شهدت الحملات الدعائية للانتخابات البرلمانية والبلدية والجهوية في موريتانيا، التي ستجرى في الأول من سبتمبر/أيلول المقبل، انطلاقة باهتة، بعد مرور يومين على الانطلاقة الرسمية، رغم مشاركة 98 حزباً سياسياً في الانتخابات التي تعتبر أهم اختبار جدي للطيف السياسي في البلد، خصوصاً حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم الذي بات حصوله على أغلبية برلمانية مريحة أمراً صعباً، بسبب المنافسة الشرسة من الأحزاب الأخرى، سواء تلك المحسوبة على الأغلبية الحاكمة، أو تلك المعارضة مثل حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية (تواصل) الإسلامي، الذي يحاول نيل ثقة الناخبين.
وبقيت الحملات الدعائية للانتخابات الموريتانية في العاصمة نواكشوط شبه صامتة بعد يومين من انطلاقتها. ويتضح ذلك من قلة أعداد مقار الدعاية التي يفضل الموريتانيون أن تكون عبارة عن خيام قريبة من الشارع، أو في محيط منازل المرشحين. كما لوحظ النقص الكبير في الشعارات، وصور المرشحين للانتخابات البرلمانية أو البلدية، أو المرشحين الذين يخوضون انتخابات المجالس الجهوية، التي ستجرى للمرة الأولى في البلاد. وقدمت الأحزاب السياسية المتنافسة في موريتانيا 143 لائحة للانتخابات البلدية، و67 لائحة جهوية، و109 لوائح للمقاطعات، و96 لائحة نيابية، بالإضافة إلى 87 لائحة للنساء. ويبلغ عدد المكاتب 4035 مكتباً انتخابياً، بحيث لا يتجاوز عدد الناخبين في المكتب الواحد 500 ناخب.
ويقول رئيس حملة دعائية في مقاطعة توجنين، محمد الأمين، إن الحملات الدعائية لا تزال ضعيفة بشكل كبير في كافة مناطق نواكشوط، بسبب عزوف المواطنين عنها، مرجعاً الأمر إلى ضعف الانطلاقة، وعجز أغلب المرشحين عن تجهيز مقار الدعاية بالشكل المطلوب. ويضيف الأمين، لـ"العربي الجديد"، أنه رغم انتشار عدد كبير من خيام الدعاية، في المقاطعات التسع في العاصمة الموريتانية، فإن الدعاية لا تزال ضعيفة، بسبب النقص الحاد في الصور والشعارات، ومكبرات الصوت التي تسمع من خلالها برامج المرشحين وتشكل عامل جذب للمواطنين للتواجد عند مقرات الدعاية. وعلى الرغم من أن حملات الدعاية انطلقت بقوة فجر الجمعة الماضي من خلال تجمعات جماهيرية مختلفة وخطب دعائية لأبرز الأحزاب السياسية المتنافسة للفوز بأغلبية برلمانية وبلدية وتمثيل في المجالس الجهوية، التي استحدثت بعد التعديل الدستوري الذي ألغى مجلس الشيوخ العام الماضي، غير أن الدعاية على أرض الواقع لا تزال ضعيفة ودون المستوى المطلوب بشهادة العديد من رواد مقار الدعاية والمشرفين عليها.
ويرى الشيخ ولد عبد الله أن الحملات الدعاية في موريتانيا لا تزال ضعيفة، وأن المتنافسين لم يبذلوا حتى الآن جهوداً كبيرة لجذب الناخبين عبر إحياء سهرات فنية من شأنها جذب الجمهور، والمساهمة في شرح وتقريب البرامج الانتخابية من الناخبين. ويقول ولد عبد الله، لـ"العربي الجديد"، إنه تجول في أغلب مقاطعات نواكشوط، من أجل الاطلاع على سير الحملات الدعائية، وأنه لاحظ ضعف الحملة رغم شراسة المنافسة الحزبية في العاصمة والمناطق الداخلية. وتقول مصادر "العربي الجديد"، إن الحملات الدعائية في المناطق الأخرى خارج العاصمة لا تزال ضعيفة رغم قوة المنافسة، وتنوع المرشحين وسباقهم للفوز بمقاعد برلمانية ومجالس جهوية، في انتخابات حاسمة من شأنها أن تكشف عن الصورة الحقيقية لموازين القوى للطيف السياسي بمختلف أشكاله. وكانت اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات في موريتانيا قد أنهت المراحل الأساسية من الاستعداد للانتخابات، وفي مقدمتها عملية الإحصاء الإداري ذي الطابع الانتخابي الذي تم إنجازه بالتعاون مع المكتب الوطني للإحصاء، ونجمت عنه إعداد لائحة انتخابية تضم نحو مليون و400 ألف ناخب.
وشهد انطلاق الحملات الدعائية في موريتانيا تمرير عدة رسائل، أبرزها رفض رئيس التحالف الشعبي التقدمي، مسعود ولد بلخير، لولاية ثالثة للرئيس محمد ولد عبد العزيز، وتحذير حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية الإسلامي في موريتانيا من محاولة السلطة تزوير الانتخابات، في وقت تشير المعطيات إلى فشل عدد كبير من مرشحيها بسبب غضب بعض رموز النظام من اختيار الحزب الحاكم لمرشحين غير محسوبين عليهم. وكشف خطاب الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز، خلال افتتاح الحملة الدعائية لحزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم، عن مخاوف النظام من تخلي بعض رموزه والمحسوبين عليه عن دعم لوائحه التي يرى البعض أنها غير توافقية في معظم مناطق البلاد. وحذر أنصاره من التصويت للمرشحين من خارج الحزب الحاكم. ودعا الجميع إلى التمسك بنهجه والدفاع عن خيارات الحزب والتصويت بكثرة للوائحه.