تبدو إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب منقسمة بشأن الحملة ضد قطر. الواضح أنه لو رمت بثقلها بشكل موحّد لحل المشكلة، لكانت ربما نجحت في ذلك، أو على الأقل لحالت دون تصعيدها ضد قطر وبما يضعها على طريق التسوية، ذلك أن المفاتيح والأوراق المتوفرة بيدها، كثيرة ووازنة. لكن واشنطن بقيت تتأرجح بين القيام بدور الوسيط الناجح، ممثلة بوزارة الخارجية، وبين التخريب عليه في آن، وهو ما تُعبّر عنه تغريدات ترامب التي تتبنّى التحريض ضد الدوحة وتلتزم موقف محور أبوظبي - الرياض. الأجواء والردود تميل إلى دعم المحور الأول المتمثل بوزيري الخارجية والدفاع ريكس تيلرسون وجايمس ماتيس، وتأخذ على الثاني المتمثل بترامب إعاقته المتعمدة لمحاولة وزيريه.
وظهر أواخر الأسبوع الماضي، أن الإدارة حسمت توجّهها في اتجاه الحل. ساد مثل هذا الاعتقاد بعد أن وضع البيت الأبيض هذا الملف في عهدة وزير الخارجية ريكس تيلرسون الذي طالب بضرورة "وقف التصعيد والتزام التهدئة" لصالح العثور على مخرج "أعرف أن عناصره متاحة"، كما قال. وتعمّد الوزير إعلان هذا الموقف أمام الكاميرات، لتكون الرسالة حازمة ومكشوفة. وتردد أن وزيري الخارجية والدفاع أقنعا ترامب عشية إعلان تيلرسون، بأهمية تطويق الأزمة ووضع حد سريع لها يحفظ الوحدة بين الحلفاء ويزيل أسباب التوتر المؤذية بمصالح واشنطن وشركائها في المنطقة. على الأثر بدا وكأن واشنطن عزمت على رفض الإجراءات التي اتُخذت ضد قطر والتحرك نحو التوصل إلى مخرج متوازن ومقبول يكون التراجع عن هذه الإجراءات جزءاً أساسياً منها. لكن هذا الاعتقاد لم يصمد. بعد ساعة وفي تغريدة مفاجئة، تراجع ترامب عن تفويضه لتيلرسون ونقض موقفه. تحوّلٌ أثار الدهشة والتساؤل في واشنطن: لماذا ينسف الرئيس دعوة وزيره ويحرجه بهذه السرعة؟
من التفسيرات، أن الرئيس الأميركي يرد الصاع لوزارة الخارجية التي تصرفت في الأيام الأخيرة بما لم يكن عند حسن ظنه. مثلاً، أشادت "بجهود قطر الكبيرة في مجال وقف تمويل الإرهاب من دون أن تشير إلى تغريدات الرئيس" التي غمز فيها من قناة قطر في هذا الخصوص. كذلك أشادت المتحدثة في الوزارة بدور "الجسم الإعلامي وأيضاً الدبلوماسي لقيامهما بخدمة أميركا ومُثُلها". وهذه نغمة لا يستسيغها البيت الأبيض، خصوصاً أنه قد تردد بأن تيلرسون بات يعمل على صياغة سياسات "بمنأى" عن البيت الأبيض الذي تتسبب تقلباته بأذى للعلاقات مع الغير، بحسب ما كتبت صحيفة "واشنطن بوست".
اقــرأ أيضاً
قد يكون لهذه الاعتبارات دورها في إحداث توتر بين تيلرسون والبيت الأبيض، غير أنه ليس من الجائز، في اعتقاد المراقبين، أن تنسحب مثل هذه الأجواء على أزمة بحجم وخطورة الأزمة الخليجية. كان الأحرى أن ينصبّ النقد على الأطراف التي قطعت العلاقات مع قطر "لأنها لم تتشاور مع واشنطن بشأن هذه الخطوة التي تهدد مصالح أميركا في المنطقة"، كما جاء في تعليق لنشرة بلومبرغ الإخبارية. وتربط النشرة الواسعة الانتشار هذا التفرد بالزيارة "الضيقة التي قام بها الرئيس ترامب إلى السعودية والتي كانت محاولة عزل قطر ثمرتها الأولى". وفي هذا السياق، نوّهت بأهمية "الوساطة التي يمكن أن تضطلع بها واشنطن وبالدور الذي يمكن أن يؤديه الوزير تيلرسون" في هذا المجال.
التذبذب في مواقف البيت الأبيض ليس طارئاً. هو أحد تعبيرات النمط المألوف في تعامل ترامب مع القضايا، خصوصاً الخارجية منها. يحصل ذلك بتضافر عوامل عدة: مقاربة الرئيس لهذه القضايا، تأثيرات القوى النافذة في البيت الأبيض على توجّهاته، تأثير قوى الضغط التي تتحرك بدافع حماية مصالح تعمل لخدمتها، كذلك تلعب "الفوضى" دورها في صياغة القرار داخل البيت الأبيض. يضيف البعض عاملاً رئيسياً آخر يتمثل بكابوس التحقيقات في موضوع التدخّل الروسي وافتضاح أسراره على غير انقطاع وبما يجعل الإدارة شبه مستهلكة بهمومه وبالتالي متخبّطة في توجهاتها.
عموماً، أدى تكرار الخروج عن المألوف، خصوصاً مع الحلفاء، إلى إحراجات مع العديد منهم، أوروبيين وغيرهم. الأمر الذي تسبب بحالة من "التعب والسأم" في واشنطن. حتى في أوساط الجمهوريين الذين لخّص السيناتور لاندسي غراهام أجواءهم عندما قال ما يفيد بأنه يريد مساعدة الرئيس لكن هذا الأخير لا يساعد نفسه، من خلال تغريداته ومواقفه التي لا تستقر على حال.
من التفسيرات، أن الرئيس الأميركي يرد الصاع لوزارة الخارجية التي تصرفت في الأيام الأخيرة بما لم يكن عند حسن ظنه. مثلاً، أشادت "بجهود قطر الكبيرة في مجال وقف تمويل الإرهاب من دون أن تشير إلى تغريدات الرئيس" التي غمز فيها من قناة قطر في هذا الخصوص. كذلك أشادت المتحدثة في الوزارة بدور "الجسم الإعلامي وأيضاً الدبلوماسي لقيامهما بخدمة أميركا ومُثُلها". وهذه نغمة لا يستسيغها البيت الأبيض، خصوصاً أنه قد تردد بأن تيلرسون بات يعمل على صياغة سياسات "بمنأى" عن البيت الأبيض الذي تتسبب تقلباته بأذى للعلاقات مع الغير، بحسب ما كتبت صحيفة "واشنطن بوست".
قد يكون لهذه الاعتبارات دورها في إحداث توتر بين تيلرسون والبيت الأبيض، غير أنه ليس من الجائز، في اعتقاد المراقبين، أن تنسحب مثل هذه الأجواء على أزمة بحجم وخطورة الأزمة الخليجية. كان الأحرى أن ينصبّ النقد على الأطراف التي قطعت العلاقات مع قطر "لأنها لم تتشاور مع واشنطن بشأن هذه الخطوة التي تهدد مصالح أميركا في المنطقة"، كما جاء في تعليق لنشرة بلومبرغ الإخبارية. وتربط النشرة الواسعة الانتشار هذا التفرد بالزيارة "الضيقة التي قام بها الرئيس ترامب إلى السعودية والتي كانت محاولة عزل قطر ثمرتها الأولى". وفي هذا السياق، نوّهت بأهمية "الوساطة التي يمكن أن تضطلع بها واشنطن وبالدور الذي يمكن أن يؤديه الوزير تيلرسون" في هذا المجال.
عموماً، أدى تكرار الخروج عن المألوف، خصوصاً مع الحلفاء، إلى إحراجات مع العديد منهم، أوروبيين وغيرهم. الأمر الذي تسبب بحالة من "التعب والسأم" في واشنطن. حتى في أوساط الجمهوريين الذين لخّص السيناتور لاندسي غراهام أجواءهم عندما قال ما يفيد بأنه يريد مساعدة الرئيس لكن هذا الأخير لا يساعد نفسه، من خلال تغريداته ومواقفه التي لا تستقر على حال.