تعيش آمنة في صنعاء. تزوجت، فهجرها زوجها لتعود إلى بيت أهلها.
كلا، هذه ليست قصة فتاة عادية، ولا يجب أن ننتقل إلى الخبر التالي في الصفحة.
آمنة عمرها 11 عاماً، هي طفلة انتزعها والدها من مقاعد الدراسة ليزوجها من رجل مسن يدين له بمبلغ لا يتعدى الـ 100 دولار. إذن، اختار الوالد بيع ابنته. وبعد مغادرة الزوج إلى السعودية للعمل، هربت الفتاة إلى بيت والدها، الذي رفض استقبالها، برغم شكواها من ممارسة زوجها شتى أنواع التعذيب عليها.
إضافة إلى النظرة الاجتماعية والدينية والثقافية، يحضر الاقتصاد ضمن الأسباب الرئيسية لظاهرة زواج القاصرات في عدد من الدول العربية ومنها اليمن، ليولّد بالتوازي انعكاسات اقتصادية ضخمة، تسهم في وأد أي تطور في الواقع المعيشي. فحرمان ملايين الفتيات من التعليم، ومن ثم عدم انخراطهن في سوق العمل يخفض حجم الناتج المحلي، ويعرقل أي رؤية لاستنهاض النمو، ويؤدي إلى تفاقم المشكلة السكانية وتوسيع مؤشرات الفقر والبطالة والحرمان.
وفي حين أعلن البنك الدولي ومنظمات دولية أخرى عن صرف ملايين الدولارات هذا العام على دراسات وبرامج تربط زواج القاصرات بتراجع نسبة النمو الاقتصادي، سأل تقرير البنك الدولي في نهاية أغسطس الماضي: "ما التكلفة الاقتصادية لزواج القاصرات؟" وأجاب البنك في التقرير نفسه: "في الواقع لا نعرفها". فلنحاول اكتشاف بعض نواحي الارتباط بين زواج الصغيرات والمؤشرات الاقتصادية.
نمو سكاني... وفقر
وفقا للموجز الاقتصادي ربع السنوي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الصادر عن البنك الدولي مطلع عام 2014، فإن أعلى معدّل للفقر في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا سُجّل في اليمن. في المقابل، يرتفع عدد سكان اليمن 800 ألف نسمة سنويا، بحسب المجلس الوطني للسكان.
وفي تحليل ارتفاع معدلات الفقر بالتزامن مع ارتفاع عدد السكان، يشير تقرير أصدره المركز الدولي للدراسات عام 2011 إلى تبوؤ اليمن المرتبة الـ13 من بين 20 دولة صُنفت على أنها الأسوأ في زواج القاصرات، حيث تصل نسبة الفتيات اللواتي يتزوجن دون سن الثامنة عشرة إلى 52%.
وفي حديثها لـ"العربي الجديد" ، تقول رئيسة اللجنة الوطنية للمرأة في اليمن شفيقة سعيد إن "الفقر سبب رئيسي في انتشار ظاهرة زواج الصغيرات والقاصرات، إضافةً إلى ارتفاع معدلات الأمية في أوساط النساء والتي قاربت 80%"...
إذ يعد الزواج المبكر من أكبر تحديات التنمية في اليمن. وبحسب الجهاز المركزي للإحصاء، فإن الزواج المبكر يعني ارتفاع عدد الولادات، ونسبة أعلى من الفقر، وفرص تعليم أقل للأطفال، ومهنا غير متخصصة.
ويؤكد أستاذ علم الاجتماع السياسي الدكتور، عبد الباقي شمسان، أن زواج القاصرات يفاقم مشكلة التنمية، ويقول لـ"العربي الجديد": "مع الزواج المبكر ترتفع نسبة الأمية، خاصة بين الإناث. ويعمل زواج الصغيرة على حرمانها من التعليم، وبالتالي هذا الزواج له كلفة كبرى على الاقتصاد".
إضعاف الخدمات العامة
ويقول الأمين العام للمجلس الوطني للسكان الدكتور أحمد بورجي لـ"العربي الجديد" إن "النمو السكاني يلتهم الموارد، ويؤدي إلى ضعف نوعية وكمية الخدمات من تعليم وصحة وطرق وكهرباء، كما يؤدي إلى مشاكل عديدة أبرزها عمالة الأطفال وتهريبهم للعمل والتسول في دول الجوار".
في حين يقول شمسان إن مشكلة الزواج المبكر اجتماعية ذات نتائح اقتصادية، فالفتاة تنتقل إلى مرحلة الحمل المبكر ثم ولادة مبكرة؛ مما يعرض حياتها للخطر، وفي أفضل الظروف فإن المواليد يتعرضون للأمراض، ومنها سوء التغذية، وبالتالي ينتج جيل هزيل وغير فاعل، هذا دون التطرق إلى ارتفاع كلفة الإنفاق على الصحة.
والزواج المبكر يعني بالضرورة الانعزال عن الحياة العامة والمشاركة المجتمعية. ويكشف تقرير رسمي، انخفاض معدل المشاركة الاقتصادية للمرأة اليمنية، في حين تشكل النساء 49.2% من إجمالي عدد سكان البلاد البالغ عددهم 26 مليون شخص.
في حين أوضح تقرير صادر عن وزارة التخطيط اليمنية أن مشاركة المرأة اليمنية في الحياة الاقتصادية بلغت 18% فقط، مشيراً إلى أن هذه النسبة تعكس الاختلال الهيكلي لمشاركة المرأة في تحمل أعباء التنمية. ولم تزد مشاركة المرأة اليمنية عن 7%، مقابل 93% للرجال، من الإجمالي العام للمشتغلين. وأرجع التقرير سبب هذه الفجوة بين النساء والرجال اليمنيين وتدني مستوى مساهمة المرأة اقتصاديا، إلى عادات الزواج المبكر، وارتفاع نسبة الأمية بين الإناث.
وفي حديثه لـ"العربي الجديد" يوضح المسؤول الإعلامي لمنظمة اليونيسف في اليمن، محمد الأسعدي، أن الفقر من الأسباب الرئيسية للزواج المبكر بجانب المعتقدات الدينية والثقافية. وتحدث الأسعدي لـ"العربي الجديد" عن جهود منظمته في مكافحة مشكلة زواج الأطفال عن طريق إيجاد بيئة مناسبة لتعليم الفتيات.
آمنة عمرها 11 عاماً، هي طفلة انتزعها والدها من مقاعد الدراسة ليزوجها من رجل مسن يدين له بمبلغ لا يتعدى الـ 100 دولار. إذن، اختار الوالد بيع ابنته. وبعد مغادرة الزوج إلى السعودية للعمل، هربت الفتاة إلى بيت والدها، الذي رفض استقبالها، برغم شكواها من ممارسة زوجها شتى أنواع التعذيب عليها.
إضافة إلى النظرة الاجتماعية والدينية والثقافية، يحضر الاقتصاد ضمن الأسباب الرئيسية لظاهرة زواج القاصرات في عدد من الدول العربية ومنها اليمن، ليولّد بالتوازي انعكاسات اقتصادية ضخمة، تسهم في وأد أي تطور في الواقع المعيشي. فحرمان ملايين الفتيات من التعليم، ومن ثم عدم انخراطهن في سوق العمل يخفض حجم الناتج المحلي، ويعرقل أي رؤية لاستنهاض النمو، ويؤدي إلى تفاقم المشكلة السكانية وتوسيع مؤشرات الفقر والبطالة والحرمان.
وفي حين أعلن البنك الدولي ومنظمات دولية أخرى عن صرف ملايين الدولارات هذا العام على دراسات وبرامج تربط زواج القاصرات بتراجع نسبة النمو الاقتصادي، سأل تقرير البنك الدولي في نهاية أغسطس الماضي: "ما التكلفة الاقتصادية لزواج القاصرات؟" وأجاب البنك في التقرير نفسه: "في الواقع لا نعرفها". فلنحاول اكتشاف بعض نواحي الارتباط بين زواج الصغيرات والمؤشرات الاقتصادية.
نمو سكاني... وفقر
وفقا للموجز الاقتصادي ربع السنوي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الصادر عن البنك الدولي مطلع عام 2014، فإن أعلى معدّل للفقر في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا سُجّل في اليمن. في المقابل، يرتفع عدد سكان اليمن 800 ألف نسمة سنويا، بحسب المجلس الوطني للسكان.
وفي تحليل ارتفاع معدلات الفقر بالتزامن مع ارتفاع عدد السكان، يشير تقرير أصدره المركز الدولي للدراسات عام 2011 إلى تبوؤ اليمن المرتبة الـ13 من بين 20 دولة صُنفت على أنها الأسوأ في زواج القاصرات، حيث تصل نسبة الفتيات اللواتي يتزوجن دون سن الثامنة عشرة إلى 52%.
وفي حديثها لـ"العربي الجديد" ، تقول رئيسة اللجنة الوطنية للمرأة في اليمن شفيقة سعيد إن "الفقر سبب رئيسي في انتشار ظاهرة زواج الصغيرات والقاصرات، إضافةً إلى ارتفاع معدلات الأمية في أوساط النساء والتي قاربت 80%"...
إذ يعد الزواج المبكر من أكبر تحديات التنمية في اليمن. وبحسب الجهاز المركزي للإحصاء، فإن الزواج المبكر يعني ارتفاع عدد الولادات، ونسبة أعلى من الفقر، وفرص تعليم أقل للأطفال، ومهنا غير متخصصة.
ويؤكد أستاذ علم الاجتماع السياسي الدكتور، عبد الباقي شمسان، أن زواج القاصرات يفاقم مشكلة التنمية، ويقول لـ"العربي الجديد": "مع الزواج المبكر ترتفع نسبة الأمية، خاصة بين الإناث. ويعمل زواج الصغيرة على حرمانها من التعليم، وبالتالي هذا الزواج له كلفة كبرى على الاقتصاد".
إضعاف الخدمات العامة
ويقول الأمين العام للمجلس الوطني للسكان الدكتور أحمد بورجي لـ"العربي الجديد" إن "النمو السكاني يلتهم الموارد، ويؤدي إلى ضعف نوعية وكمية الخدمات من تعليم وصحة وطرق وكهرباء، كما يؤدي إلى مشاكل عديدة أبرزها عمالة الأطفال وتهريبهم للعمل والتسول في دول الجوار".
في حين يقول شمسان إن مشكلة الزواج المبكر اجتماعية ذات نتائح اقتصادية، فالفتاة تنتقل إلى مرحلة الحمل المبكر ثم ولادة مبكرة؛ مما يعرض حياتها للخطر، وفي أفضل الظروف فإن المواليد يتعرضون للأمراض، ومنها سوء التغذية، وبالتالي ينتج جيل هزيل وغير فاعل، هذا دون التطرق إلى ارتفاع كلفة الإنفاق على الصحة.
والزواج المبكر يعني بالضرورة الانعزال عن الحياة العامة والمشاركة المجتمعية. ويكشف تقرير رسمي، انخفاض معدل المشاركة الاقتصادية للمرأة اليمنية، في حين تشكل النساء 49.2% من إجمالي عدد سكان البلاد البالغ عددهم 26 مليون شخص.
في حين أوضح تقرير صادر عن وزارة التخطيط اليمنية أن مشاركة المرأة اليمنية في الحياة الاقتصادية بلغت 18% فقط، مشيراً إلى أن هذه النسبة تعكس الاختلال الهيكلي لمشاركة المرأة في تحمل أعباء التنمية. ولم تزد مشاركة المرأة اليمنية عن 7%، مقابل 93% للرجال، من الإجمالي العام للمشتغلين. وأرجع التقرير سبب هذه الفجوة بين النساء والرجال اليمنيين وتدني مستوى مساهمة المرأة اقتصاديا، إلى عادات الزواج المبكر، وارتفاع نسبة الأمية بين الإناث.
وفي حديثه لـ"العربي الجديد" يوضح المسؤول الإعلامي لمنظمة اليونيسف في اليمن، محمد الأسعدي، أن الفقر من الأسباب الرئيسية للزواج المبكر بجانب المعتقدات الدينية والثقافية. وتحدث الأسعدي لـ"العربي الجديد" عن جهود منظمته في مكافحة مشكلة زواج الأطفال عن طريق إيجاد بيئة مناسبة لتعليم الفتيات.