يبدو أن اليمين القومي المتشدد في الدنمارك لم يعد يخفي عدم رضاه عن "مهنية" القناة الرسمية لبلده. فيتّهمها والصحافيين العاملين فيها بأنهم "مجموعة يسارية مسيطرة على مؤسسة البث الوطنية في هيئة الإذاعة الدنماركية DR"، ليذهب نحو مطالب جديدة ــ قديمة بتخفيض الموازنة الخاصة بالبث الإذاعي والتلفزيوني، وتسريح عدد كبير من العاملين والمراسلين.
لا ترتبط مطالب "حزب الشعب" اليميني بضائقة مالية يعانيها اقتصاد البلد. فقد عبر هذا الحزب في أكثر من مناسبة عن انزعاجه من طريقة تناول القناة للأخبار، سواء ما يتعلق منها بالتطورات الداخلية أو الخارجية، وكثيراً ما طاولت مراسليه اتهامات بـ"تمرير مواقفهم اليسارية في تحرير المواد وطريقة عرضها".
وخلال ديسمبر/كانون الأول الحالي استطاع اليمين إلغاء بث برنامج يومي ترفيهي طيلة الشهر ويحظى بشعبية كبيرة بين المستمعين يسمى "أجندة عيد الميلاد". يستخدم اليمين حجة "اليسار يهيمن" لممارسة الضغوط. فيما يرى صحافيون دنماركيون أن السبب الرئيسي لوقف "أجندة الميلاد" لهذا العام هو مشاركة برلمانيين يساريين ينتقدون سياسات اليمين المتشدد وسياسات الغرب حول العالم، مثل السياسية يوهنا شميت نيلسن المعروفة بمعارضة سياسات أميركا والاتحاد الأوروبي.
ويتعرض التلفزيون الدنماركي لانتقادات لاذعة بسبب برامجه وتغطيته لقضايا العالم والمنطقة العربية، خصوصاً الاحتلال الإسرائيلي وقضية القدس حديثاً. ومنذ الانتفاضة الثانية عام 2000 وقعت القناة تحت ضغط اللوبيات بحجة "أحادية الموقف بمساندة الفلسطينيين".
منذ أشهر واليمين يمارس ضغطه حول ميزانية البث، ما أدى بالفعل إلى فصل عدد كبير من الموظفين. وألغيت على مدى السنوات الماضية برامج إخبارية عدة كانت تبث بلغة الأقليات الإثنية (ومن بينها العربية). هكذا نجم عن محاولات "مقايضة" اليمين التصويت لموازنة 2018، دخول هذا اليمين في "ابتزاز يسمح بمزيد من تقليص موازنة التلفزيون"، بحسب منتقدي التقليص.
وحذر المدير العام للقناة، ميكال كريستيانسن، من الاستجابة للمقترحات التي وصفها بأنها ستشكل "حالة أقرب إلى الترامبية (نسبة إلى الرئيس الأميركي وعلاقته بوسائل الإعلام) ما يتعارض تماما والتصور الإسكندنافي للخدمة العامة للبث". ويذهب كريستيانسن إلى اعتبار في السابق التقليصات "أثرت بالفعل على عدد من البرامج الاخبارية والإنتاج الثقافي".
ويعتبر الصحافيون الدنماركيون، بمختلف مشاربهم، أن "هذا التدخل في هيئة البث هو الأكبر والأكثر سلبية في تاريخ الإعلام الإسكندنافي على مدى عقود". بعد سنوات من التقليصات المتتالية وصل الأمر بحزب الشعب المتشدد إلى طلب تخفيض موازنة التلفزيون الرسمي بنسبة الربع (25 في المائة).
أكثر البرامج المتأثرة بالتقليص المقترح هي البرامج الثقافية والسياسية، والتي يبرر اليمين نزع حق التلفزيون بإنتاجها كبرامج خاصة به بأنها "ما دامت برامج ينتجها الإعلام الخاص، فلا داعي لأن ينتجها التلفزيون الرسمي"، بحسب موقف حزب الشعب الدنماركي في البرلمان.
وفي محاولة لتأليب الرأي العام على القناة الرسمية ذهبت الصحف القريبة من هذا الحزب (مثل اكسترا بلاديت وبي تي) إلى التحريض على كبار مراسلي القناة في منطقة الشرق الأوسط والولايات المتحدة والصين، بسبب رواتبهم المرتفعة وتكاليف تنقلهم وأسرهم وأثاث منازلهم. يأتي ذلك رغم أن رواتب الصحافيين والمراسلين ليست من الأسرار التي حاولت تلك الصحف أن تثير الجدل حولها.
ويبدو الضغط الذي يمارسه المتشددون يثمر مع اقتراب أحزاب يمين الوسط الحاكم من قبول تقليص موازنة 2018. إذ يذهب الحزب الليبرالي الحاكم في ائتلاف تحالف يمين الوسط لاسترضاء المتشددين بعرض تقليص بنسبة 12،5 في المائة بدلا من 25 في المائة للسنة الضريبية الجديدة 2018. وسعى الحزب اليميني إلى إلغاء دفع المواطنين لرخصة الاستقبال السنوية، والتي تعتبر دخلا مهما للبث التلفزيوني، فيما الحكومة تعد عوض الالغاء للقيمة المالية بتعويض عبر استقطاعات ضريبية.
نائب رئيس حزب الشعب، سورن اسبرسن، اعتبر أول من أمس الجمعة بأن التقليص يعتبر قضية رئيسية " لمواجهة البروباغندا اليسارية في هيئة البث". وبالرغم منذ لك نقلت ذات القناة قول اسبرسن "ليس موقفنا من التلفزيون الدنماركي أيديولوجيا، وهو مؤسسة حكومية، فيما لم تظهر المؤسسة (التلفزيون) يوما اعتدالا كما تفعل غيرها من مؤسساتنا الوطنية".
ويقرأ بعض الباحثين والمراقبين للمشهد الإعلامي الإسكندنافي أن "اليمين المتشدد يريد بالفعل أن يروض وسائل الإعلام، باتهامها بالتطرف واليسارية، تماما بمواقف نقدية تشبه مواقف (الرئيس الأميركي) دونالد ترامب منها". ويعبر صحافيون على مواقعهم الرسمية عن الغضب من تمرير يمين الوسط لمطالب اليمين المتشدد. فيما عبر الصحافي ستي ماثياسن في تصريح لـ"العربي الجديد" عن "الأسف من قدرة حزب الشعب على تمرير ما أصر عليه منذ أن أعلن رئيسه كريستيان دال عن رغبته بتقليص موازنة التلفزيون كجزء من تسوية الموازنة العامة والتفاوض بشأنها".
اقــرأ أيضاً
لا ترتبط مطالب "حزب الشعب" اليميني بضائقة مالية يعانيها اقتصاد البلد. فقد عبر هذا الحزب في أكثر من مناسبة عن انزعاجه من طريقة تناول القناة للأخبار، سواء ما يتعلق منها بالتطورات الداخلية أو الخارجية، وكثيراً ما طاولت مراسليه اتهامات بـ"تمرير مواقفهم اليسارية في تحرير المواد وطريقة عرضها".
وخلال ديسمبر/كانون الأول الحالي استطاع اليمين إلغاء بث برنامج يومي ترفيهي طيلة الشهر ويحظى بشعبية كبيرة بين المستمعين يسمى "أجندة عيد الميلاد". يستخدم اليمين حجة "اليسار يهيمن" لممارسة الضغوط. فيما يرى صحافيون دنماركيون أن السبب الرئيسي لوقف "أجندة الميلاد" لهذا العام هو مشاركة برلمانيين يساريين ينتقدون سياسات اليمين المتشدد وسياسات الغرب حول العالم، مثل السياسية يوهنا شميت نيلسن المعروفة بمعارضة سياسات أميركا والاتحاد الأوروبي.
ويتعرض التلفزيون الدنماركي لانتقادات لاذعة بسبب برامجه وتغطيته لقضايا العالم والمنطقة العربية، خصوصاً الاحتلال الإسرائيلي وقضية القدس حديثاً. ومنذ الانتفاضة الثانية عام 2000 وقعت القناة تحت ضغط اللوبيات بحجة "أحادية الموقف بمساندة الفلسطينيين".
منذ أشهر واليمين يمارس ضغطه حول ميزانية البث، ما أدى بالفعل إلى فصل عدد كبير من الموظفين. وألغيت على مدى السنوات الماضية برامج إخبارية عدة كانت تبث بلغة الأقليات الإثنية (ومن بينها العربية). هكذا نجم عن محاولات "مقايضة" اليمين التصويت لموازنة 2018، دخول هذا اليمين في "ابتزاز يسمح بمزيد من تقليص موازنة التلفزيون"، بحسب منتقدي التقليص.
وحذر المدير العام للقناة، ميكال كريستيانسن، من الاستجابة للمقترحات التي وصفها بأنها ستشكل "حالة أقرب إلى الترامبية (نسبة إلى الرئيس الأميركي وعلاقته بوسائل الإعلام) ما يتعارض تماما والتصور الإسكندنافي للخدمة العامة للبث". ويذهب كريستيانسن إلى اعتبار في السابق التقليصات "أثرت بالفعل على عدد من البرامج الاخبارية والإنتاج الثقافي".
ويعتبر الصحافيون الدنماركيون، بمختلف مشاربهم، أن "هذا التدخل في هيئة البث هو الأكبر والأكثر سلبية في تاريخ الإعلام الإسكندنافي على مدى عقود". بعد سنوات من التقليصات المتتالية وصل الأمر بحزب الشعب المتشدد إلى طلب تخفيض موازنة التلفزيون الرسمي بنسبة الربع (25 في المائة).
أكثر البرامج المتأثرة بالتقليص المقترح هي البرامج الثقافية والسياسية، والتي يبرر اليمين نزع حق التلفزيون بإنتاجها كبرامج خاصة به بأنها "ما دامت برامج ينتجها الإعلام الخاص، فلا داعي لأن ينتجها التلفزيون الرسمي"، بحسب موقف حزب الشعب الدنماركي في البرلمان.
وفي محاولة لتأليب الرأي العام على القناة الرسمية ذهبت الصحف القريبة من هذا الحزب (مثل اكسترا بلاديت وبي تي) إلى التحريض على كبار مراسلي القناة في منطقة الشرق الأوسط والولايات المتحدة والصين، بسبب رواتبهم المرتفعة وتكاليف تنقلهم وأسرهم وأثاث منازلهم. يأتي ذلك رغم أن رواتب الصحافيين والمراسلين ليست من الأسرار التي حاولت تلك الصحف أن تثير الجدل حولها.
ويبدو الضغط الذي يمارسه المتشددون يثمر مع اقتراب أحزاب يمين الوسط الحاكم من قبول تقليص موازنة 2018. إذ يذهب الحزب الليبرالي الحاكم في ائتلاف تحالف يمين الوسط لاسترضاء المتشددين بعرض تقليص بنسبة 12،5 في المائة بدلا من 25 في المائة للسنة الضريبية الجديدة 2018. وسعى الحزب اليميني إلى إلغاء دفع المواطنين لرخصة الاستقبال السنوية، والتي تعتبر دخلا مهما للبث التلفزيوني، فيما الحكومة تعد عوض الالغاء للقيمة المالية بتعويض عبر استقطاعات ضريبية.
نائب رئيس حزب الشعب، سورن اسبرسن، اعتبر أول من أمس الجمعة بأن التقليص يعتبر قضية رئيسية " لمواجهة البروباغندا اليسارية في هيئة البث". وبالرغم منذ لك نقلت ذات القناة قول اسبرسن "ليس موقفنا من التلفزيون الدنماركي أيديولوجيا، وهو مؤسسة حكومية، فيما لم تظهر المؤسسة (التلفزيون) يوما اعتدالا كما تفعل غيرها من مؤسساتنا الوطنية".
ويقرأ بعض الباحثين والمراقبين للمشهد الإعلامي الإسكندنافي أن "اليمين المتشدد يريد بالفعل أن يروض وسائل الإعلام، باتهامها بالتطرف واليسارية، تماما بمواقف نقدية تشبه مواقف (الرئيس الأميركي) دونالد ترامب منها". ويعبر صحافيون على مواقعهم الرسمية عن الغضب من تمرير يمين الوسط لمطالب اليمين المتشدد. فيما عبر الصحافي ستي ماثياسن في تصريح لـ"العربي الجديد" عن "الأسف من قدرة حزب الشعب على تمرير ما أصر عليه منذ أن أعلن رئيسه كريستيان دال عن رغبته بتقليص موازنة التلفزيون كجزء من تسوية الموازنة العامة والتفاوض بشأنها".