هدأ التوتر بين الهند وباكستان، اليوم السبت، بعدما سلّمت إسلام أباد طياراً هندياً أسيراً، وسط جهود من دول كبرى لمنع نشوب حرب بين الجارتين المسلحتين نووياً.
وقال مسؤولون إن القصف على جانبي خطّ المراقبة، الذي يفصل بين الجزء الواقع تحت سيطرة الهند من كشمير والجزء الواقع تحت سيطرة باكستان، استمر لبضع ساعات، بعد إطلاق سراح الطيار أبهيناندان، ما أسفر عن مقتل أربعة أشخاص، لكنه توقف ليلاً.
واستؤنف القتال ليلاً، إذ تبادل الجانبان إطلاق النار والقصف حتى فجر السبت، ما أدى إلى مقتل شقيقين وأمهما في الشطر الهندي من كشمير.
وفي الشطر الباكستاني من كشمير، قال المسؤول الحكومي عمر عزام إن القوات الهندية تستخدم أسلحة ثقيلة، "استهدفت بشكل عشوائي القرويين على طول خط المراقبة"، ما أسفر عن مقتل صبي وإصابة ثلاثة آخرين، لافتاً إلى أن العديد من المنازل دُمرت من جراء القصف الهندي.
واستخدم المسؤولون في كلا البلدين الوصف الروتيني للمواجهات العسكرية، قائلين إن جنودهم ردّوا "بشكل متناسب"، وتبادلا الاتهامات بانتهاك "غير مبرر" لاتفاق 2003 لوقف إطلاق النار في العديد من القطاعات على طول حدود كشمير، مستهدفين المواقع العسكرية لبعضهم البعض، وكذلك القرى.
وكانت باكستان قد اعتبرت، في وقت سابق، أن إطلاق سراح الطيار الأسير يشكل "بادرة على حسن النية، بهدف خفض التوتر المتصاعد مع الهند" والمستمر منذ أسابيع، ما هدد بنشوب حرب بين البلدين اللذين تبادلا شن الضربات الجوية قبل أيام.
واليوم السبت، قال وزير الخارجية الباكستاني، شاه محمود قريشي، إن تسليم الطيار الهندي إلى بلاده، لم يأت تحت أي ضغط.
وأكد قريشي، في مقابلة مع قناة "بي بي سي أوردو" في باكستان، أنه "لم تكن هناك أي ضغوط علينا، ولم يتم إجبارنا على ذلك"، في إشارة إلى تسليم الطيار.
وأضاف: "أردنا أن ننقل إليهم رسالة مفادها أننا لا نريد أن نزيد حزنكم، ولا نريد أن يكون مواطنوكم يائسين، نريد السلام"، مشدداً على أن بلاده "لا تريد أن يتعرض سلام المنطقة للخطر بسبب السياسة".
وتابع: "لن نسمح لأي جماعة تخرج عن عباءة الدولة (في باكستان) بتعريض السلام في بلادنا أو منطقتنا للخطر، ونخطط لاتخاذ إجراءات ضد الجماعات المتطرفة".
وأثار هذا التصعيد قلق قوى عالمية، منها الصين والولايات المتحدة، اللتان حثّتا الهند وباكستان على ضبط النفس لتجنب نشوب صراع آخر بين الجارتين اللتين خاضتا ثلاث حروب منذ الاستقلال عن بريطانيا عام 1947.
وأجرى أمير دولة قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، اليوم، اتصالاً هاتفياً مع رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان، دعاه خلاله إلى التهدئة بين البلدين الجارين، مؤكداً أهمية الحوار لحل هذا الخلاف.
وجرى خلال الاتصال كذلك، وفق ما أوردته وكالة الأنباء القطرية (قنا)، "استعراض العلاقات الثنائية الوطيدة بين البلدين الشقيقين وسبل دعمها وتطويرها"، كما تبادل المسؤولان "وجهات النظر حول المستجدات الإقليمية والدولية، لا سيما الخلاف بين باكستان والهند".
بدوره، أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أنّ بلاده ستفعل ما بوسعها لحل الأزمة بين الهند وباكستان، معبراً عن ثقته في أن "جهود تركيا ستسهم في تجاوز هذه المرحلة العصيبة"، وفق ما أوردته وكالة "الأناضول".
وأكد أردوغان في كلمة أمام حشد جماهيري، في ولاية طرابزون شمال البلاد، اليوم، في إطار الاستعدادات للانتخابات المحلية المرتقبة نهاية مارس/ آذار الحالي، أنّ "تصعيد التوتر وصبّ الزيت على النار لا يُفيد أحدًا"، معتبراً أن "إفراج الأشقاء الباكستانيين عن الطيار الهندي الذي أسروه كمؤشر حسن نية، خطوة تستحق التقدير، ونتمنى أن يقابل أصدقاؤنا في الهند هذه الخطوة الإيجابية بالشكل نفسه".
وتصاعد التوتر بين الهند وباكستان سريعاً، بعد تفجير في 14 فبراير/ شباط الماضي سيارة ملغومة، ما أسفر عن مقتل 40 من قوات الأمن الهندية على الأقل، في الشطر الواقع تحت سيطرة الهند من كشمير.واتهمت الهند باكستان بتوفير ملاذ لجماعة "جيش محمد" التي كانت وراء هذا الهجوم، وهو ما نفته باكستان، وتوعّد رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي بردّ قوي.
(وكالات)