قبل ساعات قليلة من حلول الذكرى السابعة لثورة 25 يناير/ كانون الثاني 2011، أصدرت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، أمس الأربعاء، بيانات رصدت أربع سنوات من حكم الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي. ولخّصت الشبكة، وهي منظمة مجتمع مدني مصرية، تلك السنوات في إنشاء 17 سجناً رئيسياً جديداً، وإحصاء نحو 60 ألف مسجون سياسي ونحو 20 ألف محبوس احتياطي و7513 مدنياً جرت محاكمتهم عسكرياً و54 سجيناً من الصحافيين والعاملين في الإعلام ونحو 500 مواطن ممنوعين من السفر، بالإضافة إلى إصدار 2332 حكماً بالإعدام وحجب أكثر من 465 موقعاً إلكترونياً.
وتستعرض "العربي الجديد" في ما يأتي بعضاً من تفاصيل ذلك الرصد الذي اختصرته الشبكة في أرقام.
17 سجناً جديداً أو يزيد
كانت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان قد أصدرت تقريراً بعنوان "هناك متسع للجميع"، في نهاية عام 2016، رصدت فيه السجون الجديدة التي أنشأها السيسي في عهده. وأشارت الشبكة آنذاك إلى مفاجأة، وهي أنّ موقع وزارة الداخلية على شبكة الإنترنت لم يُحدّث منذ عام 2008. فالقائمة المنشورة على الموقع تضمّ أسماء 25 منطقة سجون من دون ذكر أسماء كل السجون الموجودة في مصر، القديمة والحديثة، وبالطبع لم تُذكر أيّ أرقام خاصة بالسجناء.
وتوصّلت الشبكة إلى أنّ أماكن الاحتجاز القانونية تجاوزت 504 مقرّات احتجاز ممثلة في 43 سجناً قديمة المنشأ قبل ثورة 25 يناير و19 سجناً جديداً أنشئت بعد الثورة، سواء استقبلت السجناء بالفعل أو بدأ العمل فيها، فضلاً عن السجون المركزية المنتشرة في محافظات مصر ما عدا القاهرة وعددها 122 سجناً مركزياً، إلى جانب أقسام ومراكز مختلفة للشرطة في كل محافظات مصر ومدنها، ويبلغ عددها 320 قسماً ومركزاً. تُضاف إلى كل ذلك، مئات من مقار الاحتجاز المتمثلة في نقاط ارتكاز الشرطة أو إدارات البحث الجنائي أو فروعها التي نصّ قرار قديم لوزير الداخلية في عام 1969 على اعتبارها من أماكن الاحتجاز القانونية، فضلاً عن أماكن الاحتجاز غير القانونية، مثل معسكرات قوات الأمن والسجون العسكرية التي لا تعترف الدولة باستخدامها في احتجاز مواطنين، على الرغم من الشهادات الكثيرة التي أدلى بها محتجزون سابقون بعد إخلاء سبيلهم.
60 ألف سجين سياسي أو يزيد
الأرقام المتعلقة بالسجناء والطاقة الاستيعابية للسجون، غاب أيّ إعلان رسمي عن أعدادها، سواء كان ذلك عمداً أو تكاسلاً، ما جعل الشبكة العربية تبحث وتدقق وتجري عمليات حسابية ولقاءات مع بعض المسؤولين، مع التعهد لهم بعدم كشف هوياتهم وحمايتهم كمصادر خشية تعرّضهم لمخاطر. والأرقام التي أعلنتها الشبكة العربية عن أعداد السجناء هي التقديرات التي تراها الأقرب إلى الدقة والمصداقية، إلى أن تعلن الأجهزة الأمنية أو العدلية أرقاماً مختلفة بالدليل الموثّق.
وعن التكدّس في السجون، أوضح تقرير "هناك متسع للجميع" أنّ السجون المصرية لم تشهد تجاوز عدد السجناء السياسيين لعدد الجنائيين في الحقبة الأخيرة، إلا في خلال فترة العنف الديني من عام 1991 إلى عام 1995، وعقب الثالث من يوليو/ تموز 2013. أضاف أنّ التكدّس في السجون ظاهرة معتادة وقديمة تعاني منها وزارة الداخلية، ليس فقط وفقاً لتقارير منظمات حقوق الإنسان أو المعارضين، بل وفقاً لمؤسسات رسمية تابعة للدولة.
وفي عام 2012، وبحسب تقرير صادر عن إحدى المنظمات المقرّبة من الدولة، كان عدد السجناء نحو 70 ألف سجين، وهو رقم منطقي بعد إعادة نحو 22 ألف سجين هربوا خلال ثورة يناير، من 11 سجناً. أمّا في عام 2016، وبحسب تصريح رئيس مصلحة السجون اللواء مصطفى باز، فقد بلغ عدد السجناء في مصر نحو 80 ألفاً في السجون فقط من دون احتساب المحتجزين في أقسام الشرطة ومراكزها في مايو/ أيار 2016. إلى ذلك، وصل عدد السجناء في مصر حتى منتصف أغسطس/ آب 2016، إلى 106 آلاف سجين من ضمنهم 60 ألف سجين سياسي.
20 ألف محبوس احتياط
تنصّ المادة 143 من قانون الإجراءات الجنائية المصري المتعلق بتحديد مدة الحبس الاحتياطي على أنّه "لا يجوز أن تزيد مدة الحبس الاحتياطي على ثلاثة أشهر، ما لم يكن المتهم قد أُعلم بإحالته إلى المحكمة المختصة قبل انتهاء هذه المدة، ويجب على النيابة العامة في هذه الحالة أن تعرض أمر الحبس خلال خمسة أيام على الأكثر من تاريخ الإعلان بالإحالة على المحكمة المختصة وفقاً لأحكام الفقرة الأولى من المادة 151 من هذا القانون لإعمال مقتضى هذه الأحكام، وإلا وجب الإفراج عن المتهم".
لكنّ الرئيس المؤقت السابق، عدلي منصور، أصدر قراراً بالقانون رقم 83 لسنة 2013 يقضي بتعديل بعض أحكام قانون الإجراءات الجنائية. ونصّ التعديل في مادته الأولى على أن تستبدل الفقرة الأخيرة من المادة 143 من قانون الإجراءات الجنائية بالفقرة الآتية "ومع ذلك فلمحكمة النقض ولمحكمة الإحالة إذا كان الحكم صادراً بالإعدام أو بالسجن المؤبد، أن تأمر بحبس المتهم احتياطياً لمدة 45 يوماً قابلة للتجديد من دون التقيد بالمدد المنصوص عليها في الفقرة السابقة". وبذلك تكون محكمتَا النقض والجنايات قد حُرّرتا من قيود مدة الحبس الاحتياطي.
بذلك تحوّل الحبس الاحتياطي في مصر إلى آلية عقاب جديدة وتستخدمه جهات التحقيق باعتباره عقوبة في حدّ ذاته وليس إجراءً احترازياً. فالمسجونون الذين يُلقى القبض عليهم يتعرّضون لفترات طويلة من الحبس الاحتياطي، تتجاوز الحد الأقصى المحدد قانوناً بعامَين قبل الإحالة إلى محكمة الموضوع.
يُذكر أنّ المجلس القومي لحقوق الإنسان كان قد دعا في بيان سابق بمناسبة اليوم الأفريقي للحبس الاحتياطي، الذي يوافق يوم 25 إبريل/ نيسان من كل عام، إلى "إيجاد حل لهذه المشكلة، وخصوصاً أنّه قد يُحبس الشخص احتياطياً، وبعد طول فترة حبسه تظهر براءته، وبذلك يكون قد عوقب على جريمة لم يرتكبها".
7513 مدنياً أو يزيد أمام المحاكمة العسكرية
وهذا الإحصاء تصدره مبادرة "محامون من أجل الديمقراطية" التابعة للشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، لكن بالعودة إلى أرشيف المبادرة وموقع الشبكة، تبيّن وجود إحصاء شهري بعدد المدنيين المحاكَمين عسكرياً، ولم يُستدلّ على حصر كلّي.
54 صحافياً خلف القضبان
تشير الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان إلى وجود خمسة صحافيين مقيّدين في كشوف النقابة معتقلين في مصر، لكنّ العدد يرتفع في إحصاء المرصد العربي لحرية الإعلام - منظمة مجتمع مدني مصرية - إلى نحو 106 محتجزين (صحافيين ومراسلين ومصوّرين ميدانيين ومتدرّبين) ما بين حبس حكمي أو حبس احتياطي.
تجدر الإشارة إلى أنّ لجنة حماية الصحافيين الدولية كانت قد أعلنت في آخر بيان لها، أنّه للسنة الثانية على التوالي كانت تركيا والصين ومصر تشمل أكثر من نصف الصحافيين السجناء بسبب عملهم.
500 مواطن ممنوعون من السفر
ويستمرّ مسلسل المنع من السفر على خلفية قضايا سياسية. وقد شهد العام الماضي وحده، مزيداً من التضييق لجهة خنق المجتمع المدني وغلق المكتبات العامة ومصادرة محتوياتها، مع استمرار القضية رقم 173 المعروفة إعلامياً بـ"قضية تمويل المجتمع المدني". وعلى أثرها ما زالت قرارات المنع من السفر والتحفظ على ممتلكات حقوقيين وسياسيين، مستمرّة في الصدور.