميركية، تضمنت الترويج لما حدث في 30 يونيو بأنها "ثورة شعبية، أطاحت بحكم الإخوان الذي كاد أن ينتهي بالبلاد إلى الهاوية السياسية".

كوك: جهود مصر لتحسين صورتها غير مؤثرة

من جانبه، يرى ستيفين كوك الباحث الأميركي في مجلس العلاقات الخارجية أن قضية الديمقراطية ليست الركيزة الأساسية في العلاقة بين البلدين، وأن العلاقة ستمضي كما كانت بين الرئيس السابق محمد حسني مبارك والإدارة الأميركية، معتبراً أن الجهود الحثيثة من الحكومة المصرية لتحسين صورة مصر خارجياً ليست هي المؤثرة.

ويؤكد كوك في تصريحات لـ"العربي الجديد" أن كلا البلدين يبحث عن هدف جديد في علاقتهما معاً، خصوصاً أن لكل منهما أولويات مختلفة عن الآخر، مؤكداً أن المساعدات العسكرية بين البلدين هي العامل الوحيد القادر على توثيق العلاقة بينهما.

ويرى ريتشارد ميرفي مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأوسط، أنه توجد العديد من المحددات الهامة التي تحكم طبيعة العلاقات بين البلدين، منها مكافحة الإرهاب وحركة النقل البحري في قناة السويس، واتفاقية السلام مع إسرائيل، والعلاقات الأمنية مع تل أبيب، لكنه يستدرك قائلاً لـ"العربي الجديد": "نعبر للحكومة المصرية عن ضرورة أن تكون حذرة حيال التعامل مع التحديات التي يمكن أن تؤثر على الوضع في المنطقة، مثل جماعة الإخوان المسلمين الذين لهم أتباع في مصر، وعلى الحكومة أن تبقي قنوات اتصال معهم، لتصل لصيغة تسوية".