انتقادات للدفاع الدنماركية بسبب انتهاكات طاولت عمال سخرة كوريين شماليين

13 سبتمبر 2018
لم تلتزم بما تُلزم به الشركات والمؤسسات الدنماركية(ناصر السهلي)
+ الخط -

وجّه تقريرٌ صادرٌ عن "مؤسسة الرقابة الدنماركية"، المعنية بمراقبة مدى التزام عمل الشركات والحكومة والمجتمع المدني بالمبادئ والقيم الأساسية في دولة القانون، تقريعاً شديد اللهجة لوزارة الدفاع في كوبنهاغن، على خلفية عدم التزامها بالتعهدات الدولية فيما يخص "المسؤولية الاجتماعية" أثناء بناء سفينة حربية في أحواض بولندا، بمشاركة ما يُطلق عليهم "عمال السخرة الكوريين الشماليين".

واعتبرت المؤسسة، التي يمكن اللجوء إليها من كل أفراد المجتمع الدنماركي لتقديم شكوى أو التعبير عن ظنون بخرق القانون والمبادئ الأساسية، سواء من الجهات الرسمية أو غير الرسمية، أن وزارة الدفاع الدنماركية "لم تقم بما يكفي لمنع انتهاك حقوق الإنسان والعمال أثناء بناء سفينة عسكرية جديدة (تُستخدم لدواعي التفتيش في البحار)".

التقرير الذي نشرت صحيفة "إنفارمسيون" الدنماركية بعض مقتطفاته يوجه انتقادات لاذعة لـ"الدفاع" كونها لم تلتزم بما تُلزم به الشركات والمؤسسات الدنماركية بعنوان "المسؤولية الاجتماعية"، التي تستوجب "حفظ كرامة وحقوق من يقوم بعمل لمصلحة الشركات والمؤسسات، الرسمية وغير الرسمية". وعليه يجد التقرير أن "الدفاع" وأثناء تنفيذ عقد بناء السفينة في بولندا لم تلتزم ولم تقم بمراقبة التزام حوض بناء السفن كما يجب.

وكانت القناة الرسمية الدنماركية "دي أر" وصحيفة "أنفارمسيون" أجريا في خريف العام الماضي تحقيقاً حول "عمال العبودية الكوريين الشماليين يبنون سفينة عسكرية دنماركية"، ما أثار ضجة وصلت إلى تقديم شكوى لمؤسسة الرقابة، التي خرجت بتقريرها الحالي بناء على معلومات موثقة حول "استخدام دولة عضو في الاتحاد الأوروبي (بولندا) عمالاً كوريين شماليين مجبرين من حكومتهم على السخرة لتأمين مداخيل مالية بالعملة (الصعبة) الأجنبية".

ويجد تقرير المؤسسة المستقلة، التي أنشئت بموجب قانون محلي يلتزم بمعايير منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية الدولية ويحق لها توجيه انتقادات والخروج بتوصيات وليس عقوبات، أنها "غير قادرة على تأكيد علم الوزارة بعمل كوريين شماليين على بناء السفينة الدنماركية". ورغم ذلك ترى المؤسسة الرقابية أن الوزارة "لم تقم بما يكفي لضمان عدم انتهاك حقوق العمال أثناء تنفيذ المشروع، وخلال مراجعتنا لسياسات الوزارة في شأن الضمانات لم نجد أنها تلتزم في سياساتها العامة بالمعايير التي تنص عليها منظمة التعاون في المجال الذي يحمي أي نوع من العمل الاسترقاقي أو الإجباري (كما في حالة عمال كوريا الشمالية الذين ترسلهم حكومتهم إلى الخارج)"، بحسب ما تذهب رئيسة المؤسسة، البروفسورة في القانون، ليندا نيلسن في تعقيبها على التقرير لصحيفة إنفارمسيون اليوم الخميس.

وسبق أن أشار "العربي الجديد" إلى قضية عمال كوريا الشمالية في وقت سابق من صيف العام الحالي، في تقريره عن "عمال العبودية".

واعتبرت نيلسن أن "المسؤولية الاجتماعية لضمان عدم استغلال العمال لم يجر تطبيقها وفقاً لما تقتضيه معايير منظمة التعاون الاقتصادي، التي تلزم كل مؤسسات الدنمارك بمعايير واضحة في المجال".

وكانت قضية استخدام عمال السخرة الكوريين الشماليين بدأت مع استخدام حوض بناء سفن بولندي منذ عام 2013 لعمال سخرة كوريين لبناء السفينة الدنماركية، وعدد من سفن دول غربية عديدة. وأظهرت وثائق اطلعت عليها المؤسسة الدنماركية أنه "على الأقل 45 كوريا شماليا جرى استخدامهم في بناء السفينة العسكرية، ومنهم عمال في مجال اللحام، وتبين أن شركة رونغرادو الكورية الشمالية تستخدم عمال استرقاق كوريين شماليين تشرف عليهم حكومة بيونغ يانغ مباشرة".

وترفض وزارة الدفاع في كوبنهاغن تحمل مسؤوليتها معتبرة أن "مسؤولية شركة بناء السفن كارستنسن (دنماركية تعاقدت مع حوض بولندي) تتحمل ضمان الالتزام بالمسؤولية الاجتماعية في العمل".

واعتبر "المركز الدنماركي لحقوق الإنسان"، اليوم الخميس، أن "الانتقادات الموجهة لوزارة الدفاع بشأن العمال الكوريين أمر خطير جداً". ووصفت مستشارة السياسات الاستراتيجية في المركز الحقوقي، سينا اندرسن لوسغورد، ما تم  بأنه"دليل مؤسف على أن الاسترقاق اليوم جزء من التجارة العالمية، ولهذا من الأهمية بمكان أن تكون مؤسسات الدول في المقدمة لضمان أكبر قدر من الالتزام بمعايير منع الرق في العمل أثناء حتى شراء موادها الخاصة".

ويذهب اليوم عدد من المشرعين في معسكر اليسار لإجراءات محددة بحق وزارة الدفاع الدنماركية. واعتبر مقرر الشؤون الدفاعية في حزب الشعب الاشتراكي في البرلمان الدنماركي بأنّ "ما أقدمت عليه الوزارة أمر مرفوض تماماً، وهي مسؤولة مسؤولية مباشرة عن استخدام عمال كوريين شماليين بصفة عبودية لبناء السفينة، والأمر لا يتعلق فقط بحقوق العمال، بل بقيام الوزارة بدعم غير مباشر لنظام كوريا الشمالية".

وزارة الدفاع ترفض الاعتراف بمسؤوليتها الاجتماعية (ناصر السهلي)



وزير الخارجية السابق، مارتن ليندغورد، ومقرر الشؤون الدفاعية عن حزبه، راديكال، يتفق أيضاً مع "الاشتراكي" في تقييمه "إهمال الدفاع لمسؤوليتها، وخصوصاً أن القضية تتعلق بمشتريات لها علاقة بالتسليح، وهذا يستدعي التزاماً أكبر وبكل دقة، ويبدو أن الدفاع لم تقم بأي من ذلك".

ومنحت المؤسسة الرقابية وزارة الدفاع الدنماركية عاماً واحداً "لإثبات أنها تلتزم التزاماً دقيقاً وحرفياً بمسؤوليتها الاجتماعية وفقاً للمعايير الدولية والمحلية، بطريقة لا تدع مجالاً للشك أنها غيرت من أنظمتها التزاماً بالحقوق".​

 

مشرّعون ينتقدون وزارة دفاع بلدهم (ناصر السهلي)