انتهاء حرب طرابلس: هيكلة أمنية للمسلحين وأجسام سياسية بديلة

طرابلس
avata
أسامة علي
صحافي ليبي. مراسل العربي الجديد في ليبيا.
28 سبتمبر 2018
8E943609-0ABE-40B8-B471-B52DF3EA6BA7
+ الخط -


انتهت حرب الثلاثين يوماً في العاصمة الليبية طرابلس، بعدما خلفت 117 قتيلاً وأكثر من 400 جريح و5000 أسرة نازحة، بانسحاب مفاجئ للقوات المهاجمة، "لواء الصمود" من مصراتة و"اللواء السابع" من ترهونة، مساء الثلاثاء الماضي، إلى قواعدهما القديمة، فيما رحب المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق بالتهدئة وعودة الهدوء إلى مناطق الاشتباكات بضواحي العاصمة.

لكن وعلى الرغم من انتهاء الحرب، لا تزال الأجواء غامضة لناحية هوية القوات المسيطرة على طرابلس حالياً، بينما لم تحدد الحكومة شرعيتها من عدمها، كما أنها تراجعت بشكل كبير، في بياناتها الأخيرة، عن وصف القوات المهاجمة بـ"الخارجة عن القانون" و"العدوانية" وغيرها من التوصيفات السابقة. واستغرب كثر إعلان وزارة الداخلية، أول من أمس، مصادقة الوزير عبد السلام عاشور، على اتفاق للصلح بين قوة حماية طرابلس واللواء السابع، ليصبح وزير الداخلية أشبه بالوسيط بين مليشيات متحاربة. وظهر وكأن الحكومة باتت تعتبر قوة حماية طرابلس شرعية وتتبع لها، فأصبحت تلك القوة العسكرية تمارس عمليات الاعتقال والسجن بتكليف من مكتب النائب العام، الذي أمرها باعتقال رئيس هيئة الرقابة الإدارية، لتورطه في صفقات فساد كبيرة، بحسب إعلان قوة حماية طرابلس مساء الأربعاء، وذلك بعد ساعات من إعلان مكتب النائب العام عن "إخلاء سبيل 120 شخصاً" من سجون طرابلس، بسبب تجاوز مدد حبسهم القانونية وبسبب احتجازهم غير القانوني على يد مجموعات مسلحة.

فمن هي قوة حماية طرابلس، وعلى من ستطبق لوائح الترتيبات الأمنية، وما هي هذه الترتيبات؟ وأكد الخبير الأمني الليبي، محي الدين زكري، أن المجلس الرئاسي لم يفصح عن أي إجابة على هذه التساؤلات حتى الآن، لكنه رجح أنه "يسير وفق خطة غير معلنة تهدف إلى إعادة تدوير المليشيات بغية إحكام السيطرة عليها وتوزيعها ضمن تشكيلات جديدة يقودها ضباط من الجيش والأمن للسيطرة عليها". ولفت زكري، في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أن حكومة الوفاق "لا تملك بديلاً عن المليشيات، فالأجهزة الأمنية والقوات العسكرية مفككة منذ زمن معمر القذافي إلى كتائب تتبعه شخصياً وسقطت بسقوط نظامه، وبالتالي فمن أين ستأتي الحكومة بقوات نظامية، كما تزعم، بديلة عن المليشيات؟". وتابع زكري أنه "كان واضحاً منذ بداية القتال في طرابلس، أن الأحداث تستهدف أمراء المليشيات الذين اختفوا تماماً، كهيثم التاجوري وعبد الرؤوف كاره وهاشم بشر وغيرهم، ليتم احتواء مقاتليهم ضمن قوة جديدة عرفت باسم قوة حماية طرابلس التي كانت حربها أكثر تنظيماً وقوة ضد مليشيات الصمود واللواء السابع".



وعن قادة القوة الجديدة، قال زكري "من الواضح أن عدم الإعلان عن المسؤولين العسكريين الجدد، كان تمهيداً لحل القوة العسكرية وتوزيعها على أجهزة الجيش والشرطة، فالحكومة لا تريد أن تتورط مع أسماء جديدة كما فعلت في السابق مع أمراء مليشيات سيطروا على كل شيء". لكن زكري جزم بأن الحكومة لا تعمل بمفردها وفق هذا المخطط، فهناك خبراء دوليون ومن الأمم المتحدة يشرفون على هذه الخطة لإعادة الحياة في العاصمة إلى طبيعتها، وإنقاذ الحكومة التي اعترف العالم بها ودعمها، وبالتالي إنقاذ الاتفاق السياسي، لأنه الإطار الوحيد المعترف به دولياً لحل أزمة البلاد.

ويتفق أستاذ العلوم السياسية بجامعة "المرقب" الليبية، خليفة الحداد، مع زكري لناحية وجود عصا دولية  كانت تزجر المليشيات وتقوم بجرها إلى حتفها. وقال الحداد، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "الملف الليبي بيد واشنطن. وما حدث من انقلاب كبير جاء بعد دخول واشنطن على خط الأزمة من خلال تعيين ستيفاني وليامز كنائبة للمبعوث الأممي غسان سلامة"، لافتاً إلى أن دور واشنطن "لا يقتصر على الضغط الداخلي بل أيضاً في لملمة شتات الصراع الدولي، لا سيما الفرنسي ــ الإيطالي حول ليبيا، فكلا الطرفين يدعمان أطرافاً مسلحة، وسحب يد هذه الدول ساهم بشكل كبير في سرعة سقوط من تدعمهم واختفائهم في العاصمة". واعتبر الحداد أن الترتيبات الأمنية، التي وصفت بأنها "جديدة"، في خطاب سلامة الأخير، "ستُفرض على كل المليشيات تدريجياً، وستضبط حركة السلاح والمسلحين بشكل أكبر، مستفيدة من تجربة الحكومة مع المليشيات في العامين السابقين". وعن شكل الترتيبات الأمنية الجديدة، رجح الحداد أن يكون هناك مسار شامل برؤية دولية لحل الأزمة الليبية، مستبعداً أن تقتصر تلك الترتيبات على مليشيات طرابلس "بل أن تمتد إلى غيرها، فقوات خليفة حفتر أيضاً غير منضبطة، والتهم التي وجهها سلامة، في خطابه الأخير، كانت موجهة لقوات طرابلس وقوات حفتر معاً". ورجح الحداد كذلك أن تكون الترتيبات الأمنية الجديدة "من ضمن خطة تشمل الجانب السياسي الذي لم يختف الحديث فيه عن ضرورة إجراء الانتخابات وإفراز أجسام سياسية جديدة بديلة، خصوصاً مجلس النواب". وشدد الحداد على أن رئيس حكومة الوفاق، فائز السراج، والبعثة الأممية، يسيران وفق خطة واحدة، بدليل أن هجوم السراج على مجلس النواب وإشارته إلى وجود بدائل  عنه لإجراء الانتخابات يتماهى مع خطاب غسان سلامة الذي لم يشر فيه للأجسام التمثيلية الحالية، بل أكد أنه ينتظر هدوء الأوضاع لعقد الملتقى الوطني الذي يحل محل الأجسام السياسية الحالية قبل إجراء الانتخابات وفق الخطة الأممية المعلنة في سبتمبر/ أيلول من العام الماضي.

ذات صلة

الصورة
أنشطة ترفيهية للأطفال النازحين إلى طرابلس (العربي الجديد)

مجتمع

أطلقت منظمات وجمعيات أهلية في مدينة طرابلس اللبنانية مبادرات للتعاطي مع تبعات موجة النزوح الكبيرة التي شهدتها المدينة خلال الفترة الأخيرة.
الصورة
عناصر من قوات الامن الليبية في طرابلس 26 أغسطس 2024 (محمود تركية/فرانس برس)

سياسة

قُتل عبد الرحمن ميلاد المعروف بـ"البيدجا" في مدينة الزاوية الليبية، غرب طرابلس، على يد مسلحين مجهولين، وهو مطلوب دولياً وأحد قادة المجموعات المسلحة.
الصورة
مقبرة جماعية في منطقة الشويريف بطرابلس، 22 مارس 2024 (الأناضول)

مجتمع

أعلن المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة فولكر تورك، الثلاثاء، أن مكتبه يتابع تقارير عن اكتشاف مقبرة جماعية في الصحراء على الحدود الليبية التونسية.
الصورة
من أجواء المسيرة المنددة بالعدوان الإسرائيلي في مخيم شاتيلا ببيروت (العربي الجديد)

سياسة

شهد لبنان، اليوم الجمعة، فعاليات شعبية عدة تنديداً بجرائم الاحتلال الإسرائيلي والمجازر التي يرتكبها بحق الشعب الفلسطيني وأهالي غزة.