بادر يبدأ حياة جديدة في هولندا

25 يونيو 2015
لا يمكن العيش من دون أعزّ الناس (العربي الجديد)
+ الخط -

لم يُخيّل لبادر (27 عاماً) أنّه قد يعيش بعيداً عن أمه في سورية. خرج من البيت من دون أن يودّعها. لم يخبر أحداً أنه مسافرٌ إلى الخارج. في تركيا، تقدّم بطلب للحصول على وظيفة، علماً أنه درس الهندسة الميكانيكية، من دون أن يُحالفه الحظ. يقول إن البطالة وغلاء المعيشة في تركيا، بالإضافة إلى ندرة فرص العمل، دفعته إلى اتخاذ قرار السفر إلى أوروبا. بدأ البحث عن الطريقة الأفضل. استشار أصدقاءه وبعض المهربين، إلا أنه كان خائفاً من الشرطة والغرق، فقرر السفر مبدئياً إلى الجزائر.

حطّت الطائرة في الأراضي الجزائرية فجراً. يقول: "كانت هذه اللحظات أول تحوّل حقيقي في حياتي. لم أتخيّل أنه بلد بهذا الجمال. تمنيت لو أنني أتيت سائحاً، أحمل الكاميرا وأجول بين المدن. لكنني سرعان ما كنت أطرد هذه الأفكار من رأسي وأركز على هدفي التالي، وهو الوصول إلى ليبيا".
بعد 15 يوماً، وصل إلى ليبيا، ليسافر بعدها جواً إلى أوروبا. يقول: "في المطار، كان الإرباك يسيطر عليّ، وخصوصاً أنني أحمل جواز سفر مزوّرا، لكن رجل الأمن كشف الأمر". يضيف أن "جميع الأبواب كانت مغلقة أمامي. لا أملك أوراقاً رسمية تخوّلني السفر أو الحجز في أحد الفنادق. البحر وحده كان متاحاً". يشير إلى أن "هذا الخيار كان الأصعب على الاطلاق"، لكنه لم يجد بديلاً.

كانَ يعيش مع أكثر من 30 شخصاً في كراج سيارة أحد المهرّبين في مدينة زوارة الليبية. بعد 15 عشر يوماً، حان موعد الرحيل. يقول بادر: "المفاجأة الكبرى أننا لم نكن وحدنا. كنا نرتجف. وحدهم الأطفال كانوا يبتسمون، وقد ظنوا أنهم في نزهة. انطلقنا بعد منتصف الليل. جلسنا في قارب مطاطي قبل أن ننتقل إلى سفينة خشبية مهترئة لتحملنا إلى إيطاليا". يتابع: "أمضينا 14 ساعة عصيبة. بدأت المياه تتسرب إلى جانب المحرك. شعرت بالموت يقترب مع ارتفاع صوت المحرك. كنت أستعد للغرق، إلى أن جاءت بارجة حربية إيطالية في اللحظات الحاسمة، ونجونا جميعاً".

من إيطاليا، توجّه بادر إلى هولندا وحصل على حق اللجوء، وتعلّم لغتها. حياته اليوم مختلفة تماماً. يعمل في الترجمة من العربية إلى الإنجليزية في مجمع مدارس لتعلم اللغة الهولندية، ويخطط لدراسة الماجستير في تخصصه.
يقول: "يسهل العيش في هذه البلدان. كل متطلبات الحياة موجودة. لكن لا يمكن لأحد العيش من دون أن يرى أعزّ الناس. علم والداي أني أعيش في هولندا. كانت الصدمة كبيرة. فقد أدركا أنه لم يعد بإمكانهما لقائي في القريب العاجل".

اقرأ أيضاً: أوروبا تطلق عملية ضد مهربي المهاجرين من ليبيا
المساهمون