كان من شأن ازدياد رقعة المعارك على كامل بقعة الأراضي السورية أن يقلّص خيارات المخرجين. فبعد أن كانت فرق تصوير بكاملها تقطع مئات الكيلومترات بحثاً عن المكان الحقيقي لحكايتها، حتّى لو كانت المشاهد حيث تدور محدودة لا تتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة، انكفأت الكاميرات خلال السنوات الأخيرة واكتفت بعدد من المدن السورية فقط هي دمشق واللاذقية و طرطوس والسويداء.
ومؤخراً عادت الكاميرات لتنكفئ أكثر ضمن الأحياء الآمنة في العاصمة السورية. الأمر الذي ساهم في حالة تقليص أكبر لعدد الأماكن المتاحة للتصوير، بلغ حدّ تقاطع مشاهد عملين اثنين في المكان ذاته، هما "بانتظار الياسمين" للمخرج سمير حسين، و"عناية مشدّدة" للمخرج أحمد إبراهيم أحمد.
يروي مسلسل "بانتظار الياسمين" حكاية مجموعة من النازحين السوريين أجبرتهم ظروف الحروب على الانتقال والعيش في إحدى الحدائق العامة بدمشق، فيما يتابع مسلسل "عناية مشدّدة" آخر تداعيات الحرب السورية على اليومي المعاش في حياة السوريين، ومن بينهم نازحون اختاروا السكن في "الحديقة" بعد أن فقدوا بيوتهم.
تقاطع العملين عند نقطة معالجة قضية النازحين، لا سيما أولئك الذين لم يجدوا ملاذاً آمناً لهم سوى النوم في الحدائق. كان من الممكن أن يكون هذا الأمر مسألة عابرة، خصوصاً أنّ مسلسل "بانتظار الياسمين" يجعل من نازحي الحديقة حكايته الرئيسية، بينما يشغل هؤلاء خيطاً فرعياً في حبكة حكاية "عناية مشددة". إلا أنّ المشكلة ستظهر مع اختيار العملين لمعالجة قضية النازحين درامياً في الحديقة ذاتها. بل وسيصل التقاطع بينهما حدّ تقاطعهما في عدد من مقترحاتهما الإخراجية، على نحو سيلتبس علينا، كمشاهدين، العلاقة بين مشهد للفنانة سلاف فواخرجي تدخل من باب الحديقة وهي تحمل فراشها برفقة ولديها في نهاية الحلقة الثانية من مسلسل "بانتظار الياسمين"، وبين مشهد آخر حين يدخل الفنان علي كريم برفقة عائلته، من الباب ذاته، وضمن المقترح الإخراجي ذاته، في نهاية الحلقة الثانية من مسلسل "عناية مشددة".
إذا ما قيس الأمر بدراما عُرف عنها ولعها بالتقاط ظلال الواقع في حكاياتها، فلن يكون غريباً تقاطع المسلسلين عند مقترح إخراجي واحد للنازحين الهاربين من نار المعارك إلى الحدائق. ففي تقاطعها ربما لعبت المصادفة دورها باعتبارهما صدى لصورة نزوح تكرّرت وتعدّدت، حتّى انطبعت في أذهان الناس، ومنهم المخرجون بطبيعة الحال. وإن كان لا بدّ من إدانة هنا، فهي بالدرجة الأولى إدانة للواقع الذي بات يعيشه السوريون، وتتقاطع مصائرهم وتتشابه حدّ التطابق.
إقرأ أيضاً: الرقابة السوريّة تحظر عرض مسلسل "عناية مشدّدة"
لكنّ إدانة الواقع لا يعفي مخرج مسلسل "بانتظار الياسمين" (كونه بدأ تصوير عمله في وقت لاحق لموعد تصوير "عناية مشدّدة") من مسؤولية اختيار مكان لتصوير حالة درامية مشابهة لحالة أخرى جاءت في مسلسل "عناية مشددة" كانت صوّرت في المكان ذاته. إذ يفترض أنّ عمليات استطلاع للمكان كانت قد سبقت التصوير، وأنّ جزءاً من مهمات فريق الاستطلاع معرفة إن كان هذا المكان قد سبق أن ظهر في عمل سابق أم لا. ويجب السؤال عن نوعية العمل وطبيعة الحكاية التي صوّرت فيه.
إلا أنّ للمسألة وجهاً آخر، يعكس في مجمله الصعوبات التي باتت تواجه صنّاع الدراما السورية اليوم عند تنفيذ أعمالهم داخل سورية. وقد بات واضحاً أنّهم يضطرّون إلى العمل ضمن المتاح والممكن. ففيما مضى اختار عدد من المخرجين السوريين استبدال أماكن التصوير في سورية بسورنة المكان خارجها. وقد كان ذلك خياراً صعباً، قيّد حركة الكاميرات في أحسن أحواله ضمن عدد من تلك الأعمال.
في المقابل سقطت أعمال أخرى في "أخطاء الراكورات" (انكشاف حركة خاطئة للكاميرا خلال تغيير زاوية التصوير)، خلال محاولة "سورنة" المكان. اليوم يبدو أنّ المخرجين السوريين أمام تحدٍّ جديد هو محدودية الأماكن المتاحة للتصوير ضمن المناطق الآمنة في سورية. هو تحدٍّ جديد أمام استمرار الدراما السورية، يضاف إلى التحديات المتعلّقة بظروف البلد الأمنية ومستجدّاتها، ومعها ربما بات على شركات الإنتاج السؤال عن المكان في النصّ الدرامي قبل السؤال عن حكايته.
ومؤخراً عادت الكاميرات لتنكفئ أكثر ضمن الأحياء الآمنة في العاصمة السورية. الأمر الذي ساهم في حالة تقليص أكبر لعدد الأماكن المتاحة للتصوير، بلغ حدّ تقاطع مشاهد عملين اثنين في المكان ذاته، هما "بانتظار الياسمين" للمخرج سمير حسين، و"عناية مشدّدة" للمخرج أحمد إبراهيم أحمد.
يروي مسلسل "بانتظار الياسمين" حكاية مجموعة من النازحين السوريين أجبرتهم ظروف الحروب على الانتقال والعيش في إحدى الحدائق العامة بدمشق، فيما يتابع مسلسل "عناية مشدّدة" آخر تداعيات الحرب السورية على اليومي المعاش في حياة السوريين، ومن بينهم نازحون اختاروا السكن في "الحديقة" بعد أن فقدوا بيوتهم.
تقاطع العملين عند نقطة معالجة قضية النازحين، لا سيما أولئك الذين لم يجدوا ملاذاً آمناً لهم سوى النوم في الحدائق. كان من الممكن أن يكون هذا الأمر مسألة عابرة، خصوصاً أنّ مسلسل "بانتظار الياسمين" يجعل من نازحي الحديقة حكايته الرئيسية، بينما يشغل هؤلاء خيطاً فرعياً في حبكة حكاية "عناية مشددة". إلا أنّ المشكلة ستظهر مع اختيار العملين لمعالجة قضية النازحين درامياً في الحديقة ذاتها. بل وسيصل التقاطع بينهما حدّ تقاطعهما في عدد من مقترحاتهما الإخراجية، على نحو سيلتبس علينا، كمشاهدين، العلاقة بين مشهد للفنانة سلاف فواخرجي تدخل من باب الحديقة وهي تحمل فراشها برفقة ولديها في نهاية الحلقة الثانية من مسلسل "بانتظار الياسمين"، وبين مشهد آخر حين يدخل الفنان علي كريم برفقة عائلته، من الباب ذاته، وضمن المقترح الإخراجي ذاته، في نهاية الحلقة الثانية من مسلسل "عناية مشددة".
إذا ما قيس الأمر بدراما عُرف عنها ولعها بالتقاط ظلال الواقع في حكاياتها، فلن يكون غريباً تقاطع المسلسلين عند مقترح إخراجي واحد للنازحين الهاربين من نار المعارك إلى الحدائق. ففي تقاطعها ربما لعبت المصادفة دورها باعتبارهما صدى لصورة نزوح تكرّرت وتعدّدت، حتّى انطبعت في أذهان الناس، ومنهم المخرجون بطبيعة الحال. وإن كان لا بدّ من إدانة هنا، فهي بالدرجة الأولى إدانة للواقع الذي بات يعيشه السوريون، وتتقاطع مصائرهم وتتشابه حدّ التطابق.
إقرأ أيضاً: الرقابة السوريّة تحظر عرض مسلسل "عناية مشدّدة"
لكنّ إدانة الواقع لا يعفي مخرج مسلسل "بانتظار الياسمين" (كونه بدأ تصوير عمله في وقت لاحق لموعد تصوير "عناية مشدّدة") من مسؤولية اختيار مكان لتصوير حالة درامية مشابهة لحالة أخرى جاءت في مسلسل "عناية مشددة" كانت صوّرت في المكان ذاته. إذ يفترض أنّ عمليات استطلاع للمكان كانت قد سبقت التصوير، وأنّ جزءاً من مهمات فريق الاستطلاع معرفة إن كان هذا المكان قد سبق أن ظهر في عمل سابق أم لا. ويجب السؤال عن نوعية العمل وطبيعة الحكاية التي صوّرت فيه.
إلا أنّ للمسألة وجهاً آخر، يعكس في مجمله الصعوبات التي باتت تواجه صنّاع الدراما السورية اليوم عند تنفيذ أعمالهم داخل سورية. وقد بات واضحاً أنّهم يضطرّون إلى العمل ضمن المتاح والممكن. ففيما مضى اختار عدد من المخرجين السوريين استبدال أماكن التصوير في سورية بسورنة المكان خارجها. وقد كان ذلك خياراً صعباً، قيّد حركة الكاميرات في أحسن أحواله ضمن عدد من تلك الأعمال.
في المقابل سقطت أعمال أخرى في "أخطاء الراكورات" (انكشاف حركة خاطئة للكاميرا خلال تغيير زاوية التصوير)، خلال محاولة "سورنة" المكان. اليوم يبدو أنّ المخرجين السوريين أمام تحدٍّ جديد هو محدودية الأماكن المتاحة للتصوير ضمن المناطق الآمنة في سورية. هو تحدٍّ جديد أمام استمرار الدراما السورية، يضاف إلى التحديات المتعلّقة بظروف البلد الأمنية ومستجدّاتها، ومعها ربما بات على شركات الإنتاج السؤال عن المكان في النصّ الدرامي قبل السؤال عن حكايته.