ونشر التقرير الذي حمل عنوان "هذه دماء من لم يتعاون: استمرار تعذيب وسوء معاملة الموقوفين في البحرين"، في 22 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، وكانت ردود الفعل ملتبسة في مجملها، إذ رحبت بالشق الذي يتعلق بتطور أوضاع حقوق الإنسان، ووضعها في سياق الإصلاحات؛ لكنها انتقدت ما اعتبرته ادعاءات على وجود انتهاكات، أو إعادة فتح ملف أخطاء قديمة ارتكبت، أو تجاهل تعليقات وزارة الداخلية والمؤسسات الحقوقية البحرينية على بعض الشهادات الذي نقلها التقرير.
وأكدت الحكومة البحرينية في ردها على تقرير المنظمة، أنها تحث "هيومن رايتس ووتش" مجدداً على تقديم مثل هذه الشكاوى إلى مؤسساتها الرسمية، وتزويدها بالمعلومات الكافية لتمكينها من إجراء تحقيقات فعالة".
والمقصود هنا المؤسسات التي أنشأتها البحرين حديثاً، بعد تقرير لجنة تقصي الحقائق في 2012، مثل الأمانة العامة للتظلمات التابعة لوزارة الداخلية، ومفوضية حقوق السجناء والمحتجزين، و"وحدة التحقيق الخاصة" في النيابة العامة البحرينية.
واعتبرت الحكومة أن "توجيه الانتقادات العلنية لهذه المؤسسات دون أن تتاح لها فرصة الاطلاع على هذه المزاعم والتحقيق فيها، لا تخدم الجهود المبذولة من أجل حماية وتعزيز حقوق الإنسان".
ووصفت البحرين بعض ما جاء في التقرير بأنه "ادعاءات مجهولة المصدر" وأنه استند إلى شهادات محدودة، وبعضها جاء إثر "مقابلات أجريت مع نشطاء ذوي أجندات سياسية"، كما احتجت على مطالبة المنظمة المؤسسات الحقوقية الدولية بوقف تعاملها مع السلطات البحرينية، مثل المفوضية السامية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة.
وكان وزير شؤون الإعلام ومجلسي الشورى والنواب البحريني، عيسى الحمادي، وصف التقرير بأنه "مضلل وغير متوازن" و"ارتكز على معلومات غير صحيحة".
وأصدرت "هيومن رايتس ووتش" التقرير في 84 صفحة، وانتقدت فيه ملف البحرين في التعامل مع المعتقلين، واتهمت السلطات بـ"تعذيب المحتجزين" وكذا افتقار المؤسسات الحقوقية والقضائية إلى "الشفافية والاستقلالية".
كما ذكر التقرير بأن الانتهاكات ضد المعتقلين من الجهات الأمنية، والتي وثقتها "اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق" في 2011، ما زالت تتكرر حتى اليوم. وأشار إلى فشل "السلطات البحرينية في تطبيق توصيات اللجنة المتعلقة بمكافحة التعذيب"، وأن حالات "الإفلات من العقاب" لا زالت تتكرر بخصوص أولئك المتهمين بانتهاكات ضد حقوق الإنسان في البلاد.
واستند تقرير هيومن رايتس ووتش إلى شهادات عشرة معتقلين سابقين لدى الأجهزة الأمنية، أربعة منهم كانوا سجناء سابقين في سجن "جو"، أشاروا إلى تكرار التعذيب وسوء المعاملة بحقهم في 2012، إلى وقت انتهاء فترة اعتقالهم في شهر مارس/آذار الماضي.
وبحسب التقرير، فقد ادعى المعتقلون السابقون، بأنهم تعرضوا "إلى اعتداءات جسدية، وتحدث بعضهم عن استخدام الصعق بالصدمات الكهربائية، وتعليقهم في وضعيات مؤلمة، وإجبارهم على الوقوف لفترات طويلة، وتعريضهم إلى البرد الشديد وانتهاكات ذات طابع جنسي".
واعتبرت المنظمة أن كل هذه الممارسات، والتي جاءت بالشهادات التي نقلها التقرير، تنتهك الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، والتي وقعت عليها البحرين، كما تعارض نصوص قانون العقوبات البحرينية ودستور البلاد.
وذكر التقرير أن "الأمانة العامة للتظلمات" فشلت في نشر تقارير "شفافة" حول أعمالها. حيث فشلت الأمانة في محاسبة رجال الأمن المتورطين في قضايا تعذيب وانتهاكات ضد معتقلين، ومن بين 561 تظلم استلمته الأمانة بين 2013 و2015، تمت إحالة 83 إلى وحدة التحقيق الخاصة، والتي فشلت بدورها "أن تتمتع بالاستقلال الذي يسمح لها بمحاسبة كبار المتورطين بانتهاكات وقضايا تعذيب".
وذكر التقرير عدم تعاون السلطات البحرينية مع المنظمات الحقوقية الدولية، فهي على سبيل المثال ألغت زيارة المقرر الخاص بقضايا التعذيب في الأمم المتحدة سنة 2013، كما أنها رفضت التوقيع على "البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب" كما رفضت منح التابعين للمنظمة (هيومن رايتس ووتش) تأشيرات من أجل الدخول إلى البلاد.
وعلقت المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان في البحرين، على التقرير، موضحة أن المنظمة "تتجاهل التطورات الإيجابية في مجال حقوق الإنسان في البحرين"، كما أن "التقرير تجاهل الجهد المبذول والنتائج الإيجابية التي تم تحقيقها والمتعلقة بتحسين أوضاع حقوق الإنسان، رغم حداثة تشكيلها وما تواجهه من عدم تعاون من بعض المنظمات الدولية والتي لا تقدم إلا النقد السلبي".
وانتقدت المؤسسة البحرينية دعوة هيومن رايتس ووتش المفوضية السامية لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة إلى عدم التعاون مع البحرين، واعتبرتها خطوة سلبية "لا تخدم تطوير قدرات المدافعين عن حقوق الإنسان".
اقرأ أيضاً:البحرين: أحكام بالسجن وإسقاط الجنسية عن متهمين بـ"الإرهاب"