انهيار المليشيات يتمدّد إلى أبين والضالع

06 اغسطس 2015
يتواصل تقدّم القوات الموالية للشرعية في الجنوب (فرانس برس)
+ الخط -
بدأت الأحداث في جنوب اليمن تأخذ أبعاداً جديدة عقبت الانتصارات العسكرية التي حققتها "المقاومة" والجيش الموالي للشرعية بدعم من التحالف العربي، بعد تحرير قاعدة العند الجوية وتحرير لحج بشكل كامل عقب تمشيطها والتوجه نحو الضالع وأبين وتعز.
وإلى جانب المعارك الميدانية، بدأت الإجراءات الاقتصادية التي اتخذتها قوى الشرعية والتحالف العربي لتضييق الخناق على المليشيات تنعكس انهياراً اقتصادياً يؤثر بشكل مباشر على تواجدها على الأرض، فيما تتواصل المشاورات السياسية بين قيادة قوى الشرعية وعدد من الدول العربية من جهة، وبين المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ أحمد والدول العربية الفاعلة في الشأن اليمني من جهة ثانية.

واستغل الرئيس اليمني، عبد ربه منصور هادي، توجهه من الرياض (مقر إقامته منذ خروجه من عدن) إلى القاهرة للمشاركة في افتتاح تفريعة قناة السويس، للتأكيد، في تصريح نقلته وكالة الأنباء السعودية "واس"، أنّ "الانتصارات التي حققها الجيش الوطني والمقاومة الشعبية، بدعم من قوات التحالف العربي، ضد المليشيات المتمردة لن تتوقف حتى يتم تطهير كل المحافظات اليمنية من القوى الانقلابية". وشدّد هادي على أن "الجيش الوطني والمقاومة لن يدخرا جهداً في مواصلة عملية استعادة الدولة على طريق العودة لتنفيذ مخرجات الحوار الوطني وقرار مجلس الأمن الدولي 2216".

وتتخلل زيارة هادي إلى القاهرة عقد قمة مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، تتناول العلاقات الثنائية، بما في ذلك مشاركة قوات مصرية في عمليات دول التحالف في اليمن، فيما كان وزير الخارجية بالوكالة، رياض ياسين، قد زار أول من أمس الدوحة، وأجرى مباحثات مع مسؤوليها حول الأزمة اليمنية.

أما المبعوث الأممي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، فيواصل مشاوراته في عدد من الدول العربية، بعد يوم من الإعلان أنّ خطته للسلام تلقى دعماً متزايداً، وأن جولته العربية التي بدأها قبل أيام تشمل سلطنة عُمان التي استضافت جلسات مفاوضات بين الحوثيين والأميركيين من جهة وبين الحوثيين ومجموعات يمنية من جهة ثانية، قبل أن ينتقل إلى الرياض ومن ثم يتوجه إلى نيويورك لتقديم تقرير جديد له حول المساعي الدبلوماسية للتوصل إلى وقف لإطلاق النار.

اقرأ أيضاً اليمن: حوارات الدوحة والانتصارات الميدانية تمهّد لحلّ سياسي

ميدانياً، تمكّنت "المقاومة" و"الجيش الموالي للشرعية"، بدعم من التحالف، من إنجاز مهمة تأمين عدن ومحيطها بالكامل، من خلال تطهير لحج بشكل كامل أمس الأربعاء، لتتقدّم القوات في اتجاهين جديدين؛ الأول نحو تعز (أقرب المحافظات الشمالية إلى الجنوب) والآخر نحو الضالع.

ولا تقلّ المعركة في أبين أهمية، لا سيما بعد وصول القوات التي تشارك في المعارك إلى زنجبار شرق عدن، وملاحقة المليشيات بغطاء جوي من التحالف. وتتجه قوات الشرعية إلى تحرير أبين لتكون منطلقاً لمسارين جديدين، مسار شبوة النفطية شرقاً، ومسار البيضاء شمالاً.
ويرجّح بعضهم أن تقدّم فرنسا "دعماً لوجستياً" في مسار شبوة، والتي تعدّ أبين بوابتها الغربية، لا سيما أن فرنسا تملك أكبر مشروع استثماري في اليمن يتواجد في شبوة، والمتمثل في مشروع الغاز المسال في بلحاف.

وفي السياق، أوضح مصدر عسكري لـ"العربي الجديد" أن أبين، تملك أهمية كبرى لأنها بوابة عدن الشرقية أيضاً، فضلاً عن كونها الطريق المختصر إلى البيضاء، ومن البيضاء يتجه الوضع نحو مسارين جديدين بشكل مختصر، هما مسار نحو مأرب شرقاً، ومسار آخر مهم نحو ذمار، المعقل الثاني لمليشيات الحوثيين والمخلوع، والتي كانت قد سُجلت فيها بوادر تمرد قبل أيام. وأكد المصدر العسكري أن "المقاومة والجيش الموالي للشرعية يتجهان نحو تحرير اللواء 15، المؤيد لمليشيات الحوثيين والمخلوع".
كذلك تُعدّ محافظة أبين ذات أهمية معنوية، كونها مسقط رأس الرئيس اليمني، وقد سعت عناصر مليشيات الحوثيين والمخلوع أكثر من مرة لاقتحام مديرية الوضيع، في محاولة لتفجير منزل الرئيس، لمحاولة تحقيق "نصر معنوي" لها لكنها فشلت، وفق مصدر في المقاومة لـ"العربي الجديد". وأوضح المصدر أنّ "المقاومة أفشلت كل محاولات عناصر المليشيات في اقتحام منطقة مسقط الرئيس لتفجير المنزل، وكان لطائرات التحالف دور كبير في تأمين صمود المقاومة".

في غضون ذلك، وعلى الرغم من خروج المليشيات من لحج إلا أن أدواتها لا تزال تشكل كابوساً، وبشكل خاص الألغام التي زرعتها في كل المناطق، بما في ذلك منازل ومواقع ومبانٍ. وتقوم وحدة تنفيذية للكشف عن الألغام، بعمليات فحص وانتشال الألغام في كل المناطق، عبر استخدام كاسحات الألغام المقدّمة من دول التحالف.

في موازاة ذلك، تشهد مليشيات الحوثيين والمخلوع انهيارات كبيرة في صفوفها، باتت تشمل وضعها الاقتصادي أيضاً، بعد قرار قوى الشرعية إغلاق مطار صنعاء وتحويل الرحلات إلى مطار عدن، فضلاً عن تحويل المساعدات من ميناء الحديدة إلى ميناء عدن. وكانت مليشيات الحوثيين والرئيس المخلوع تستولي على المساعدات التي تصل إلى ميناء الحديدة وتعمد إلى نهبها وبيعها في السوق السوداء لدعم ما تسميه "المجهود الحربي"، بما في ذلك النفط. وقد أثر تحويل المساعدات على موارد المليشيات، لكن مما ضاعف أزمة المليشيات المالية أنّ الوقود في المناطق المحررة يباع بأسعار زهيدة ويتم إيصال جزء منه إلى بعض المناطق تحت سلطة المليشيات بسعر رخيص، مما انعكس على السوق السوداء التي أنشأتها المليشيات، وهو ما جعل الأخيرة تعجز عن دفع رواتب مسلحيها أو إقناع مقاتلين جدد بالمشاركة في القتال، وفق ما أكدته مصادر متعددة لـ"العربي الجديد".
كذلك أشارت مصادر في جبهات عدة أن هناك حالات هروب وتمرد في صفوف المليشيات، لا سيما بعد أن أكدت مصادر عسكرية أن "المقاومة والجيش الشرعي والتحالف تمكنوا من قطع الاتصالات بين المليشيات وقادتهم في مختلف الجبهات وعزلوا كل مجموعة عن الأخرى، فضلاً عن هروب بعض القيادات من الجبهات، وعدم حصولهم على تعزيزات".

ومع قرب وصول قوة عسكرية من القوات الموالية للشرعية مزودة بعتادٍ عسكري متطور إلى الضالع، بدأت عمليات هروب وتمرد في صفوف المليشيات وفقاً لشهود عيان. لكن المليشيات نهبت كل المحلات والمراكز التجارية قبل الهرب. وقد تضاعفت هذه الممارسات في ظل النقص الحاد في المواد الغذائية الذي تُعاني منه المليشيات نتيجة انقطاع التموين عن عناصرها بسبب اشتداد "المقاومة" ومراقبة طائرات التحالف لتحركاتهم في مختلف الطرقات.

اقرأ أيضاً اليمن: خطوات استباقية للتحالف العربي لحماية حضرموت بإشراف إماراتي