08 نوفمبر 2024
بازار اللاجئين
لم يعد اللاجئون بشكل عام، والسوريون بشكل خاص، مصدر أسى للعالم. أصبح الجميع معتاداً على هذه المأساة المتابعة بشكل يومي عبر وسائل الإعلام. ما عادت مشاهد العالقين على الحدود أو القابعين في العراء تحرّك ساكناً. بل على العكس تماماً، أصبح هؤلاء وسيلة للمزاودة والابتزاز والكسب. فها هو الاتحاد الأوروبي وبريطانيا وتركيا تضع اللاجئين على طاولة العرض والطلب، ليُفتتح بازار يحقق كل منهم مآربه على حساب الهاربين من ويلات بلادهم وحروبهم.
بالنسبة إلى الاتحاد الأوروبي، باتت دوله الأساسية ترى أن اللاجئين يشكلون بالنسبة إليها أزمة لم تعد تستطيع التعامل معها من زوايا متعددة. أولاً، من الناحية الاقتصادية، إذ يشكل هؤلاء عبئاً داخلياً من الممكن أن يزيد النقمات الاجتماعية في ظل اتجاه أكثر من دولة أوروبية إلى حافة الإفلاس. ثانياً، من الناحية الأمنية، وخصوصاً بعدما أصبحت دول كثيرة ترى في الداخلين إلى أراضيها تهديداً محتملاً، ولا سيما مع تصاعد التحذيرات من عمليات إرهابية في الدول الأوروبية. ثالثاً، وربما بدرجة أقل، من الناحية الديمغرافية، وتغيير الطبيعة السكانية للاتحاد الأوروبي، وهو ما يحذّر منه بشكل متزايد اليمين الأوروبي المتطرف.
في ضوء هذه "المخاطر"، عمدت دول الاتحاد الأوروبي إلى البحث عن خياراتٍ بديلة للتخلص من تدفق اللاجئين، لتخرج بحل عبر فتح باب التفاوض مع تركيا، المتهمة بتسهيل عبورهم إلى دول الاتحاد. تفاوض هو مقايضة، تحصل بموجبها أنقرة على مزايا كثيرة، إضافة إلى الأموال بصيغة مساعدات، في مقابل استعادة آلاف اللاجئين الذين وصلوا بالفعل إلى الاتحاد الأوروبي، وبعضهم لا يزال عالقاً على الحدود، على غرار ما هو حاصل في مخيم كاليه، وفي المخيمات على الحدود المقدونية.
تلقفت أنقرة العرض الأوروبي لفتح باب المزاد، وربما الابتزاز، للحصول على ما تيسر من مساعدات أو تسهيلات في مقابل "الخدمة" التي ستقدمها للاتحاد الأوروبي. وبالفعل، تمكنت تركيا من ذلك، وتوصلت إلى اتفاق مع الدول الأوروبية، ينص على موافقة تركيا على أن تعيد إلى أراضيها اللاجئين السوريين الذين يحاولون التوجه إلى اليونان، ثم إلى شمال أوروبا بطريقة غير شرعية، على أن يستقبل الأوروبيون على أساس "طوعي" عدداً مماثلاً من اللاجئين السوريين الذين ينتظرون في تركيا، في إطار آلية منظمة. في المقابل، حصلت أنقرة على تنازلات أوروبية كثيرة، منها إحياء المفاوضات المتعلقة بانضمامها إلى الاتحاد الأوروبي وضمان حرية تنقل مواطنيها في أوروبا، وبمساعدة مالية في مقابل استردادها للاجئين.
على المقلب الآخر، وجدت بريطانيا طريقها إلى المزاد المفتوح على اللاجئين، لتحصل بدورها على نصيب من الصفقة. وعلى الرغم من أن قضية اللاجئين ليست أولوية بالنسبة إلى بريطانيا، بل ربما النازحين من الاتحاد الأوروبي نفسه، إلا أنها تمكنت من نيل ما تريده وفق لافتة الإطار العام لانتقال الأفراد، وفي إطار ابتزاز الخروج من الاتحاد الأوروبي عبر الاستفتاء المقرر في يونيو/حزيران المقبل. فها هي بريطانيا تعفي نفسها من الأزمات الاقتصادية للاتحاد الأوروبي، وتعفي مصارفها من القيود الضرائبية الأوروبية، وتجنب نظامها الاجتماعي تبعات إعالة اللاجئين أو النازحين من دول الاتحاد إلى الجزيرة البريطانية.
كل من أطراف الصفقة حصل على ما أراد في النهاية، باستثناء اللاجئين أنفسهم الذين تحولوا إلى سلعة تعتمدها الدول الكبرى في بازار مفتوح، لم يعد للمعاناة الإنسانية مكان فيه، بل تحولت هذه المعاناة إلى وسيلة للكسب، حتى على حساب خسائر آلاف البشر.
بالنسبة إلى الاتحاد الأوروبي، باتت دوله الأساسية ترى أن اللاجئين يشكلون بالنسبة إليها أزمة لم تعد تستطيع التعامل معها من زوايا متعددة. أولاً، من الناحية الاقتصادية، إذ يشكل هؤلاء عبئاً داخلياً من الممكن أن يزيد النقمات الاجتماعية في ظل اتجاه أكثر من دولة أوروبية إلى حافة الإفلاس. ثانياً، من الناحية الأمنية، وخصوصاً بعدما أصبحت دول كثيرة ترى في الداخلين إلى أراضيها تهديداً محتملاً، ولا سيما مع تصاعد التحذيرات من عمليات إرهابية في الدول الأوروبية. ثالثاً، وربما بدرجة أقل، من الناحية الديمغرافية، وتغيير الطبيعة السكانية للاتحاد الأوروبي، وهو ما يحذّر منه بشكل متزايد اليمين الأوروبي المتطرف.
في ضوء هذه "المخاطر"، عمدت دول الاتحاد الأوروبي إلى البحث عن خياراتٍ بديلة للتخلص من تدفق اللاجئين، لتخرج بحل عبر فتح باب التفاوض مع تركيا، المتهمة بتسهيل عبورهم إلى دول الاتحاد. تفاوض هو مقايضة، تحصل بموجبها أنقرة على مزايا كثيرة، إضافة إلى الأموال بصيغة مساعدات، في مقابل استعادة آلاف اللاجئين الذين وصلوا بالفعل إلى الاتحاد الأوروبي، وبعضهم لا يزال عالقاً على الحدود، على غرار ما هو حاصل في مخيم كاليه، وفي المخيمات على الحدود المقدونية.
تلقفت أنقرة العرض الأوروبي لفتح باب المزاد، وربما الابتزاز، للحصول على ما تيسر من مساعدات أو تسهيلات في مقابل "الخدمة" التي ستقدمها للاتحاد الأوروبي. وبالفعل، تمكنت تركيا من ذلك، وتوصلت إلى اتفاق مع الدول الأوروبية، ينص على موافقة تركيا على أن تعيد إلى أراضيها اللاجئين السوريين الذين يحاولون التوجه إلى اليونان، ثم إلى شمال أوروبا بطريقة غير شرعية، على أن يستقبل الأوروبيون على أساس "طوعي" عدداً مماثلاً من اللاجئين السوريين الذين ينتظرون في تركيا، في إطار آلية منظمة. في المقابل، حصلت أنقرة على تنازلات أوروبية كثيرة، منها إحياء المفاوضات المتعلقة بانضمامها إلى الاتحاد الأوروبي وضمان حرية تنقل مواطنيها في أوروبا، وبمساعدة مالية في مقابل استردادها للاجئين.
على المقلب الآخر، وجدت بريطانيا طريقها إلى المزاد المفتوح على اللاجئين، لتحصل بدورها على نصيب من الصفقة. وعلى الرغم من أن قضية اللاجئين ليست أولوية بالنسبة إلى بريطانيا، بل ربما النازحين من الاتحاد الأوروبي نفسه، إلا أنها تمكنت من نيل ما تريده وفق لافتة الإطار العام لانتقال الأفراد، وفي إطار ابتزاز الخروج من الاتحاد الأوروبي عبر الاستفتاء المقرر في يونيو/حزيران المقبل. فها هي بريطانيا تعفي نفسها من الأزمات الاقتصادية للاتحاد الأوروبي، وتعفي مصارفها من القيود الضرائبية الأوروبية، وتجنب نظامها الاجتماعي تبعات إعالة اللاجئين أو النازحين من دول الاتحاد إلى الجزيرة البريطانية.
كل من أطراف الصفقة حصل على ما أراد في النهاية، باستثناء اللاجئين أنفسهم الذين تحولوا إلى سلعة تعتمدها الدول الكبرى في بازار مفتوح، لم يعد للمعاناة الإنسانية مكان فيه، بل تحولت هذه المعاناة إلى وسيلة للكسب، حتى على حساب خسائر آلاف البشر.