انفتاح شخصيات سورية كردية على الإعلام الإسرائيلي لشيطنة المعارضة

16 اغسطس 2016
دعوات لحصول الأكراد على دعم دولي متواصل(أحمد ديب/فرانس برس)
+ الخط -
تسعى بعض القيادات والنخب السورية الكردية للتأثير على دوائر صنع القرار في تل أبيب وتجنيدها لصالح "القضية الكردية" من خلال الانفتاح على وسائل الإعلام الإسرائيلي والموافقة على إجراء المقابلات معها. ويتراوح طابع الرسائل التي تحاول بعض النخب والقيادات الكردية السورية نقلها للإسرائيليين بين الدفاع عن "عدالة النضال الكردي" وشيطنة قوى المعارضة السورية من دون استثناء، واتهامها بـ "التطرف والوهابية"، علاوة على مهاجمة الدول الداعمة لهذه القوى، إلى جانب محاولة إقناع صناع القرار في تل أبيب بإصدار مواقف علنية لدعم الأكراد في سعيهم للإعلان عن حكم ذاتي لهم شمال سورية.

وتشكل مقابلة أجرتها صحيفة "جيروزاليم بوست" قبل أيام، مع الحقوقي الكردي كمال سيدو نموذجاً لهذا التوجه، وخصوصاً بعد ما تضمنته من اتهامات بحق الجيش السوري الحر. يقول سيدو إن "الجيش الحر بات مخترقاً من قبل الجماعات الجهادية المتشددة"، زاعماً أن الجماعات الإسلامية التي تقاتل في حلب "لا تقل تطرفاً عن تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)". كما يشير إلى أن عدداً من الجماعات التي يتكون منها "الجيش السوري الحر يطالب بتطبيق الشريعة". ويحذر سيدو من أن الجيش الحر والجماعات الإسلامية الجهادية العاملة في سورية تعمل من أجل تأسيس دولة إسلامية "معادية للأكراد وغيرهم من الأقليات"، على حد قوله.

كذلك لم يتردد سيدو في مهاجمة تركيا، واتهمها بمنع وصول المساعدات الإنسانية لمناطق تواجد الأكراد في شمال سورية، إلى جانب نجاحها في إجبار إقليم كردستان العراق على إغلاق أبوابه أمام مناطق الأكراد في الشمال السوري. ويتهم القوات التركية بمهاجمة المدنيين الأكراد في مدينة القامشلي من خلال القصف المدفعي العشوائي إلى جانب تعرض المدينة لهجمات بالسيارات المفخخة ينفذها تنظيم "داعش". لكن سيدو، بخلاف القيادات الكردية التي تحدثت للإعلام الإسرائيلي، يبدي تشاؤمه إزاء حدوث تغيير في موازين القوى يقلص من المخاطر التي "يتعرض لها الأكراد والأقليات الأخرى في المستقبل"، مشدداً على أن ذلك يتطلب حصول الأكراد على دعم دولي متواصل.

في موازاة ذلك، نشرت مجلة "ISRAEL DEFENSE"، في عددها الصادر في الخامس من شهر أغسطس/آب الحالي، مقابلة مع أحد قيادات أكراد سورية، قالت إنه رفض الكشف عن اسمه، لم يتردد خلالها بالقول إن إسرائيل "الصديقة الوحيدة" للأكراد في المنطقة. ويسترسل القيادي نفسه، في الحديث عن رهانات الأكراد، على دعم إسرائيل لفكرة الحل الفيدرالي الذي يؤمن الحد الأقصى من الاستقلال للأكراد في الظروف الحالية. كما يهاجم قوى المعارضة السورية التي تعارض قيام منطقة حكم ذاتي للأكراد في شمال سورية، قائلاً إن اعتراضهم يشبه "رفض الفلسطينيين وجود إسرائيل"، على حد وصفه. 

ويذهب القيادي الكردي نفسه أبعد من ذلك من خلال الثناء على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، واصفاً إياه بأول "زعيم عالمي يعلن صراحة تأييده لفكرة الدولة الكردية المستقلة"، معتبراً أن إسرائيل تمثل "نموذجاً يُحتذى به بالنسبة للأكراد". ويشدد على وجوب التعاون بين إسرائيل والأكراد في مواجهة "الإرهاب الإسلامي". كما يعد القيادي الكردي "الوهابية أخطر دفيئة للإرهاب السني"، مدعياً أنها "حولت السنة إلى العماد الأهم للإرهاب في العالم". ويشير إلى تأثر مناطق سيطرة المعارضة السورية بالأفكار الوهابية، وإلى أن الناس الذين يعيشون في مناطق تديرها المعارضة السورية، مثل إدلب، يخضعون لتشريعات مر عليها 1400 عام.

يُذكر أن عدداً من الجنرالات الإسرائيليين المتقاعدين قد دعوا الحكومة الإسرائيلية أخيراً إلى تقديم دعم عسكري مباشر للأكراد. وفي تحقيق موسع أعده المؤرخ العسكري أوري ميلشطاين، ونشرته صحيفة "معاريف" أخيراً، يعتبر الجنرالات الذين أشرف بعضهم على تدريب الأكراد في شمال العراق في سبعينيات القرن الماضي، أنه يمكن الرهان على الأكراد أكثر من أي طرف آخر. ويطالب الجنرالات الحكومة الإسرائيلية بمنح الأكراد في شمال العراق وسورية كل "لواء مدرعات" يستغني عنه الجيش الإسرائيلي. ويشدد الجنرالات على وجوب استنفار إسرائيل للانضواء في الجهد الدولي الهادف إلى تحسين قدرات الأكراد القتالية من خلال تطوير برامج تدريب خاصة بهم وزيادة فاعليتهم القتالية. وينوّه الجنرالات إلى أن تاريخ العلاقة مع الأكراد يدلل على تعاظم فرص ارتباط أية دولة كردية تنشأ في المنطقة بتحالف مع إسرائيل. ويستدرك ميلشطاين قائلاً إنه على الرغم من موقف الجنرالات المتقاعدين هذا، فإن بعض محافل التقدير الاستراتيجي في تل أبيب تفضل عدم التدخل لصالح أحد الأطراف، على اعتبار أن ضمان مواصلة تمتع إسرائيل بالمناورة يتطلب بقاء المواجهات في الإقليم مفتوحة.

المساهمون