بالوتيلي الباسك وايسكو الجديد.. تكتيك 4-4-2 يضرب من جديد

10 مارس 2015
+ الخط -


كرة القدم لعبة أشبه بمسرح كبير، والكل يعرض أعماله، فن أمام فن، وفكر يصارع آخر، وفي النهاية، الملعب من يحكم والجمهور هو الفائز الأكبر، لذلك تختلف المدارس الكروية من فريق إلى آخر، لأن كل جانب يهدف إلى تحقيق النجاحات بكل الطرق المتاحة أمامه. وخلال الآونة الأخيرة، قدمت عدة فرق نفسها كخصوم قوية أمام الكبار في بطولة الليجا الإسبانية، وكانت خطة 4-4-2 عاملاً مشتركاً في معظم المواجهات.

4-4-2 الحالية تتحول إلى ما يشبه 4-2-2-2 في حالات الهجوم، و4-4-1-1 في بعض الأحيان، مع 4-6-0 عند الدفاع، أي وجود أربعة خطوط داخل الملعب وليس ثلاثة، كما كان يحدث في التسعينيات. وهذه الخطة تحتاج إلى نوعية معينة من الأسماء، تجمع بين اللياقة البدنية العالية والمهارة الفردية رفيعة المقام، ويبدو أن هذا الاتجاه سيكون هو السائد في عام 2015، على طريقة "إذا كنت تدافع خلال مساحة ضيق بقدر المستطاع، أنت الأفضل".

بالوتيلي الباسك
من أب غاني وأم ليبيرية، قدّم النجم الصاعد ايناكي ويليامز نفسه كأحد فرسان "الماما أفريكا" في كتيبة أسود الباسك هذا الموسم بالدوري الإسباني. أتليتك بلباو، زعيم الباسك والفريق المعتز جداً بجذوره وتقاليده، ولا يسمح لأي لاعب من خارج الإقليم أن يرتدي شعاره خلال المنافسات المحلية والأوروبية كافة، وايناكي واحد من هؤلاء الذين ولدوا في مدينة بلباو، وعرفوا أصول اللعبة داخل ملاعبها، حتى التحق بفريقها أتليتك عام 2012.

وبالعودة للتاريخ، سنجد أن الأسطورة الفرنسية بيستني ليزارو نجم منتخب الديوك، بدأ حياته الكروية مع فريق بلباو نتيجة أصوله الباسكية، كذلك يتألّق المدافع لابورتي في نفس المكان، ويحاول السير على خطى الظهير المكير في صفوف منتخب فرنسا خلال الفترة المقبلة، أما ويليامز فحصل على الشهرة قبل أن يلعب، بسبب طريقة لعبه المميزة وأسلوبه الخاص الذي يميزه عن كل زملائه في ملعب سان ماميس.

تكتيكياً، ايناكي هو الجناح المركزي The Central Winger، أي اللاعب القادر على التحرك بين الأطراف وعمق الملعب، يبدأ على الورق كجناح صريح حينما يحاول فالفيردي غلق مناطقه جيداً، مع عودته لمساندة الظهير الدفاعي، خصوصاً حينما يواجه بلباو خصماً يلعب بأطراف عالية الجودة، بالإضافة إلى قطعه في العمق للتسديد من بعيد، والتحول لوسط حقيقي بالتبادل مع صانع اللعب في المركز 10 بالملعب، لذلك هو لاعب طرفي بالاسم، وشامل في العنوان الفني البحت.

يمتاز ويليامز بالتسديد من بعيد، مع سرعته غير العادية، وقدرته على الجمع بين المراوغات المجدية والخصائص الدفاعية في العرقلة وقطع الكرات، لذلك لعب "بالوتيلي الباسك" دوراً محورياً في إعادة بلباو إلى الواجهة مرة أخرى أخيراً، بتقديمه أداء مميزاً في مباريات الكأس والجولات المعقدة في لا ليجا، وكانت النتائج مبهرة بتخطي إسبانيول في الكوبا، وهزيمة الريال بجدارة في الدوري الإسباني.

طريقة لعب 4-2-3-1 التي تتحول إلى 4-4-1-1 أو 4-4-2 المستقيمة، تعتبر مثالية جداً لقدرات هذا اللاعب، لأنه جيد في الشقيّن، الدفاعي والهجومي، على طريقة أتليتكو مدريد، فياريال هذا العام. وتشّكل هذه الخطة عائقاً صعباً أمام الفرق التي تهوى الاستحواذ والسيطرة، بسبب قدرتها على تضييق المساحات وخنق الفراغات في منتصف الملعب، وبأسماء مثل ويليامز، مونياين، توكيرو، ايراولا، من الممكن أن يحقق المدرب أرنستو ما يطمح إليه في نهاية المسابقات.

ايسكو الجديد
ومن الباسك إلى الأندلس، حيث يوجد فريق مالاجا قاهر برشلونة هذا الموسم، وأحد الفرق التي تقدم مستوى مختلفاً تحت قيادة المدرب خافي جراسيا، الرجل الذي استعاد الشكل المنطقي للفريق، بعد فترات من التراجع في مرحلة ما بعد رحيل المهندس التشيلي بليجريني بعيداً عن الملاعب الإسبانية، وسلاح خافي الفعال هو 4-4-2 أيضاً، ليثبت الفكر الجديد أهميته وسط دهاليز وخبايا الموسم الرياضي الطويل.

افتقد جمهور ملجا النجم ايسكو كثيراً، وحاولوا مراراً وتكراراً نسيانه من دون جدوى، حتى تألق الاسم القادم بقوة، سامو كاستييخو مع الفريق خلال المباريات الأخيرة، ووصل مستوى اللاعب إلى قمته خلال مباراة كامب نو بين برشلونة ومالاجا، بعد أن شغل الرقم 29 مركز الجناح الأيسر أمام الظهير توريس وخلف ثنائي الهجوم، ليضع عبئاً مضاعفاً على داني ألفيش، ويفصل رافينيا ألكانترا تماماً عن المباراة، ونتج عن ذلك وجود ميسي وحيداً في الجبهة اليمنى طوال التسعين دقيقة.

لذلك يعتبر هذا الشبل الصغير مناسباً تماماً لمثل هذه الخطط الصعبة، لأنه يلعب في أكثر من مركز، كجناح هجومي أثناء التحولات، ووسط مساند مع الضغط، ثم كظهير إضافي لمواجهة نجم الفريق الخصم. وخلال 24 مواجهة له بالليجا، قام سامو بأكثر من 30 مراوغة مع 34 عرقلة صحيحة، وبالتالي ساعدت قدراته المدرب على اللعب بأكثر من خطة ومزج 4-4-2 مع 4-6-0 من دون وجود مهاجم واحد صريح.

"من الصعب جداً وصفه، لكنه لاعب سريع ويملك لياقة حديدية، مع نجاح حاد في مواجهة الواحد ضد واحد، ورغبة في السيطرة على نسق ومجريات اللعب". يصف جارسيا نجمه بهذه الكلمات، ويؤكد أن كاستييخو يجري مقارنات دائمة بينه وبين ايسكو، في ما يخص المهارة الفردية، ويستطيع اللاعب تطوير نفسه مستقبلاً بالجمع بين مركزي الجناح ولاعب الوسط الثالث الذي ينطلق من العمق ويضرب في أسفل الأطراف، على طريقة أنخل دي ماريا في آخر مواسمه مع ريال مدريد.

المساهمون