اليمن في ذكرى الثورة: تظاهرات رافضة للحوثيين رغم القمع

11 فبراير 2015
تظاهرة تعز وُصفت بالأكبر منذ العام 2011 (الأناضول)
+ الخط -

حلّت الذكرى الرابعة لثورة 11 فبراير اليمنية التي أطاحت بالرئيس علي عبد الله صالح أمس الأربعاء، وسط سيطرة جماعة الحوثيين على البلاد بعد الانقلاب على مؤسسات الدولة.

وشهدت شوارع اليمن، وخصوصاً العاصمة صنعاء، تظاهرات حاشدة في هذه المناسبة، قابلها انتشار كثيف للمسلحين الحوثيين في صنعاء، حيث سقط العديد من المصابين واعتُقل آخرون على يد الحوثيين، وسط استمرار تحليق المروحيات على علو منخفض منذ الصباح وحتى المساء.

وأغلق مسلحو الحوثي العديد من شوارع صنعاء ونشروا المئات من المجموعات المسلّحة، التي تضمّ مسلحين بزي الشرطة، وآخرين بزي مدني. كما استبقت الجماعة التظاهرات بتحديد أبرز ميادين العاصمة كساحة للتظاهرات المؤيدة لها في مبرر لإغلاقها، وهذه الميادين هي ميدان السبعين وميدان التحرير وساحة التغيير وشارع الستين، حيث تجمع مناصرو الحوثي عصراً بأعداد كبيرة.

وعلى الرغم من الإجراءات الحوثية، انطلقت مسيرة مناهضة للجماعة صباحاً من شارع الزبيري في صنعاء، تقدّمها سياسيون وكتّاب، على رأسهم الأمين العام للتنظيم الوحدوي الشعبي الناصري عبد الله نعمان، الذي انسحب من المفاوضات السياسية مع الحوثيين.

وكان المشاركون في التظاهرات من الناشطين المستقلين ومختلف الأطياف السياسية، وخصوصاً من قواعد أحزاب اللقاء المشترك، وتحديداً الناصري والاشتراكي والإصلاح، وذلك إحياء للذكرى الرابعة للثورة. في حين خرج متظاهرو جماعة الحوثي للاحتفاء بالمناسبة ذاتها، علماً أن الحوثيين واللقاء المشترك كانوا في خندق واحد خلال ثورة 2011، لكنهم صاروا الآن على طرفي نقيض. بينما وقف مناصرو صالح في تظاهرات الأمس على الحياد لكونهم يعتبرون 11 فبراير ذكرى سوداء بالنسبة لهم.

وأقدم الحوثيون على قمع مسيرة صنعاء والاعتداء عليها بالسلاح الأبيض، وأصيب العديد من المشاركين، بينهم عضو مؤتمر الحوار عن الشباب باسم الحكيمي، والصحافي سام أبواصبع، كما تعرض الناشط هشام العلواني للطعن بالسلاح الأبيض. فيما اختُطف العديد من الفاعليات، ومن بينهم ثلاثة من قيادات حزب الإصلاح في أمانة العاصمة، هم فتح القدسي أحد قيادات الإصلاح في الدائرة 14، وعبده الحذيفي، وتم اختطافهما من وسط صنعاء، وكذلك القيادي الإصلاحي حسن العمدي في صنعاء القديمة.

وقال الناشط محمد سعيد الشرعبي، المشارك في التظاهرة لـ "العربي الجديد"، إن "المسيرات المليونية لإحياء ذكرى الثورة تنقل مسيرات الثورة ضد المليشيا من إطار الثورة الشبابية الطلابية إلى مرحلة الثورة الشعبية"، معتبراً أن الاستمرار بـ "التحرك الشعبي بمطالبه الوطنية سيُسقط كل الأقنعة ويبدد حيل شرعنة الانقلاب المسلح".

وأضاف أن المسيرات "بداية منطقية لثورة شعبية يشارك فيها كل أبناء اليمن بمختلف توجّهاتهم السياسية والفكرية للتعبير عن رفضهم التام لسيطرة مليشيا مسلحة على الدولة، وللتأكيد على حق كل مواطن في مواجهة غول المليشيا الحوثية المسلحة".

وتزامناً مع تظاهرة صنعاء، خرجت تظاهرات حاشدة في مدينتي تعز وإب. وقال مشاركون في التظاهرة التي شهدتها تعز لـ "العربي الجديد"، إنها الأكبر منذ العام 2011. وتُعتبر المدينة مهد الثورة على النظام السابق، إذ بدأ فيها أول اعتصام مفتوح، في 11 فبراير/شباط 2011، وهو اليوم الذي حدّده الثوار بعدها ذكرى انطلاق "الثورة".

وتعليقاً على التطورات الميدانية، رأى الكاتب والصحافي مروان الترب أن تظاهرات أمس ستزيد التوتر بين المتحاورين في فندق موفنبيك، وأنها ستنقل التفاوض من خانة الحديث عن ترتيبات نقل السلطة بعد استقالة الرئيس والحكومة إلى التفاوض حول حرية التعبير والتظاهر.

ورأى الترب في تصريح لـ "العربي الجديد"، أن نجاح الحوثيين في تفريق التظاهرات المناوئة لهم في صنعاء قد يغريهم لانتهاج المزيد من القمع ويرفع سقفهم التفاوضي، خصوصاً أنهم استغلوا وسائل الإكراه وإمكانيات الإعلام الرسمي في تصوير التظاهرات الخاصة بهم، بينما قاموا بمضايقة وسائل الإعلام التي حاولت أن تنقل التظاهرات المناوئة.

لكن المحلل السياسي مصطفى راجح، لفت في تصريح لـ "العربي الجديد"، إلى أن كل الوقائع تدل على أن الحركة الحوثية ترسّخ سلطاتها في الواقع ولا معنى لمسار الحوار، وهذا الأمر كان واضحاً من خطاب زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي الأخير، الذي حمّل القوى المسؤولية عن الأزمة. وأضاف راجح: "هذا المشهد الذي حصل من خلال حصر كل ساحات صنعاء وإغلاقها بوجه التظاهرات المعارضة، تجعل الحوثي وكأنه يقول لا صوت يعلو فوق صوت الحركة الحوثية".

من جهته، رأى الكاتب صدام أبو عاصم، لـ "العربي الجديد"، أن "الحشود التي رأيناها في شوارع المدن الرئيسية في أهم المحافظات، هي تأكيد على حيوية هذا الجيل الذي نستطيع أن نُطلق عليه جيل فبراير"، لافتاً إلى أنه "بعد مرور أربع سنوات على الثورة السلمية ضد صالح، وعلى الرغم من الخيبات التي تعرضت لها، إلا أن الثورات تمضي حتى وإن تعارضت مع بعض الطموحات الضيقة".

واعتبر أن "فبراير خلق جيلاً طموحاً لا تحدّه حدود سياسية أو طائفية أو مذهبية أو مناطقية، ولهذا تجد شعارات الدولة اليمنية المفترضة تعانق عنان السماء من شدة صيحات الغاضبين حين وجدوا أن ثورتهم ودولتهم ووحدتهم في خطر".

المساهمون