لم يخفِ رئيس الوزراء الفرنسي الجديد امانويل فالس طموحاته السياسية يوماً، فعمدة ضاحية ايفري السابق، ووزير الداخلية السابق، البالغ من العمر 51 عاماً، اختار أن يغرد خارج سرب الحزب الاشتراكي منذ انتسابه إليه قبل سنوات. ففي ٢٩ يونيو/حزيران ٢٠٠٩، أعلن النائب الاشتراكي أمام مجموعة من أصدقائه في "مسرح ميشال" في باريس، ترشحه للانتخابات الرئاسية من دون أي حرج. ورأى فالس في حينها أن مسألة وصوله إلى الرئاسة من باب رئاسة البلدية، شأنه شأن رؤساء فرنسيين آخرين، أمر محتمل.
وتلقى عدد من كوادر الحزب هذا النبأ باستهزاء مع ابتسامة عريضة. إلا أن هذا المشهد بدأ يأخذ طابعه الجدي يوم وصول فالس إلى سدة رئاسة الحكومة.
فمنذ خمس سنوات، لم يكن فالس معروفاً. هذا "البارون" المحلي، المتحدر من جذور إسبانية، كان دوماً يعاني داخل الحزب الاشتراكي بسبب مواقفه التي كانت تختلف مع الخط العام للحزب. ومن بين المواقف التي اتخذها فالس في السنوات الأخيرة، تصويته ضد قانون "البرقع". ولأن فالس مقتنع بأن مسائل الأمن والهجرة تشكل مفاتيح أساسية لإعادة صدقية الاشتراكيين لدى الجمهور، فقد سعى من خلال تجربته كعمدة في ضاحية ايفري، في السنوات الماضية، إلى تعزيز معرفته بالضواحي وبنبض الشارع، ليدرك انه ينبغي وضع مخاوف الشعب وإرضاء الأجهزة الرسمية في سلة واحدة.
مواقف فالس من الهجرة متشددة لدرجة تداني العنصرية، سواء بالنسبة إلى الضواحي أو قضية "الروم" (الغجر الرومانيون)، إذ يتحمّل مسؤولية ترحيل العديد من هذه العائلات. وتمثّل هذه القرارات سيفاً ذا حدّين لفالس؛ فهي من جهة تكسبه شعبية لدى الفرنسيين، وفي الوقت نفسه هي مصدر إدانة له وانتقادات ضده من قبل البعض الآخر.
كذلك الأمر بالنسبة إلى مواقفه من فلسطين، ذلك أن الانطباع السائد هو التأييد المطلق وغير المشروط لإسرائيل، وهو صاحب القول الشهير بأن "المسؤولين الفرنسيين ليسوا مع إسرائيل بما فيه الكفاية، بمن فيهم الرئيس السابق نيكولا ساركوزي" المعروف بتأييده الكبير لدولة الاحتلال.
تصريحات لطالما أثارت موجة من الغضب والانتقادات في صفوف الجاليات العربية، زاد من حدتها قرار فالس قبل أسابيع منع الممثل الساخر ديو دونييه من عرض مسرحيته التي أثارت ضجة كبيرة أيضاً بسبب انتقاداته لإسرائيل. وربما أكثر ما يزعج رئيس الحكومة الجديدة، أن كثيرين يشبّهونه بساركوزي لنواحي الأداء والسيرة السياسية.