في غابة المضاربة بسوق الصرف الأجنبي خلال العام 2014، كسب المراهنون على الدولار، وكانوا أكبر الرابحين، فيما خسر المضاربون على الين الياباني وتكبدوا أكبر الخاسر. وهذا على أساس أن الروبل الذي أنهار في الإسبوع الثالث من الشهر الجاري واليوان الصيني، لا يحسبان ضمن العملات الرئيسية في سوق الصرف العالمي. فالدولار كان "الحصان الأسود" في الرهانات التي عادة ما تخلق مليارديرات وتفلس آخرين، كما حدث بالنسية للمضارب جورج سورس والمغربي مصطفى بلخياط.
وحسب إحصائيات سوق الصرف الأجنبي، فإن الدولار ارتفع في المتوسط بنسبة 12% مقابل الين الياباني و11% مقابل اليورو و5.6% مقابل الجنيه الإسترليني و2.4% مقابل الروبية الهندية.
وتشير التوقعات إلى أن الدولار الأميركي سيواصل قوته في العام المقبل مستفيداً من ضعف أسعار النفط وقوة الاقتصاد الأميركي وحاجة أثرياء العملات إلى شراء الموجودات الأميركية، سواء الاستثمار في أدوات الاستثمار الثابتة، مثل سندات الخزينة الأميركية والأوراق المالية قصيرة المدى، أو الأسهم الأميركية.
وشهد مزاد السندات الأخير على سندات الخزينة الأميركية طلباً كبيراً من المستثمرين خارج الولايات المتحدة. وهذا يمنح دليلاً على أن الطلب على الموجودات المقيّمة بالدولار سيرتفع بمعدلات كبيرة خلال العام المقبل وسط احتمالات رفع مصرف الاحتياط الفيدرالي " المركزي الأميركي" لسعر الفائدة ومعدل التضخم المنخفض في أميركا. والطلب الأجنبي الكبير على الموجودات الدولارية يعدّ من أهم المؤشرات التي يبني عليها المضاربون رهاناتهم على الدولار.
أشهر الرابحين
يعدّ الملياردير الأميركي جورج سورس من أشهر المضاربين في سوق الصرف الأجنبي العالمي الذي تقدّر قيمته بأكثر من 3 تريليونات دولار، واشتهر سورس بأنه الرجل الذي هزم " بنك إنجلترا" المركزي، حينما أجبر بريطانيا على الخروج من العملة الأوروبية الموحدة في العام 1992، فيما عرف وقتها بـ"يوم الأربعاء الأسود".
في هذا اليوم ضارب سورس على الجنيه الإسترليني بحوالى 10 مليارات دولار، مستفيداً في ذلك من تردد بنك إنجلترا في رفع الفائدة للحفاظ على هامش التذبذب الضيق صعوداً وهبوطاً حول العملة الأوروبية الموحدة، "اليورو"، أو تعويم الجنيه الإسترليني.
وبالتالي كسب سورس حوالى مليار دولار، ولم تتوقف مضاربات سورس على الجنيه الإسترليني، بل أمتدت إلى آسيا، وكان المضارب الرئيسي على العملة الماليزية وعملات ما يسمى بدول اقتصاديات النمور في أزمة المال التي ضربت جنوب شرق آسيا في العام 1997. على كلٍ، فقد جمع سورس من المضاربة على العملات ثروة طائلة.
جون ميرفي
أما المضارب الشهير الثاني فهو جون ميرفي الذي يعد ثاني أثرى وسيط مالي في العالم، حيث كسب الميدالية الذهبية لسوق المال في العام 2010، حينما تمكن من تحقيق مكاسب بلغت 1.2 مليون دولار من المتاجرة بعشرة آلاف دولار في فترة أحد عشر شهراً. وكان ميرفي يعمل محللاً مالياً لمدة سبع سنوات قبل أن يتحول للمتاجرة في سوق الصرف الأجنبي ويجمع
ثروة كبيرة منه في فترة وجيزة.
المضاربون العرب
وعلى الصعيد العربي، يعد المغربي الاصل مصطفى بلخياط من أشهر الرابحين من المضاربة على العملات في سوق الصرف الأجنبي، حيث حقق ثروة طائلة من هذه المضاربة.
تحول بلخياط من عازف بقيثارته في شوارع باريس وفي قطاراتها ليجمع أكثر من مليار دولار، وهو يملك حالياً أول بنك للذهب في العالم بسويسرا، وهو بنك "مانسا موسى"، ويدير
حالياً أكثر من ثلاثة آلاف حقيبة، ويعتبر أول عربي وافريقي يفوز ببطولة العالم لمضاعفة رأس المال.
وفاز بلخياط بجائزة أفضل مضارب في العالم سنة 1999 وبعدها حقق ثروة كبيرة من سوق الصرف الأجنبي، "فوركس"، وهو حالياً يدير شركة استثمار بجنيف ويعيش في مراكش.
ولكن في مقابل هؤلاء الرابحين، هنالك كثيرين خسروا كامل ثرواتهم في المضاربة على العملات، كما أن هنالك مصرفيين مشهورين أفلسوا بنوكهم في المضاربة على العملات في سوق الصرف الأجنبي وانتهوا إلى غياهب السجون. من بين هؤلاء، المصرفي البريطاني المشهور نيك ليسن الذي أفلس ببنك "بيرنغز" الاستثماري في مضاربات بسنغافورة.
فارق الفائدة والمضاربة
كلمة "فوركس"، عبارة عن إختصار لكلمتين إنجليزيتين، وهما "فورن وإكسجينج"، وتعني الصرف الأجنبي. ويستفيد المضاربون في سوق الصرف الأجنبي من الفارق بين الفائدة على العملات التي تحددها المصارف المركزية. فحينما تكون الفائدة على عملة ما منخفضة، فإن تجار سوق الصرف يستفيدون منها لتحقيق أرباح في البلدان التي تكون فيها الفائدة المصرفية مرتفعة. ويطلق على مثل هذه العملة "كيري تريد"، أو العملة الحاملة للثقل التجاري في سوق الصرف الأجنبي.
ومنذ أزمة المال العالمية ظل الدولار هو الحامل للثقل التجاري في سوق الصرف الأجنبي. ويجب عدم الخلط بين الثقل التجاري للعملة في سوق الصرف الأجنبي والثقل في تسوية الصفقات التجارية عالمياً والتي يسيطر عليها الدولار بشكل دائم، لأنه الوسيط الأفضل في تسوية الصفقات العالمية.
ويلاحظ أن مصرف الاحتياط الفيدرالي، "المصرف المركزي الأميركي"، خفض الفائدة على الدولار إلى قرابة الصفر في أعقاب أزمة المال العالمية في العام 2008، في وقت كانت فيه الفائدة مرتفعة في عدد من بلدان آسيا وأميركا الجنوبية، وتمكنت المصارف الأميركية من تحقيق أرباح ضخمة من المتاجرة بالدولار في آسيا وأميركا الجنوبية.
ويعد سوق الصرف الأجنبي أكثر ثباتاً من أسواق الأسهم والسندات التي تشهد تغييرات وتقلبات
سريعة ربما تقود إلى إنهيارات، مثلما حدث في أسواق الأسهم العالمية خلال الأسبوع الأول من الشهر الجاري. ويعد الدولار واليورو والين الياباني والجنيه الإسترليني والفرنك السويسري من أهم العملات في سوق الصرف الأجنبي، حيث إنها تسيطر على حصة 90% من التعاملات.
أسواق الصرف الرئيسية
يجمع سوق الصرف الأجنبي، "فوركس"، أربع أسواق إقليمية: وهي السوق الاسترالية والآسيوية والأوروبية والأميركية. وتستمر عمليات المتاجرة فيه كل أيام العمل، ويغلق السوق يومي السبت والأحد، ويعمل السوق على مدار الساعة، أي 24 ساعة في اليوم، ويلاحظ أن السوق تعيش فترة هدوء نسبي من الساعة 20:00 وحتى 01:00 بتوقيت غرينتش.
ويُعزى هذا الهدوء إلى إغلاق بورصة نيويورك في الثامنة مساءً وبدء بورصة طوكيو العمل في الواحدة صباحاً.