انتصار الأمل على الخوف

12 مايو 2016
يُحسب للبريطانيين أنهم انتصروا لقيم المساواة والعدالة الاجتماعية(جاك تايلور/Getty)
+ الخط -
عند التأمل في مختلف الجوانب التي أحاطت بالانتخابات المحلية البريطانية، ولا سيما عند التدقيق في مجريات عملية انتخاب عمدة جديد للعاصمة لندن، يُمكن للمراقب الوقوف على حقائق عدة، تتعلق بالممارسة الديمقراطية، في بلد عريق مثل بريطانيا، تقابلها ممارسات عدة شابت هذه الديمقراطية. في البداية لا بد من الإشادة بعدالة الديمقراطية، التي تقوم على تكافؤ الفرص بين الناخبين والمرشحين من دون تمييز، حيث نافس المسلم الباكستاني، ابن سائق الحافلة، صادق خان، المليونير اليهودي زاك غولدسميث، من دون شعور الأول بأي خوف أو نقص، ومن دون منح الثاني أي "أفضلية" أو "تفوّق" على أساس عرقي أو طبقي، وكانت النتيجة الديمقراطية فوز الأول، واعتراف الثاني بالهزيمة.
وإن كانت اللعبة الديمقراطية، تتيح للأطراف المتنافسة استخدام كل أشكال الترويج للمرشح المُفضّل، و"الطعن" في المرشح المُنافس، مع ضوابط قد تبدو مطاطة إلى حد ما، إلا أن قواعد اللعبة الديمقراطية، هي ذاتها التي دفعت برئيس الوزراء ديفيد كاميرون، ووزير الدفاع مايكل فالون للاعتذار لمواطن بريطاني، تم زج اسمه في الحملات الانتخابية، بالزعم أنه يساند "داعش"، ويدعم خان. في اعتذار كاميرون وفالون، للإمام البريطاني سليمان غني، علامة مضيئة لصالح قوانين اللعبة السياسية، وقواعد الممارسة الديمقراطية.
وإن كان من نقيصة شابت الممارسة الديمقراطية في الانتخابات البريطانية الأخيرة، فهي ميل جماعات الضغط اليمينية إلى إشهار "أسلحة" مُحرّمة اجتماعياً، وغير مقبولة أخلاقياً، من قبيل فزّاعات "معاداة السامية" و"الإسلاموفوبيا"، لترهيب الناخبين والمرشحين، ودفعهم إلى مواقع الدفاع عن النفس، أو "اغتيالهم" سياسياً بتشويه السمعة وتلطيخ الصورة. وقد كشفت هذه الممارسات أن الحياة العامة، حتى في أعرق الديمقراطيات البشرية، لم تبلغ بعد سن الرشد الإنساني، أو حتى سن الفطام عن أساليب الترهيب والابتزاز الخشنة، المناقضة لـ"حساسية" صناديق الاقتراع. ويُحسب للإرادة الشعبية لجموع الناخبين البريطانيين، أنهم انتصروا لقيم المساواة والعدالة الاجتماعية، ولم يخضعوا لقوى الترهيب والضغط، واختاروا "ابن سائق الحافلة" لقيادة لندن، في تعبير جلي عن "انتصار الأمل على الخوف"، كما قال خان في خطاب الفوز.
المساهمون