21 مايو 2019
اليمن والخليج و"الإصلاح"
عبد الواسع الفاتكي (اليمن)
لم نرتكب، نحن اليمنيون ذنبا، في حق جيراننا الخليجيين، حين ثرنا على الرئيس السابق علي عبدالله صالح. أردنا استرداد وطن عاث فيه صالح ونظامه فسادا، وأردنا استرداد حقوق شعب سلبت كرامته وحريته، ثار ضد طاغية، فما الضرر الذي سيلحق بجيراننا الخليجيين؟ هل يغيظهم أن ينتشر العدل في جوارهم، وأن يستقر شعب يمثل الحديقة الخلفية لهم، وأن يحيا مكرما كبقية شعوب العالم؟ هل صالح ونظامه مهم إلى هذه الدرجة عند إخواننا الخليجيين، بحيث تتم معاقبة شعب بأكمله، لأنه تجرأ ووقف ضد مستبد، وقال له: ارحل بحياتك وبكل أموالك، ودعنا نستشرف المستقبل بلا زعيم، وبلا ابن اليمن البار، وبلا فارس العرب؟. ألم يكن قبول اليمنيين بنصف ثورة، وغض الطرف عن حصانةٍ منحها الخليجيون لديكتاتور في مبادرتهم، واحتفاظه بجهازه العسكري والأمني ومشاركته بنصف الحكومة، ألم يكن هذا كافيا لإخواننا الخليجيين بأن يقتنعوا أن ثورة 11 فبراير 2011 تحت السيطرة، وانحرف مسارها من ثورةٍ تجب ما قبلها إلى أزمة سياسية لتقاسم سلطة وثروة، ولاستراحة محارب أخذ فيها الرئيس السابق صالح نفسه، ليعود منتقما من شعبٍ امتص خيراته، وصادر أحلام أجياله ثلث قرن.
يا إخواننا في الخليج: ماذا لو كان الشعب اليمني لم يقم بثورة وظل يهتف باسم صالح ويجدد له تاريخ الصلاحية؟ هل كنتم ستجبرونه على تحقيق الازدهار والأمن والتنمية، وإقامة حكم رشيد، أم أنه لا يعنيكم سوى بقائه حاكما لا غير؟ أيها الخليجيون: مد علي عبدالله صالح يده للحركة الحوثية، وكان الأمر بالنسبة إليكم شأنا يمنيا داخليا، وعندما أوشك الشعب اليمني أن ينقضّ عليه، سارعتم لإنقاذه وأعدتم فيه وفي نظامه الحياة، بمبادرة على الرغم من علم اليمنيين أنها كانت مفخخة، وفتحت الباب للرئيس السابق صالح، ليرتب أوراقه، ويقتص من القوى التي ساندت ثورة 11 فبراير، إلا أنهم تعاملوا معها، وأرادوا أن يرسلوا لكم رسالة: نحن لسنا أعداءكم، فقط خلوا بيننا وبين صالح.
نفذ الرئيس السابق مهمته في الانقضاض على ثورة 11 فبراير، وحاملها السياسي والعسكري والاجتماعي، بقفازات حوثية، وبمباركة خليجية وتواطؤ أممي، حتى أكمل مهمته وسقطت العاصمة وكل مؤسسات الدولة. عندئذ انكشفت الأقنعة وأزيلت المساحيق، وتبدّى للخليجيين أن الفخ الذي صنعوه، والشرك الذي حبكوه لإطفاء ما بقي من جذوة فبراير ارتدّ عليهم. لقد سلمت صنعاء، برعاية خليجية، لطهران (!).
أصبح كل يمني ثائر حر، يناضل من أجل بناء دولة مدنية عادلة، بين مطرقة تحالف الحوثي صالح وسندان الخليجيين، هو في نظر بعضهم مرتزق العدوان وعميله، وفي نظر الخليجيين إصلاحيا أو إخوانيا. سقطت صنعاء والغرض إسقاط حزب الإصلاح، ولم يسقط بل سقط اليمن في يد حلفاء طهران. حرّرت المحافظات الجنوبية وسلمت للحراك الانفصالي الذي دشن إسقاط "الإصلاح" والنتيجة هي النتيجة نفسها. لن يسقط الإصلاح، سيسقط جنوب اليمن بيد حلفاء طهران.
مشكلة بعض دول الخليج معنا ليست في وجود "الإصلاح"، وإنما فيما يحمله هذا الحزب من توجهات ورؤي وطنية، تقف على النقيض من أهداف هذه الدول وتوجهاتها في اليمن. أيها الخليجيون: نحن مستعدون لأن نقذف حزب الإصلاح إلى أعماق البحار، شريطة أن تعطونا حزبا مثيله، يمثل حائط صد للمشروع الإمامي في الشمال والانفصالي في الجنوب، فهل أنتم فاعلون؟ بإمكانكم إحراق "الإصلاح" في الشارع اليمني، وتحطيم وجوده الاجتماعي والسياسي، فقط ادعموا حزبا سياسيا غيره ونحن معه، وادفعوا به، وأنتم خلفه، بثقلكم الاقتصادي والسياسي، ليتولى بناء دولة مؤسسات ديمقراطية يحكمها القانون والدستور، ولأنكم لم ولن تجدوا حزبا يقوم بتلكم المهمة بدون الإصلاح، وليس في مقدوركم استئصاله، ليس أمامكم إلا الورقة الأمنية. ولقد استخدمتوها في صنعاء عندما اقتحمها الحوثيون، وها أنتم توعزون للانفصاليين؛ لاستخدامها لجرّ "الإصلاح" إلى مربع العنف، وليسهل القضاء عليه بشماعة الإرهاب والتطرّف. لقد فهم هذا الحزب اللعبة، ولن يمنحكم إياها، واستمرار تعاملكم مع الشعب اليمني وقواه الحية بهذا المنطق، وبهذا العبث وبتلك الفوضى، لن تزيده إلا صلابة وعزيمة وإرادة فولاذية صوب الالتفاف حول كل القوى الوطنية الذائدة عن تطلعاته، ومثلما يقاوم الشعب اليمني أهداف مشروع الحوافيش السلالي الطائفي، سيقاوم أهداف التدخل الخليجي في اليمن اللامسؤولة، والمنافية لاستقرار البلاد، والمتلاعبة بمصير اليمنيين، لا لشيء سوى لهوس تخوفات سياسية، سكنت رؤوس بعض الخليجيين ليس إلا.
يا إخواننا في الخليج: ماذا لو كان الشعب اليمني لم يقم بثورة وظل يهتف باسم صالح ويجدد له تاريخ الصلاحية؟ هل كنتم ستجبرونه على تحقيق الازدهار والأمن والتنمية، وإقامة حكم رشيد، أم أنه لا يعنيكم سوى بقائه حاكما لا غير؟ أيها الخليجيون: مد علي عبدالله صالح يده للحركة الحوثية، وكان الأمر بالنسبة إليكم شأنا يمنيا داخليا، وعندما أوشك الشعب اليمني أن ينقضّ عليه، سارعتم لإنقاذه وأعدتم فيه وفي نظامه الحياة، بمبادرة على الرغم من علم اليمنيين أنها كانت مفخخة، وفتحت الباب للرئيس السابق صالح، ليرتب أوراقه، ويقتص من القوى التي ساندت ثورة 11 فبراير، إلا أنهم تعاملوا معها، وأرادوا أن يرسلوا لكم رسالة: نحن لسنا أعداءكم، فقط خلوا بيننا وبين صالح.
نفذ الرئيس السابق مهمته في الانقضاض على ثورة 11 فبراير، وحاملها السياسي والعسكري والاجتماعي، بقفازات حوثية، وبمباركة خليجية وتواطؤ أممي، حتى أكمل مهمته وسقطت العاصمة وكل مؤسسات الدولة. عندئذ انكشفت الأقنعة وأزيلت المساحيق، وتبدّى للخليجيين أن الفخ الذي صنعوه، والشرك الذي حبكوه لإطفاء ما بقي من جذوة فبراير ارتدّ عليهم. لقد سلمت صنعاء، برعاية خليجية، لطهران (!).
أصبح كل يمني ثائر حر، يناضل من أجل بناء دولة مدنية عادلة، بين مطرقة تحالف الحوثي صالح وسندان الخليجيين، هو في نظر بعضهم مرتزق العدوان وعميله، وفي نظر الخليجيين إصلاحيا أو إخوانيا. سقطت صنعاء والغرض إسقاط حزب الإصلاح، ولم يسقط بل سقط اليمن في يد حلفاء طهران. حرّرت المحافظات الجنوبية وسلمت للحراك الانفصالي الذي دشن إسقاط "الإصلاح" والنتيجة هي النتيجة نفسها. لن يسقط الإصلاح، سيسقط جنوب اليمن بيد حلفاء طهران.
مشكلة بعض دول الخليج معنا ليست في وجود "الإصلاح"، وإنما فيما يحمله هذا الحزب من توجهات ورؤي وطنية، تقف على النقيض من أهداف هذه الدول وتوجهاتها في اليمن. أيها الخليجيون: نحن مستعدون لأن نقذف حزب الإصلاح إلى أعماق البحار، شريطة أن تعطونا حزبا مثيله، يمثل حائط صد للمشروع الإمامي في الشمال والانفصالي في الجنوب، فهل أنتم فاعلون؟ بإمكانكم إحراق "الإصلاح" في الشارع اليمني، وتحطيم وجوده الاجتماعي والسياسي، فقط ادعموا حزبا سياسيا غيره ونحن معه، وادفعوا به، وأنتم خلفه، بثقلكم الاقتصادي والسياسي، ليتولى بناء دولة مؤسسات ديمقراطية يحكمها القانون والدستور، ولأنكم لم ولن تجدوا حزبا يقوم بتلكم المهمة بدون الإصلاح، وليس في مقدوركم استئصاله، ليس أمامكم إلا الورقة الأمنية. ولقد استخدمتوها في صنعاء عندما اقتحمها الحوثيون، وها أنتم توعزون للانفصاليين؛ لاستخدامها لجرّ "الإصلاح" إلى مربع العنف، وليسهل القضاء عليه بشماعة الإرهاب والتطرّف. لقد فهم هذا الحزب اللعبة، ولن يمنحكم إياها، واستمرار تعاملكم مع الشعب اليمني وقواه الحية بهذا المنطق، وبهذا العبث وبتلك الفوضى، لن تزيده إلا صلابة وعزيمة وإرادة فولاذية صوب الالتفاف حول كل القوى الوطنية الذائدة عن تطلعاته، ومثلما يقاوم الشعب اليمني أهداف مشروع الحوافيش السلالي الطائفي، سيقاوم أهداف التدخل الخليجي في اليمن اللامسؤولة، والمنافية لاستقرار البلاد، والمتلاعبة بمصير اليمنيين، لا لشيء سوى لهوس تخوفات سياسية، سكنت رؤوس بعض الخليجيين ليس إلا.
مقالات أخرى
06 أكتوبر 2018
20 يونيو 2016
23 مايو 2016