انحسار عديد مقاتلي "داعش" في العراق إلى 5 آلاف

07 اغسطس 2017
محتجزون يشتبه بانتمائهم لـ"داعش"، بالموصل في يوليو الماضي(مارتن إيم/Getty)
+ الخط -
لا يزال مصير مقاتلي تنظيم "داعش"، الذين فروا من مناطق القتال في الموصل وغيرها من المدن والبلدات المحررة، موضع متابعة من قبل السلطات العراقية. وبحسب آخر التقارير الحكومية الصادرة منتصف يوليو/تموز الماضي في بغداد، فهناك مؤشرات على تراجع أعداد مقاتلي التنظيم في البلاد، إلى نحو 5 آلاف عنصر مسلح غالبيتهم العظمى من الجنسية العراقية. ويرجح التقرير تمركزهم في مناطق شمال وغرب ووسط البلاد، ويظهر أن أكثر من 30 في المائة منهم شكل خلايا مبعثرة على أطراف المدن التي انتزعت من التنظيم، أو داخل مناطق جبلية وصحراوية. إلا أن التقارير لا تتجاهل أن النسبة الأكبر من مقاتلي "داعش"، يوجدون في تلعفر والقائم وعنّة وراوة والحويجة وساحل الشرقاط الأيسر ومناطق داخل مربع ذراع دجلة بين سامراء والفلوجة، فضلاً عن الصحراء الغربية التي تمتد من السعودية جنوباً مروراً بالحدود الأردنية وحتى سورية غرباً.
وانخفض معدل الهجمات والاعتداءات الإرهابية في عموم مدن العراق إلى نحو 35 في المائة، مقارنةً مع أرقام العام الماضي، وفقاً للتقارير ذاتها التي كشف عنها مسؤول عراقي رفيع في مكتب رئيس الوزراء، حيدر العبادي، لـ"العربي الجديد"، وقال عنها إنها "تقارير مشتركة مصدّقة من غرفة التحالف الدولي في بغداد".

ويعتبر تراجع عدد عناصر التنظيم بمثابة إنجاز لبغداد و"التحالف الدولي" أيضاً، إذ قدّرت التقارير العراقية والأميركية عدد مقاتلي "داعش" في العام الماضي، بمثل هذا الشهر تحديداً، بنحو 12 ألف مقاتل في عموم مدن العراق، بينهم زهاء ألفي مقاتل غير عراقي، بحسب تقرير وزارة الدفاع العراقية.

ويقول مسؤول عسكري عراقي رفيع المستوى في قيادة العمليات المشتركة ببغداد لـ"العربي الجديد"، إن "القوات العراقية دخلت فجر السبت الماضي بمرحلة عمليات استخبارية جديدة بمشاركة القوات الأميركية وهي على مستوى عالٍ من السرية والاحترافية وتشمل جميع مدن العراق ومدن سورية أيضاً". ووفقاً للمسؤول نفسه، فإنه "تم الاعتماد على قاعدة بيانات داعش التي عثر عليها في مدن الموصل والبعاج والرطبة في تتبع قيادات وأعضاء تنظيم داعش الذين تمكنوا من الإفلات والذوبان بين قوافل النازحين الفارين من المعارك". وأضاف "وجدنا وثيقة من زعيم التنظيم، أبو بكر البغدادي، تطالب المقاتلين العراقيين بالانسحاب التدريجي من المدن، وترك المقاتلين العرب والأجانب مع أحزمة ناسفة". وتكشف الوثيقة ذاتها، بحسب المسؤول العراقي، عن أن "البغدادي علل الأمر بأن الطريق لا يزال في البداية وأنهم عندما أعلنوا الخلافة كانوا قد وضعوا تصوراً لردود الفعل وما سيجري". ويؤكد المصدر نفسه أنه "منذ فجر السبت ولغاية الخميس تم قتل واعتقال 42 عنصراً بتنظيم داعش داخل العراق، جرى التوصل إليهم من خلال جهد استخباري ساندته طائرات أميركية مسيّرة، كما تم استهدف موقع للتنظيم داخل دير الزور السورية من قبل مقاتلات أف 16، التي تمتلكها القوات العراقية، وبعملية وافق عليها رئيس الوزراء، إذ يشترط في عمليات كهذه، خارج حدود البلاد، موافقة رئيس الحكومة"، وفق المتحدث.


الإنجاز المحقق في العراق على مستوى الحرب على الإرهاب وتحرير المدن العراقية من قبضة "داعش"، بشكل متتابع، لا يخفي خوف ضباط وجنرالات قيادة العمليات العراقية المشتركة من مفاجآت غير متوقعة للتنظيم، قد يقدم عليها بالفترة المقبلة على غرار ما حصل قبل أسبوعين عندما احتل مقاتلوه منطقة الإمام الغربي جنوب الموصل لعدة أيام قبل أن يستردها الجيش العراقي مجدداً.

وفي مقر غرفة العمليات المشتركة ببغداد، يعكف ستة ضباط من الجيش، بينهم خمسة من ضباط الجيش العراقي السابق (أعيد أحدهم للخدمة بعد سقوط الموصل) على إعداد تقييم للقوات العراقية وقادة الفرق والألوية العسكرية والأفواج القتالية بهدف إعادة توزيعها على المدن المحررة التي لا تزال هشة ويمكن سقوطها مجدداً بهجمات خاطفة لتنظيم "داعش". ويقول أحدهم وهو ضابط برتبة عميد، لـ"العربي الجديد"، إنه "بعد الموصل لم تعد هناك مدينة صعبة علينا، فتلعفر والحويجة ستستغرق شهرين على أبعد تقدير، ومعركة أعالي الفرات سهلة للغاية، لكن التحدي الأكبر لدينا الآن هو كيفية المحافظة على التقدم الأمني الحالي ومعرفة الخطوة المقبلة للتنظيم وإحباطها قبل وقوعها"، وفق تعبيره. ويتابع أن "المعركة بالدبابات والصواريخ أسهل بكثير من معركة المعلومات والاستخبارات والتتبع لخلايا التنظيم ونحن نجد صعوبة في ذلك، والعراقيون من سكان المحافظات الغربية والشمالية غير متعاونين معنا ولا ألومهم بسبب حقبة نوري المالكي السابقة والخوف من أن يكون المتبلّغ عن الإرهاب إرهابياً".

ويضيف المتحدث نفسه "الآن نعلم يقيناً أن التنظيم يحاول الرد على خسارته في الموصل بهجمات على مدن محررة أو مدن آمنة، سواء كانت انتحارية أو مسلحة يتخذ بها شكل الجماعة، لذا باشرنا بخطط الأسوار لتحصين المدن ومدينة هيت غرب العراق أنجزت فيها المهمة كونها الأخطر حالياً، بسبب تكرار الهجمات عليها وسنباشر بمدن أخرى"، بحسب تأكيده. ويشير إلى "تسرب الآلاف من عناصر داعش بطرق كثيرة بينها مع جيوش النازحين الفارين من المعارك بين النساء والأطفال"، معتبراً أن هذا الوضع خطير لأنه في السابق كان عناصر "داعش" موجودين في مدينة ما "لكن الآن انتشروا ولا نعلم أين استقروا ومن المؤكد أنهم أعادوا التواصل في ما بينهم ضمن خطة اتفقوا عليها مسبقاً"، وفق اعتقاده.

وفي هذا المضمار، يقول المتحدث باسم وزارة الداخلية العراقية، العميد سعد معن، إن "المعركة ضد داعش عسكرياً انتهت وتحولت إلى معركة استخبارية بحتة". وبحسب تصريحات له في مؤتمر صحافي يوم الخميس في بغداد، فإن "الجهد الاستخباري هو معركة القوات العرقية حالياً مع التنظيم، ومن خلالها تمكنت من تحقيق ضربات نوعية في أكثر من منطقة خلال هذا الأسبوع"، مطالباً العراقيين بمزيد من التعاون مع القوات العراقية في هذا المجال. وأطلقت الحكومة ثلاثة هواتف مجانية مخصصة للإبلاغ عن أي معلومات حول عناصر "داعش" أو أي أنشطة إرهابية تذكر، وتعهدت بالحفاظ على سرية هوية المتصل، كما تخصص مكافآت مالية للمبلغين.

ويقول عضو "تحالف القوى العراقية"، محمد المشهداني، لـ"العربي الجديد" إن "شوكة التنظيم كسرت في العراق لكنه لا يزال يشكل خطراً". ويضيف أن "داعش لم يعد بإمكانه الاحتفاظ بأي مدينة خلال الأشهر الستة المقبلة، لكنه سيكون قادراً على شن هجمات إرهابية في بغداد ومدن كثيرة بسيارات مفخخة وعبوات ناسفة وهجمات مسلحة وهنا يأتي دور الاستخبارات وتنفيذ العمليات الاستباقية، لكن ذلك سيفتح الخوف من الاعتقالات العشوائية والمخبر السري والاتهامات الكيدية، لذا نحن غير متفائلين بالفترة المقبلة، وعلى الحكومة كسب ثقة شعب المدن المحررة لتكسب المعركة"، وفق تعبيره.

المساهمون