باريس تتحضّر لتظاهرات السترات الصفراء: استراتيجية أمنية جديدة

22 مارس 2019
تعبئة ما يقرب من 5000 شرطي بباريس (سامر الدومي/Getty)
+ الخط -

بدأت تتضح الاستراتيجية الجديدة لأمن باريس، بعد تسريح محافظ الأمن وأحد مساعديه، بسبب ما اعتبرته الحكومة تقصيراً، عقب أحداث الشغب التي عرفتها العاصمة الفرنسية ومدن أخرى يوم السبت الماضي على هامش حراك "السترات الصفراء".

وفي السياق، أصدر محافظ الشرطة الجديد ديديي لاليمونت، اليوم الجمعة، قراراً بحظر التظاهرات التي تنظم باسم السترات الصفراء في ساحة ليتوال (قوس النصر)، وجادة الشانزيلزيه، وفي مساحة تشمل مقري الرئاسة والجمعية الوطنية (مجلس النواب).

وجاء القرار تأكيداً لما كان رئيس الحكومة إدوار فيليب قد توعّد به، بعد الاجتماع الأمني الذي نُظّم تحت رئاسة إيمانويل ماكرون، وبحضور رئيس الحكومة ووزيري الداخلية والعدل، يوم الاثنين الماضي، من حظر التظاهرات في الشانزيليزيه في باريس وساحة الكابيتول في تولوز، وساحة بي-بيرلان ببوردو.

ويخاطر كلّ متظاهر يتحدّى قرار الحظر بدفع غرامة تصل إلى 135 يورو، بعد أن كانت الغرامة في السابق في حدود 38 يورو.

وعلى الرغم من هذا التشدد الأمني، الذي يتجلى في حظر كثير من التظاهرات في الأماكن الحسّاسة، في بوردو وباريس وتولوز ونيس، والذي يريد فرضه وزير الداخلية كريستوف كاستانير، الذي تطالب المعارضة برأسه منذ أسابيع، والذي عبّر 76 في المائة من الفرنسيين، في آخر استطلاع للرأي، عن "عدم ثقتهم بقدرته على فرض الأمن"، فإن تظاهرات السترات الصفراء ستتواصل، غداً السبت، كما تقول صفحات الحركة في وسائل التواصل الاجتماعي، في باريس، في ساحة تروكاديرو، وفي مدن أخرى كثيرة، كبوردو ومونبوليه وستراسبورغ وليون ولاروشيل وغيرها، في إطار الجولة التاسعة عشرة التي حملت اسم "إنذار ثانٍ لماكرون".

وقد وُضع مثيرو الشغب في صورة الرد الحكومي المتشدد، الذي لا يُخفي فيه وزير الداخلية الرغبة في مواجهة مباشرة مع المتظاهرين، مع تحمله مسؤولية هذه المواجهات المباشرة. 

كما أن جماعات بلاك بلوكس، اليسارية المتطرفة، التي حمّلتها الحكومة مسؤولية شغب يوم السبت الماضي، قد ترى، في الأسابيع القليلة المقبلة، قوات الأمن ترشّها بوسائل لا تمّحي، وتستخدم ضدَّها طائرات بلا طيار.

وتراهن وزارة الداخلية على تعبئة ما يقرب من 5000 شرطي في باريس لوحدها. كما أن الحكومة استنجدت بالجيش من أجل حماية المنشآت الحكومية، وهو ما أثار جدلا واسعا، وامتعاضا من بعض أحزاب المعارضة، التي رأت في ذلك توريطا للجيش في قضايا لا تهمه، منتقدة وضع العسكريين في مواجهة تظاهرات اجتماعية.

 

ماكرون مُطمْئِناً: العسكريون لن يقوموا بمهام الشرطة

وفي خضم هذا الجدل المتواصل حول الاستنجاد بالعسكريين، حاول الرئيس ماكرون إطفاءه من بروكسل حيث يتواجد، بالقول: "ليس وارداً أن يتحمل الجيش مسؤولية الحفاظ على النظام العام". 

واستغرب الرئيس عودة الجدل، خاصة "أن ما تقرر، الآن، هو نفسُ ما تقرر في شهر ديسمبر/كانون الأول، ومرات عديدة في الماضي، أي الاستعانة بالعسكريين في "عملية سينتينيل" في قضية تتعلق بمهمتهم، وهي مكافحة الإرهاب وحماية المواقع الحساسة، ومن أجل التخفيف عن رجال الشرطة والدرك في هذه المهام". 

واعتبر أنه "مخطئٌ من يتسلى بإخافة الآخرين وإخافة نفسه"، وأنه "لا يوجد خطاب مغلوط، ولا مخاوف مغلوطة حول هذا الموضوع".