بدأت جماعة أنصار الله (الحوثيون) في اليمن إجراءات لبيع مساحات واسعة من الأراضي المملوكة للدولة بالعاصمة اليمنية صنعاء والمحافظات الخاضعة لسيطرتها، في مسعى لتوفير أموال وتمويل حروبهم وليس حل المشكلة الإسكانية، حسب محللين لـ"العربي الجديد".
وكشفت وثيقة رسمية عن إجراءات بدأتها سلطات الحوثيين في صنعاء تتضمن طرح أراض وعقارات مملوكة للدولة للبيع بالمزاد العلني.
وحسب الوثيقة، التي حصلت "العربي الجديد" على نسخة منها، طالب القائم بأعمال رئيس الهيئة العامة لأراضي الدولة وعقاراتها المعين القائم بأعمال رئيس الوزراء الموالي للحوثيين، بالسماح له بعرض أراضي الدولة وعقاراتها في العاصمة صنعاء ومختلف المحافظات الخاضعة لسيطرة الجماعة للتخطيط كمدن سكنية وأراض استثمارية وعرضها للبيع في المزاد العلني وتوريد 70% من عائدات البيع للخزينة العامة و30% لصالح تمويل أنشطة الهيئة.
ويسيطر الحوثيون على العاصمة اليمنية صنعاء و10 محافظات أخرى في شمال ووسط وغرب البلاد بينها محافظة الحديدة المطلة على البحر الأحمر والتي تحتوي على مساحات كبيرة من أملاك الدولة.
وفي هذا السياق، أكد الخبير الاقتصادي اليمني، ياسين التميمي، أن توجه الحوثيين نحو بيع الأراضي، يأتي بهدف إيجاد مصادر تمويل جديدة لحروبهم.
وقال التميمي لـ"العربي الجديد": "ليس لهذه الخطط أية علاقة بحل أزمة الإسكان، ولا يوجد مناخ لتسويق مشاريع استثمارية في ظل بيئة خطرة، والدافع الأساسي هو الحصول على المال بأي طريقة كانت".
وأوضح أن عرض الحوثيين أملاك الدولة للبيع يأتي في سياق المتاجرة بكل ما وقع تحت أيديهم من ثروات، ضمن سوق سوداء كبيرة أنشأوها منذ سيطروا على صنعاء في 21 سبتمبر/أيلول 2014، وهي سوق لا تخدم المواطنين بل ترهقهم وتقضي على مدخراتهم، وتعزز من القدرات المالية للمليشيات وتمويل حربها على اليمنيين.
وحذر رئيس الوزراء اليمني أحمد بن دغر، في تصريحات صحافية، مؤخراً، مليشيات الحوثيين والرئيس المخلوع علي عبد الله صالح الانقلابية، من العبث بأراضي الدولة في المناطق التي مازالوا يسيطرون عليها، مؤكدا أن جميع الإجراءات التي تتخذ من قبلهم ليس لها أثر قانوني، ويتحملون تبعاتها.
ويعيش الحوثيون ضائقة مالية بعد قرار للسلطة الشرعية بنقل البنك المركزي اليمني من صنعاء الخاضعة لسيطرتهم إلى العاصمة المؤقتة عدن (جنوب).
وسلّم البنك المركزي اليمني على مدى عام ونصف العام من الحرب، ميزانيات المؤسسات ورواتب الموظفين لسلطة الحوثيين شهرياً، ومنها 25 مليار ريال (100 مليون دولار) رواتب القطاع العسكري.
وقال المحافظ الجديد للبنك المركزي، منصر القعيطي، في تصريحات صحافية سابقة، "إن وجود المصرف المركزي بصنعاء مكن الحوثيين من التصرف بالموارد العامة للدولة، وحرمان عدد كبير من موظفي الدولة من تسلم مرتباتهم"، موضحا أن "السحوبات النقدية غير القانونية من قبل الحوثيين من خزائن المصرف في صنعاء والحديدة بلغت نحو 450 مليار ريال (1.8 مليار دولار) خلال الـ 18 شهراً الماضية".
ويعاني اليمن أزمة رواتب منذ شهرين، على خلفية نقص السيولة النقدية والتراجع الحاد للإيرادات العامة، أدّت إلى إضراب شامل، شل معظم الوزارات والمؤسسات والهيئات الحكومية.
وتوقع مراقبون ألّا تجد عروض جماعة الحوثيين لبيع الأراضي إقبالا من التجار والمستثمرين، وأن ينحصر الشراء في النافذين والتجار الموالين للجماعة.
ويتراوح سعر اللبنة الواحدة (44 متراً مربعاً) للأراضي داخل العاصمة صنعاء بين 4 و6 ملايين ريال يمني (الدولار = 250 ريالاً)، ويتراجع السعر في أطراف العاصمة إلى 500 ألف ريال للبنة الواحدة، حسب تجار أراض.
وتبلغ مساحة الأراضي المملوكة للدولة ما بين 2% و3% من إجمالي الأراضي فقط، وتشكل أراضي الوقف ما بين 12% و13% من إجمالي الأراضي، وتشكل الأراضي ذات الملكية خاصة الجزء الغالب في المحافظات الشمالية نحو 85%، خاصة في منطقة الأراضي المرتفعة ومنطقة تهامة غرب البلاد، حسب التقارير الرسمية.
واعتبر المتحدث باسم نقابة المحامين اليمنيين فيصل المجيدي، أن أي عملية بيع لعقارات وأراضي الدولة يجب أن تستند إلى مشروعية ممنوحة من الشعب اليمني، والسلطة الحالية في الأساس مغتصبة للسلطة وبالتالي فإن قراراها غير قانوني ويفتقد للمشروعية.
وقال المجيدي لـ"العربي الجديد": "أعتقد أنها محاولة للإثراء غير المشروع على حساب ممتلكات الشعب التي لا يجوز التصرف بها مطلقا إلا في إطار نصوص الدستور والقانون التي تجرم التصرف بالمال العام إلا في حدود ضيقة جدا وبعد الحصول على مبررات حقيقة، على أن تكون من سلطة مخولة دستوريا وقانونيا، وبالتالي فإن واقعة البيع والشراء باطلة وتعد اغتصابا لأموال الشعب".
وحسب دراسة حديثة للتحالف الدولي للموئل - شبكة حقوق الأرض والسكن (حركة عالمية متخصصة في المستوطنات، تضم ما يقرب من 500 عضو في 80 دولة)، فإن الوضع في اليمن خارج إطار الدولة، وتخضع عملية إدارة وتنظيم الأراضي لقرارات سياسية فردية قائمة على التمييز القبلي، فضلاً عن فساد نظام تسجيل الأراضي.
وتوضح الدراسة المعنونة بـ "عسكرة الأراضي وضمان أمن الحيازة: مصر واليمن نموذجاً"، أن معضلة الأراضي برزت بشكل كبير في أهم بلدان الربيع العربي وهما مصر واليمن، حيث كانت قضايا النزاع على الأراضي بسبب عدم معالجة حالات وضع اليد من قبل أطراف متنوعة، فضلاً عن ازدياد جرائم نهب الأراضي العامة من قبل المسؤولين وأصحاب النفوذ، وسوء إدارة الدولة للأراضي والموارد الطبيعية، بما في ذلك عدم التوزيع العادل لها بين الشرائح المحرومة من المجتمع".
وشمل نهب الأراضي مساحات واسعة من المواقع الهامة والتجارية تحت ذريعة مشاريع سكنية أو تجارية لكبار المسؤولين، وتضمنت أيضا مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية التي صودرت بقانون الإصلاح الزراعي وقسمت على النخبة العسكرية القبلية بصنعاء والمقربين من النظام الحاكم، خاصة في مناطق عدن والحديدة ولحج وأبيين، حسب الدراسة.
وكانت مصادر حكومية كشفت لـ "العربي الجديد"، نهاية يونيو/حزيران الماضي، أن الحوثيين تصرفوا بمساحات كبيرة من أراضي الدولة وعقاراتها داخل وفي محيط العاصمة صنعاء، بتوزيعها على أسر قتلاها الذين سقطوا في المواجهات في صفوفها.
وأكدت المصادر في هيئة الأراضي بصنعاء، أن الحوثيين أقدموا على تمليك أكثر من 31 مليون متر مربع في 14 موقعا هاما من أراضي الدولة وعقاراتها بالعاصمة صنعاء.
وحسب المصادر، التي رفضت ذكر اسمها، نهبت المليشيات حوالي 12 مليون متر مربع من أراضي الدولة في محافظات الحديدة (غرب) وريمة (وسط) وعمران (شمال).
وأكد رئيس الهيئة العامة للأراضي والمساحة والتخطيط العمراني عبدالله الفضلي، مطلع ديسمبر/كانون الأول 2015، تلقي الهيئة بلاغات عن تعرض أراض وأملاك تعود ملكيتها للدولة بمحافظة الحديدة للاعتداء والتسجيل في السجل العقاري بمكتب الهيئة بالمحافظة وبشكل مخالف للقوانين واللوائح، عقب ذلك هاجم مسلحون حوثيون مكتب الفضلي قبل إقالته وتعيين أحد الموالين للجماعة رئيسا لهيئة الأراضي.
اقــرأ أيضاً
وكشفت وثيقة رسمية عن إجراءات بدأتها سلطات الحوثيين في صنعاء تتضمن طرح أراض وعقارات مملوكة للدولة للبيع بالمزاد العلني.
وحسب الوثيقة، التي حصلت "العربي الجديد" على نسخة منها، طالب القائم بأعمال رئيس الهيئة العامة لأراضي الدولة وعقاراتها المعين القائم بأعمال رئيس الوزراء الموالي للحوثيين، بالسماح له بعرض أراضي الدولة وعقاراتها في العاصمة صنعاء ومختلف المحافظات الخاضعة لسيطرة الجماعة للتخطيط كمدن سكنية وأراض استثمارية وعرضها للبيع في المزاد العلني وتوريد 70% من عائدات البيع للخزينة العامة و30% لصالح تمويل أنشطة الهيئة.
ويسيطر الحوثيون على العاصمة اليمنية صنعاء و10 محافظات أخرى في شمال ووسط وغرب البلاد بينها محافظة الحديدة المطلة على البحر الأحمر والتي تحتوي على مساحات كبيرة من أملاك الدولة.
وفي هذا السياق، أكد الخبير الاقتصادي اليمني، ياسين التميمي، أن توجه الحوثيين نحو بيع الأراضي، يأتي بهدف إيجاد مصادر تمويل جديدة لحروبهم.
وقال التميمي لـ"العربي الجديد": "ليس لهذه الخطط أية علاقة بحل أزمة الإسكان، ولا يوجد مناخ لتسويق مشاريع استثمارية في ظل بيئة خطرة، والدافع الأساسي هو الحصول على المال بأي طريقة كانت".
وأوضح أن عرض الحوثيين أملاك الدولة للبيع يأتي في سياق المتاجرة بكل ما وقع تحت أيديهم من ثروات، ضمن سوق سوداء كبيرة أنشأوها منذ سيطروا على صنعاء في 21 سبتمبر/أيلول 2014، وهي سوق لا تخدم المواطنين بل ترهقهم وتقضي على مدخراتهم، وتعزز من القدرات المالية للمليشيات وتمويل حربها على اليمنيين.
وحذر رئيس الوزراء اليمني أحمد بن دغر، في تصريحات صحافية، مؤخراً، مليشيات الحوثيين والرئيس المخلوع علي عبد الله صالح الانقلابية، من العبث بأراضي الدولة في المناطق التي مازالوا يسيطرون عليها، مؤكدا أن جميع الإجراءات التي تتخذ من قبلهم ليس لها أثر قانوني، ويتحملون تبعاتها.
ويعيش الحوثيون ضائقة مالية بعد قرار للسلطة الشرعية بنقل البنك المركزي اليمني من صنعاء الخاضعة لسيطرتهم إلى العاصمة المؤقتة عدن (جنوب).
وسلّم البنك المركزي اليمني على مدى عام ونصف العام من الحرب، ميزانيات المؤسسات ورواتب الموظفين لسلطة الحوثيين شهرياً، ومنها 25 مليار ريال (100 مليون دولار) رواتب القطاع العسكري.
وقال المحافظ الجديد للبنك المركزي، منصر القعيطي، في تصريحات صحافية سابقة، "إن وجود المصرف المركزي بصنعاء مكن الحوثيين من التصرف بالموارد العامة للدولة، وحرمان عدد كبير من موظفي الدولة من تسلم مرتباتهم"، موضحا أن "السحوبات النقدية غير القانونية من قبل الحوثيين من خزائن المصرف في صنعاء والحديدة بلغت نحو 450 مليار ريال (1.8 مليار دولار) خلال الـ 18 شهراً الماضية".
ويعاني اليمن أزمة رواتب منذ شهرين، على خلفية نقص السيولة النقدية والتراجع الحاد للإيرادات العامة، أدّت إلى إضراب شامل، شل معظم الوزارات والمؤسسات والهيئات الحكومية.
وتوقع مراقبون ألّا تجد عروض جماعة الحوثيين لبيع الأراضي إقبالا من التجار والمستثمرين، وأن ينحصر الشراء في النافذين والتجار الموالين للجماعة.
ويتراوح سعر اللبنة الواحدة (44 متراً مربعاً) للأراضي داخل العاصمة صنعاء بين 4 و6 ملايين ريال يمني (الدولار = 250 ريالاً)، ويتراجع السعر في أطراف العاصمة إلى 500 ألف ريال للبنة الواحدة، حسب تجار أراض.
وتبلغ مساحة الأراضي المملوكة للدولة ما بين 2% و3% من إجمالي الأراضي فقط، وتشكل أراضي الوقف ما بين 12% و13% من إجمالي الأراضي، وتشكل الأراضي ذات الملكية خاصة الجزء الغالب في المحافظات الشمالية نحو 85%، خاصة في منطقة الأراضي المرتفعة ومنطقة تهامة غرب البلاد، حسب التقارير الرسمية.
واعتبر المتحدث باسم نقابة المحامين اليمنيين فيصل المجيدي، أن أي عملية بيع لعقارات وأراضي الدولة يجب أن تستند إلى مشروعية ممنوحة من الشعب اليمني، والسلطة الحالية في الأساس مغتصبة للسلطة وبالتالي فإن قراراها غير قانوني ويفتقد للمشروعية.
وقال المجيدي لـ"العربي الجديد": "أعتقد أنها محاولة للإثراء غير المشروع على حساب ممتلكات الشعب التي لا يجوز التصرف بها مطلقا إلا في إطار نصوص الدستور والقانون التي تجرم التصرف بالمال العام إلا في حدود ضيقة جدا وبعد الحصول على مبررات حقيقة، على أن تكون من سلطة مخولة دستوريا وقانونيا، وبالتالي فإن واقعة البيع والشراء باطلة وتعد اغتصابا لأموال الشعب".
وحسب دراسة حديثة للتحالف الدولي للموئل - شبكة حقوق الأرض والسكن (حركة عالمية متخصصة في المستوطنات، تضم ما يقرب من 500 عضو في 80 دولة)، فإن الوضع في اليمن خارج إطار الدولة، وتخضع عملية إدارة وتنظيم الأراضي لقرارات سياسية فردية قائمة على التمييز القبلي، فضلاً عن فساد نظام تسجيل الأراضي.
وتوضح الدراسة المعنونة بـ "عسكرة الأراضي وضمان أمن الحيازة: مصر واليمن نموذجاً"، أن معضلة الأراضي برزت بشكل كبير في أهم بلدان الربيع العربي وهما مصر واليمن، حيث كانت قضايا النزاع على الأراضي بسبب عدم معالجة حالات وضع اليد من قبل أطراف متنوعة، فضلاً عن ازدياد جرائم نهب الأراضي العامة من قبل المسؤولين وأصحاب النفوذ، وسوء إدارة الدولة للأراضي والموارد الطبيعية، بما في ذلك عدم التوزيع العادل لها بين الشرائح المحرومة من المجتمع".
وشمل نهب الأراضي مساحات واسعة من المواقع الهامة والتجارية تحت ذريعة مشاريع سكنية أو تجارية لكبار المسؤولين، وتضمنت أيضا مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية التي صودرت بقانون الإصلاح الزراعي وقسمت على النخبة العسكرية القبلية بصنعاء والمقربين من النظام الحاكم، خاصة في مناطق عدن والحديدة ولحج وأبيين، حسب الدراسة.
وكانت مصادر حكومية كشفت لـ "العربي الجديد"، نهاية يونيو/حزيران الماضي، أن الحوثيين تصرفوا بمساحات كبيرة من أراضي الدولة وعقاراتها داخل وفي محيط العاصمة صنعاء، بتوزيعها على أسر قتلاها الذين سقطوا في المواجهات في صفوفها.
وأكدت المصادر في هيئة الأراضي بصنعاء، أن الحوثيين أقدموا على تمليك أكثر من 31 مليون متر مربع في 14 موقعا هاما من أراضي الدولة وعقاراتها بالعاصمة صنعاء.
وحسب المصادر، التي رفضت ذكر اسمها، نهبت المليشيات حوالي 12 مليون متر مربع من أراضي الدولة في محافظات الحديدة (غرب) وريمة (وسط) وعمران (شمال).
وأكد رئيس الهيئة العامة للأراضي والمساحة والتخطيط العمراني عبدالله الفضلي، مطلع ديسمبر/كانون الأول 2015، تلقي الهيئة بلاغات عن تعرض أراض وأملاك تعود ملكيتها للدولة بمحافظة الحديدة للاعتداء والتسجيل في السجل العقاري بمكتب الهيئة بالمحافظة وبشكل مخالف للقوانين واللوائح، عقب ذلك هاجم مسلحون حوثيون مكتب الفضلي قبل إقالته وتعيين أحد الموالين للجماعة رئيسا لهيئة الأراضي.