اليمن: تعقيدات داخلية وتعزّز موقع الحكومة يدفعان الحل

29 أكتوبر 2015
باتت الحكومة تفاوض من موقع قوة (الأناضول)
+ الخط -

لاقت تصريحات وزير الخارجية السعودي عادل الجبير مع نظيره البريطاني فيليب هاموند، عن أن نهاية الحرب في اليمن باتت قريبة، اهتماماً لافتاً، بالتزامن مع تعزز فرص الحل السياسي من خلال العديد من التطورات والمعطيات، في الوقت الذي تتواصل فيه العمليات العسكرية والمواجهات الميدانية، فيما بدا أنه استباق للمفاوضات.

وحقّقت فرص الحل السياسي تقدّماً مهمّاً، وهو الأمر الذي أكده وزير الخارجية السعودي، ويتمثّل هذا التقدّم بالأساس، بموافقة الحوثيين وحزب الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح على تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2216، والذي كانت الحكومة تعتبره شرطاً لأي مفاوضات سلام ولإيقاف العمليات العسكرية بشكل عام.

ويبدو أن الدافع الأبرز نحو المفاوضات، ما أشار إليه وزير الخارجية البريطاني، بأن قوات التحالف باتت "تشغل موقعاً عسكرياً مهيمناً"، بما يعني أن الموازين تغيّرت وأصبحت الحكومة اليمنية تفاوض مع موقع قوة، خلافاً لفترات سابقة كان التحالف فيها يسعى لتحرير عدن، على الأقل، لتعود إليها الحكومة. ولكن بعد تحرير المحافظات الجنوبية ومأرب والتقدّم في محافظات مثل تعز، أصبح بالإمكان الحديث عن مفاوضات من موقع "قوة".

كما أن من أبرز ما يدفع باتجاه الحل السياسي، إذا ما تعززت فرصه في الفترة المقبلة، هو طول أمد العمليات العسكرية، التي أصبحت في شهرها الثامن، مع تزايد التعقيدات على الصعيد الداخلي في المحافظات المحررة أو تلك التي لا تزال تحت سيطرة الحوثيين وصالح، فيما تمثّل أنشطة المجموعات المسلّحة المحسوبة على تنظيمي "داعش" و"القاعدة" في عدن ومحافظات أخرى، من أبرز عوامل القلق للحكومة والأطراف الدولية والإقليمية المهتمة.

وتأتي التحركات السياسية واللقاءات الدبلوماسية ضمن الجهود التحضيرية لمحادثات السلام المتوقّع أن تنعقد برعاية الأمم المتحدة منتصف نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل على الأرجح، وفقاً لما صرح به أخيراً المبعوث الأممي إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد، الذي يتولى التحضير للمشاورات، وهو كان قد أشار إلى أن الفترة التحضيرية التي قدّرها بأسبوعين، من شأنها تدارك أخطاء اللقاءات السابقة التي فشلت في تحقيق أي تقدّم يُذكر.

ميدانياً، لا تظهر مؤشرات باتجاه وقف الحرب، إذ يرفض الحوثيون وحلفاؤهم حتى اليوم القيام بخطوات تعبّر عن حسن النية، مثل الانسحاب من بعض المدن أو إطلاق المعتقلين السياسيين، وفي المقابل صعّد التحالف بالتنسيق مع "المقاومة الشعبية" من عملياته في تعز، وتتحدث مصادر "المقاومة" والتحالف عن خطة عسكرية لتحرير تعز بدأت خطواتها بدعم "المقاومة" بمزيد من السلاح والضربات الجوية.

اقرأ أيضاً: اليمن:الحكومة حريصة على إنهاء الحرب والسعودية تتوقّع نهاية قريبة

كما تتواصل الضربات الجوية في مختلف المحافظات، وأخيراً ألقى التحالف منشورات على مناطق القبائل في محافظة عمران، يحذر فيها الأهالي من الزج بأبناء القبائل في صفوف المليشيات الحوثية لمواجهة "المقاومة". من جهته، عقد الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، لقاءً مع قائد "المقاومة" في "إقليم تهامة" (الحديدة وما جاورها)، غربي البلاد، الشيخ يحيى منصر، وأكد أن الدولة ستقدّم الدعم لـ"المقاومة"، في مؤشر على استمرار العمليات.

وتتباين القراءات لاستمرار المواجهات الميدانية على الرغم من التقدّم السياسي، الذي تعترف به مختلف الأطراف، فمن جهة يُقرأ استمرار العمليات على أنه محاولة لحصد المزيد من المكاسب قبل الدخول في المفاوضات المقبلة، ومن جهة أخرى، يبدو مؤشراً على هشاشة التقدّم السياسي ويعزز فرص فشله كغيره من المحطات السابقة.

وكانت العاصمة السعودية الرياض، شهدت تحركات سياسية بارزة باتجاه الأزمة اليمنية، مع إعلان هاموند، بعد لقائه مع الملك السعودي سلمان بن عبدالعزيز، أن عمليات التحالف العربي تقترب من نهايتها، معللاً ذلك بأنه "بات لقوات التحالف موقع عسكري مهيمن في البلد". وأشار إلى أن محادثاته مع الملك السعودي ركزت على الحاجة لتسريع النقاش السياسي، وضمان انضمام الحوثيين وحلفائهم لإجراء محادثات "جادة ومعقولة".

وغير بعيد عن تصريحات هاموند، ذهب وزير الخارجية السعودي، الذي تقود بلاده التحالف، إلى أن الحرب في اليمن قد تنتهي قريباً، مشيراً إلى أن من المؤشرات على ذلك أن الحوثيين وصالح قبلوا قرار مجلس الأمن الدولي 2216، والدخول في محادثات ترعاها الأمم المتحدة، على هذا الأساس. وأضاف: "نرى المكاسب التي تحققت على الأرض. معظم الأراضي اليمنية التي سيطر عليها المتمردون جرت استعادتها".

وتزامنت زيارة هاموند إلى السعودية مع لقاءات دبلوماسية للرئيس اليمني ونائبه رئيس الحكومة خالد بحاح، في مقر إقامتهما المؤقت في الرياض، حيث عقدا لقاءين منفصلين، في اليوم نفسه، مع رئيسة بعثة الاتحاد الأوروبي لدى اليمن السفيرة باتينا موشايت، في إطار الجهود التي يتبناها المجتمع الدولي والسفراء الغربيون للدفع بالمسار السياسي إلى الإمام. وصرحت السفيرة الأوروبية، وفقاً لما نقلته وكالة الأنباء اليمنية الرسمية، أن جهود الاتحاد تصب في دعم جهود الحكومة لإرساء "السلام".

وفيما أكد رئيس الحكومة خالد بحاح، حرص الحكومة على إنهاء الحرب في أقرب وقت ممكن، أكد هادي أن "الحكومة تتعامل بإيجابية مع كافة الجهود التي يتبناها المجتمع الدولي وعلى رأسها الجهود التي يبذلها الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، ومبعوثه الخاص إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد، الرامية لإنهاء الانقلاب وإحلال الأمن والاستقرار في مختلف المدن والمحافظات، وذلك من خلال التطبيق الكامل لقرارات مجلس الأمن الدولي وخصوصاً القرار رقم 2216".

اقرأ أيضاً: ولد الشيخ: تحضيرات محادثات اليمن قد تستغرق أسبوعين

المساهمون