كأي محل ملابس تجاري، يزين الفلسطيني أبو خليل السعدي واجهة متجره، الذي يتوسط شارع عمر المختار في مدينة غزة، بمجموعة مجسمات لعرض الأزياء "ماليكان"، لكنّ ما يميز تلك المجسمات أنها متشحة بالكوفية الفلسطينية، وتحمل سكيناً وعَلم فلسطين.
الفكرة التي صبغ بها التاجر الفلسطيني مجسماته استلهمها من الهبّة الجماهيرية، التي تعمّ مدن الضفة الغربية والقدس المحتلة، وعموم المدن الفلسطينية، بعد أن دخلت شهرها الثاني، في ظل تزايد وتيرة الاعتداءات الإسرائيلية والإعدامات الميدانية، وما يليها من ردود فعل فلسطينية.
وانسحبت فكرة تزيين مجسمات الملابس، بأدوات شباب الانتفاضة على عدد من المحال التجارية في مدينة غزة، وبعض المحال التجارية في مدينتي رفح وخان يونس جنوباً، في رسالة تضامنية من نوع جديد مع الشباب الفلسطيني الثائر في مختلف المُدن.
إلى جانب الرسالة التي تحملها تلك المجسمات، يحاول التُجار خلق أنواع جديدة من الدعاية لبضائعهم، خاصة في ظل الركود الاقتصادي، الذي تعاني منه الأسواق الغزية، نتيجة سوء الأحوال الاقتصادية، التي وصلت إلى مراحل متقدمة من "السوء".
وأصابت حالة ركود شبه تام وحركة شرائية ضعيفة الأسواق الفلسطينية، نتيجة استمرار الحصار الإسرائيلي، الذي فرض على قطاع غزة بعد فوز حركة حماس في الانتخابات التشريعية الفلسطينية عام 2006، حيث أدى الحصار إلى تدهور مختلف نواحي الحياة، وفي مقدمتها الناحية الاقتصادية.
"العربي الجديد"، التقت السعدي الذي بدا منهمكاً في ترتيب محله التجاري، وتنسيق الكوفية على كتف إحدى المجسمات، والذي لفت إلى أن الفكرة لاقت رواجاً كبيراً من الزبائن، مضيفاً: "نحاول دائماً التجديد في عملنا، وأعجبتني فكرة مؤازرة أهالي الضفة والقدس بالطريقة المتاحة لدي".
ويضيف: "خلال الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، كانت تشدني مساندة أهالي الضفة للقطاع، وشعرت بأهمية هذا النوع من التضامن، الذي يساهم برفع الروح المعنوية، وإخبار الآخر أنه ليس وحيداً في الميدان، وأن له أشقاء يدعمونه، ويتألمون لألمه".
ولا يخفي السعدي الفائدة، التي عادت على متجره بعد هذه الخطوة، قائلاً: "ساهمت فكرة تزيين المجسمات بأدوات الانتفاضة في تحريك الحركة التجارية الراكدة، تزامناً مع صرف رواتب الموظفين، وبدء الموسم الشتوي".
وتستغل متاجر قطاع غزة مختلف الأعياد والمناسبات من أجل الترويج لبضاعتها، عبر حُلة مختلفة تزين بها واجهاتها ومجسماتها، علاوة على تأثرها بالمناسبات الوطنية، والأحداث التي تشهدها المُدن الفلسطينية، لتعكس حالة من التضامن والتعاطف الشعبي، بأساليب مختلفة.
وفي حي الرمال وسط مدينة غزة، قام التاجر صبحي سلامة، بتطبيق الفكرة على مجسماته، التي بدت وكأنها مجموعة من الشباب الفلسطيني الثائر يصطفون إلى جانب بعضهم البعض، يحملون السكاكين والأعلام الفلسطينية، وقد اتشحت أكتافهم بالكوفية.
ويقول سلامة لـ "العربي الجديد": العالم نسي القضية الفلسطينية، وانشغل بمشاكله الداخلية، وأصبح الحديث عن فلسطين ترفاً، لذلك نحاول نحن مساندة بعضنا البعض، ودعم قضيتنا العادلة عبر كل السُبل، حتى لو تخلى عنا العالم.
ويشير سلامة إلى أنّ فكرة التزيين بالسكاكين والأعلام والكوفية لقيت رواجاً وقبولاً عند المواطنين أيضاً، الذين صاروا يفضلون الشراء من المحال التي تقوم بالحملات هذه، وهو ما أنعش جزئياً الحركة التجارية التي تعاني ركوداً غير مسبوق.
اقرأ أيضا: بروفايل شباب الانتفاضة يُحيّر الاحتلال
أما حال الأسواق الذي دفع التُجار إلى البحث عن طرق وأساليب جديدة في الترويج لبضائعهم المكدسة، فجذب المواطن حسام صُبح الذي أبدى إعجابه بالفكرة قائلاً: "تشجعني الطرق الجديدة في عرض البضائع، يجذبني هذا النوع من الترويج".
ويتابع في حديثه مع "العربي الجديد": "أصابتني قشعريرة عندما رأيت مجسمات الملابس وهي تلبس رداء الانتفاضة، خاصة عندما تزامن ذلك مع متابعتنا للأحداث الجارية في الضفة الغربية والقدس المحتلة، فدخلت إلى المتجر واشتريت بعض الملابس الشتوية".
بينما يقول صديقه فتحي شملخ: "عندما دخلت أنا وصديقي إلى المتجر، كنا ندرك أن البضائع لا تختلف كثيراً عن بضائع باقي المتاجر، لكن الطريقة الجديدة في الترويج شدتنا، خاصة وأنها حاكت الواقع الذي يعيشه أهلنا في كل المُدن الفلسطينية".
ويواصل حديثه لـ "العربي الجديد": بساطة الفكرة إن دلت على شيء، فإنما تدل على أنه بإمكان كل شخص منا دعم صمود أهالي الضفة بطريقته الخاصة، مضيفاً: "كنت سأمضي أنا وصديقي إلى أي محل آخر، لولا أننا وجدنا هنا، طريقة جديدة في جذب الزبائن".
في الأثناء، يشير أستاذ علم الاقتصاد في جامعة الأزهر بغزة، معين رجب، إلى أنّ مثل هذه الخطوات يراد من خلالها إيصال رسالة للمجتمع أن أصحاب المحال التجارية والباعة هم جزء لا يتجزأ من المجتمع الفلسطيني، إضافة إلى كونها وسيلة للتعبير عن الموقف الوطني.
ويقول رجب لـ"العربي الجديد": "يمكن لهذا الجانب المعنوي أنّ يحقق نتائج اقتصادية وفائدة لتلك المتاجر، على اعتبار أنهم شريحة موجودة ومتفاعلة"، موضحاً أنّ مثل هذه الأساليب محبذة للزبائن الذين تشدهم الطرق غير التقليدية في العرض.
ويضيف المحلل الاقتصادي: "أمر طبيعي أن يكون هناك تواصل بين طرفي العملية التجارية، وفقاً لمقتضيات الأوضاع التي تمر بها المدينة، ويعتبر استغلال الأحداث والمستجدات في الترويج للبضائع حنكة تجارية، تحقق المصالح عبر أساليب متنوعة".
ويلفت رجب إلى أنّ "كل شخص من المجتمع يكمل الآخر، حتى يصبح النسيج الاجتماعي متكامل ومتوازن، وهذا ما قصده بعض التجار من خلال التعبير المبسط لآرائهم في الهبة الجماهيرية، وإسنادهم للمقاومين الفلسطينيين، لتصبح الفكرة فيما بعد أعمق من مجرد تعاطف معنوي".
وبينما يواصل الاحتلال الإسرائيلي تضييق الخناق على الاقتصاد الفلسطيني، فإن موقع معاريف ذكر في 16 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أن انتفاضة القدس من شأنها أن تكبد الاقتصاد الإسرائيلي نحو 10.5 مليارات شيقل (2.69 مليار دولار)، وذلك وسط التباطؤ الاقتصادي الذي تشهده إسرائيل على خلفية الوضع الأمني.
وتشير التقديرات الإسرائيلية الأولية إلى أن الركود الاقتصادي سيتفاقم بفعل الانتفاضة، حيث ستكون الضربة الأشد تلك التي سيتلقاها قطاع السياحة الإسرائيلية، والتجارة والاستثمارات الأجنبية الحساسة جداً للحالات الأمنية.
اقرأ أيضا: الحصار يُقطّع خيوط غزل "السجاد" في غزة
الفكرة التي صبغ بها التاجر الفلسطيني مجسماته استلهمها من الهبّة الجماهيرية، التي تعمّ مدن الضفة الغربية والقدس المحتلة، وعموم المدن الفلسطينية، بعد أن دخلت شهرها الثاني، في ظل تزايد وتيرة الاعتداءات الإسرائيلية والإعدامات الميدانية، وما يليها من ردود فعل فلسطينية.
وانسحبت فكرة تزيين مجسمات الملابس، بأدوات شباب الانتفاضة على عدد من المحال التجارية في مدينة غزة، وبعض المحال التجارية في مدينتي رفح وخان يونس جنوباً، في رسالة تضامنية من نوع جديد مع الشباب الفلسطيني الثائر في مختلف المُدن.
إلى جانب الرسالة التي تحملها تلك المجسمات، يحاول التُجار خلق أنواع جديدة من الدعاية لبضائعهم، خاصة في ظل الركود الاقتصادي، الذي تعاني منه الأسواق الغزية، نتيجة سوء الأحوال الاقتصادية، التي وصلت إلى مراحل متقدمة من "السوء".
وأصابت حالة ركود شبه تام وحركة شرائية ضعيفة الأسواق الفلسطينية، نتيجة استمرار الحصار الإسرائيلي، الذي فرض على قطاع غزة بعد فوز حركة حماس في الانتخابات التشريعية الفلسطينية عام 2006، حيث أدى الحصار إلى تدهور مختلف نواحي الحياة، وفي مقدمتها الناحية الاقتصادية.
"العربي الجديد"، التقت السعدي الذي بدا منهمكاً في ترتيب محله التجاري، وتنسيق الكوفية على كتف إحدى المجسمات، والذي لفت إلى أن الفكرة لاقت رواجاً كبيراً من الزبائن، مضيفاً: "نحاول دائماً التجديد في عملنا، وأعجبتني فكرة مؤازرة أهالي الضفة والقدس بالطريقة المتاحة لدي".
ويضيف: "خلال الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، كانت تشدني مساندة أهالي الضفة للقطاع، وشعرت بأهمية هذا النوع من التضامن، الذي يساهم برفع الروح المعنوية، وإخبار الآخر أنه ليس وحيداً في الميدان، وأن له أشقاء يدعمونه، ويتألمون لألمه".
ولا يخفي السعدي الفائدة، التي عادت على متجره بعد هذه الخطوة، قائلاً: "ساهمت فكرة تزيين المجسمات بأدوات الانتفاضة في تحريك الحركة التجارية الراكدة، تزامناً مع صرف رواتب الموظفين، وبدء الموسم الشتوي".
وتستغل متاجر قطاع غزة مختلف الأعياد والمناسبات من أجل الترويج لبضاعتها، عبر حُلة مختلفة تزين بها واجهاتها ومجسماتها، علاوة على تأثرها بالمناسبات الوطنية، والأحداث التي تشهدها المُدن الفلسطينية، لتعكس حالة من التضامن والتعاطف الشعبي، بأساليب مختلفة.
وفي حي الرمال وسط مدينة غزة، قام التاجر صبحي سلامة، بتطبيق الفكرة على مجسماته، التي بدت وكأنها مجموعة من الشباب الفلسطيني الثائر يصطفون إلى جانب بعضهم البعض، يحملون السكاكين والأعلام الفلسطينية، وقد اتشحت أكتافهم بالكوفية.
ويقول سلامة لـ "العربي الجديد": العالم نسي القضية الفلسطينية، وانشغل بمشاكله الداخلية، وأصبح الحديث عن فلسطين ترفاً، لذلك نحاول نحن مساندة بعضنا البعض، ودعم قضيتنا العادلة عبر كل السُبل، حتى لو تخلى عنا العالم.
ويشير سلامة إلى أنّ فكرة التزيين بالسكاكين والأعلام والكوفية لقيت رواجاً وقبولاً عند المواطنين أيضاً، الذين صاروا يفضلون الشراء من المحال التي تقوم بالحملات هذه، وهو ما أنعش جزئياً الحركة التجارية التي تعاني ركوداً غير مسبوق.
اقرأ أيضا: بروفايل شباب الانتفاضة يُحيّر الاحتلال
أما حال الأسواق الذي دفع التُجار إلى البحث عن طرق وأساليب جديدة في الترويج لبضائعهم المكدسة، فجذب المواطن حسام صُبح الذي أبدى إعجابه بالفكرة قائلاً: "تشجعني الطرق الجديدة في عرض البضائع، يجذبني هذا النوع من الترويج".
ويتابع في حديثه مع "العربي الجديد": "أصابتني قشعريرة عندما رأيت مجسمات الملابس وهي تلبس رداء الانتفاضة، خاصة عندما تزامن ذلك مع متابعتنا للأحداث الجارية في الضفة الغربية والقدس المحتلة، فدخلت إلى المتجر واشتريت بعض الملابس الشتوية".
بينما يقول صديقه فتحي شملخ: "عندما دخلت أنا وصديقي إلى المتجر، كنا ندرك أن البضائع لا تختلف كثيراً عن بضائع باقي المتاجر، لكن الطريقة الجديدة في الترويج شدتنا، خاصة وأنها حاكت الواقع الذي يعيشه أهلنا في كل المُدن الفلسطينية".
ويواصل حديثه لـ "العربي الجديد": بساطة الفكرة إن دلت على شيء، فإنما تدل على أنه بإمكان كل شخص منا دعم صمود أهالي الضفة بطريقته الخاصة، مضيفاً: "كنت سأمضي أنا وصديقي إلى أي محل آخر، لولا أننا وجدنا هنا، طريقة جديدة في جذب الزبائن".
في الأثناء، يشير أستاذ علم الاقتصاد في جامعة الأزهر بغزة، معين رجب، إلى أنّ مثل هذه الخطوات يراد من خلالها إيصال رسالة للمجتمع أن أصحاب المحال التجارية والباعة هم جزء لا يتجزأ من المجتمع الفلسطيني، إضافة إلى كونها وسيلة للتعبير عن الموقف الوطني.
ويقول رجب لـ"العربي الجديد": "يمكن لهذا الجانب المعنوي أنّ يحقق نتائج اقتصادية وفائدة لتلك المتاجر، على اعتبار أنهم شريحة موجودة ومتفاعلة"، موضحاً أنّ مثل هذه الأساليب محبذة للزبائن الذين تشدهم الطرق غير التقليدية في العرض.
ويضيف المحلل الاقتصادي: "أمر طبيعي أن يكون هناك تواصل بين طرفي العملية التجارية، وفقاً لمقتضيات الأوضاع التي تمر بها المدينة، ويعتبر استغلال الأحداث والمستجدات في الترويج للبضائع حنكة تجارية، تحقق المصالح عبر أساليب متنوعة".
ويلفت رجب إلى أنّ "كل شخص من المجتمع يكمل الآخر، حتى يصبح النسيج الاجتماعي متكامل ومتوازن، وهذا ما قصده بعض التجار من خلال التعبير المبسط لآرائهم في الهبة الجماهيرية، وإسنادهم للمقاومين الفلسطينيين، لتصبح الفكرة فيما بعد أعمق من مجرد تعاطف معنوي".
وبينما يواصل الاحتلال الإسرائيلي تضييق الخناق على الاقتصاد الفلسطيني، فإن موقع معاريف ذكر في 16 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أن انتفاضة القدس من شأنها أن تكبد الاقتصاد الإسرائيلي نحو 10.5 مليارات شيقل (2.69 مليار دولار)، وذلك وسط التباطؤ الاقتصادي الذي تشهده إسرائيل على خلفية الوضع الأمني.
وتشير التقديرات الإسرائيلية الأولية إلى أن الركود الاقتصادي سيتفاقم بفعل الانتفاضة، حيث ستكون الضربة الأشد تلك التي سيتلقاها قطاع السياحة الإسرائيلية، والتجارة والاستثمارات الأجنبية الحساسة جداً للحالات الأمنية.
اقرأ أيضا: الحصار يُقطّع خيوط غزل "السجاد" في غزة